ان كنا نحن لا نحتمل الآخر داخل حدود الوطن فكيف للآخر خارج الحدود ان يسمح لنا بان نستغل حدوده بما نشاء وكيفما نشاء كمسرح للنزاعات السياسية والجهوية.. نحن السودانيين دائمًا ما نُتهم بأننا بارعون في غسل الادران بالخارج ولا نبالي ونخصم من رصيدنا القيمي من ادب التسامح والتوافق وبالقدر الذي يعطي الآخر قناعة راسخة بأننا فاشلون في تسوية مشكلاتنا سلميًا حينها يصبح الجنوح القبلي والتشاكس السياسي سبيلنا الذي لا فكاك منه نغذيه بكل معطيات الفشل فكم من الجهد في الوقت والمال اهدرناه في ما لا طائل منه فحصدنا من الغربة سرابًا ومن السياسة شقاقة ومن الجاليات ارسينا جهوية بكل مفاهيمها الاقصائية، انها الحقيقة التي لا نقولها الا اعترافًا باطنيًا. وبذات القدر الذي تتمدد فيه ازماتنا الداخلية وتتسع قاعدة الشقاق بين جماعة الرصيف ومنظومة السلطان تتسع ايضًا قاعدة الصراعات السودانية بالخارج وداخل المكونات الاجتماعية حيث لا سبيل لاي مكونات اخري تحت اي مسمى سياسي فهو غير مسموح به هنا في المهجر «السعودي»، هذه حقيقة تعلمها جيدًا الجهات الواصلة في قمة الجهاز السياسي للدولة السودانية، ولكننا في مفهوم الآخرين نتجاوز حدود الممكن ونستغل سماحة الآخرين.. ما دعانا الى هذا الطرح او الاشارة الى هذه القضية ان جهات نافذة او معتبرة نقلت الينا حيثياث منشور او بيان صادر عن القنصلية العامة بالمملكة العربية السعودية يتحدث بوضوح عن ضيق ماعون الدولة لاستيعاب صراعات السودانيين عبر كل جالياتهم او تكويناتهم الاجتماعية والطوعية الاخرى في المملكة، ولا ندري ان كان هذا التحجيم يشمل كل التكوينات السودانية في شتى انحاء الدنيا.. ام ان السودانيين بالمملكة هم المعنيون بالدرجة الاولى، يبدو ان الجاليات السودانية بالمملكة حالة استثنائية وظاهرة غير صحية على الاقل في نظر السلطات السودانية ومن ثم لا بد من وضع معالجات للحد من اي اسقاطات يمكن ان تحسب خصمًا على طبيعة الحراك المشترك بين السودان والمملكة.. قبل ايام قليلة اشارت بعض التسريبات الى ان هناك توجهًا قويًا من الحكومة السودانية او بالاحرى من الخارجية بانها بصدد ايقاف كل الأنشطة الخاصة بالجاليات او الروابط الولائية او الجمعيات المهنية الأخرى وذلك على خلفية التباينات اوالصراعات المحتدمة وخصوصًا في منطقة جدة الامر الذي افرز حالة من التشظي والحروب الاعلامية بين كل قيادات الجاليات بالمملكة ربما يكون لهذا التوجه ردود فعل واسعة وستنشغل الاوساط السودانية هنا كثيرًا بهذه الاوضاع المستجدة ربما لم تستجب القيادات لهذه الفكرة وهي ذات الفكرة التي قد تجد الترحيب والاستحسان من الإرادة الغالبة من المغتربين خصوصًا ان عامة المغتربين لايبدو أنهم راضون عن حالة الصراع هذه ويعتقدون ان كل الذي يجري في ساحتهم لا يخصهم ولكنه يعني بالدرجة الاولى قيادات تسببت في اطالة امد الصراع واضاعت مكاسب وحقوق المغتربين.. نتمني ان نكون مخطئين اذا اعتقدنا ان مرحلة ما بعد تجميد هذه الأنشطة ستكون الاكثر شراسة ما بين قيادات الجالية من جهة وما بين هذه القيادات والجهات الرسمية في الدولة من جهة ثانية وايًا كانت تأثيرات هذا القرار الرسمي فان الملعب بات مهيأ تمامًا لطور جديد من الحراك المتعدد الجوانب فهو حراك يصب في اتجاه التغيير الذي هو سنة الحياة.