دافعت دولة الجنوب بقوة بشأن تصويتها لصالح القرارالذى يدعم وضع فلسطين فى الأممالمتحدة قائلة: «إن تصويتها لصالح القرار هو دعم لحق تقرير المصير للفلسطينيين» وبحسب «سودان تربيون» فإن 138 عضوا فى الأممالمتحدة قد صوتوا لصالح منح فلسطين صفة العضو المراقب فى المنظمة العالمية، حين صوت تسعة ضد القرار من ضمنهم إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية التى انتقدت التصويت على الفور، واصفة إياه بالقرار المؤسف الذى سيأتى بنتائج عكسية، ويضع عراقيل إضافية على طريق السلام. وكان دفع الله الحاج ممثل السودان الدائم لدى الأممالمتحدة ورئيس المجموعة العربية، قد قدم مسودة القرار للجمعية العامة للأمم المتحدة فى 28 نوفمبر نيابة عن اللجنة الفلسطينية للدفاع عن الحق الفلسطيني، حيث عنون القرار بحالة فلسطين فى الأممالمتحدة الذى ترعاة 58 دولة من بينها الصين والجزائر والبرازيل وكوبا وكينيا ونيجيريا وباكستان وبيرو وقطر والسنغال وجنوب إفريقيا وطاجكستان وزيمبابوى. ويقول مشروع القرار إن ذلك يؤكد حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير والاستقلال بدولته فلسطين على حدود العام 1967، وبالرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية العنيفة التى واجهتها الدولة الجديدة جراء تصويتها لصالح القرار، إلا أن فرانسيس نزاريو نائب رئيس بعثة جنوب السودان فى الأممالمتحدة، دافع عن قرار بلاده قائلاً: «لا يمكن نكران حق الشعب الفلسطيني فى الاستقلال بدولته عن طريق التفاوض من خلال اتفاق سلام، ليصبح دولة مستقلة لها الحق فى الحصول على العضوية الكاملة للأمم المتحدة، كما أن دولة الجنوب تؤيد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهو حق مكفول بموجب ميثاق الأممالمتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية الحقوق المدنية والسياسية وغيرها العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة». ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الدولة الوليدة تحاول ممارسة ضغوط ناعمة على حلفتيها وربيبتيها التقليديتين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، بعد أن تدهورت علاقتها بأمريكا بسبب الأكاذيب المتتالية التى أطلقها رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت على نظيره الأمريكي باراك أوباما بشأن دعمه لقطاع الشمال المتمرد على الخرطوم. حيث قال تقرير نشرته صحيفة «ماكلاتشى» الأمريكية تحت عنوان (أكاذيب كير تلون زيارة هيلاري لدولة الجنوب بالسواد) أن زيارة كلنتون جاءت بهدف إرسال رسالة واضحة للرئيس كير مفادها ضرورة إحراز تقدم فى المفاوضات مع السودان أو مواجهة العقوبات المحتملة فى محاولة يائسة لإعادة العلاقات المتعثرة بين البلدين والناغمين عن القرارات المحبطة والأحادية التى اتخذها القادة الجنوبيون ومن أهمها بحسب التقرير، إغلاق إنتاج النفط ثم التقدم شمالاً، واحتلال حقل هجليج. ويبدو أن التوتر بين الدولتين قد امتد إلى القادة، إذ كشفت مصادر مطلعة لذات الصحيفة أن المشاكل بين الرئيسين قد ظهرت للسطح لأول مرة عندما التقيا على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضي، فبعد أجتماع دام لأكثر من نصف ساعة نفى كير أن يكون أوباما قد ضغط عليه من أجل إنهاء الدعم للمتمردين فى السودان، نافياً دعم بلاده للمتمردين نفياً قاطعاً، الأمر الذى أثار غضب البيت الأبيض الذى لديه معلومات استخباراتية قوية عن العلاقة بين الحركة الشعبية والحركة الشعبية قطاع الشمال المتمردة على الخرطوم، والتى تسببت فى استمرار النزاع الحدودي بين الدولتين. كما أن العلاقة بين أوباما وكير قد وصلت إلى أدنى مستوياتها بعد المكالمة التى جرت بين الرئيسين فى الثاني من أبريل بعد أيام من الاشتباكات المسلحة على الحدود، ففى تلك المكالمة أكد كير لأوباما أن الحركة الشعبية لن تستمر فى التوغل شمالاً للاستيلاء على حقل هجليج، وبعد ثمانية أيام احتلت الحركة الشعبية هجليج، الأمر الذى خلق هوة عميقة من عدم الثقة بين الرجلين، ودفع بالخارجية الأمريكية إلى إصدار تقرير لاذع عن سجل جنوب السودان فى مجال حقوق الإنسان والفساد، ويبدو أن الدولة الوليدة كانت مستعدة للتضحية بالغالي والنفيس من أجل رأب صدع علاقتها بربيبتها أمريكا لتتجاهل العمق العربي الإسلامى فى إقليمها، ودولياً من خلال توطين علاقتها بإسرائيل، عندما أعلن رئيسها سلفا كير ميارديت أثناء زيارته للدولة العبرية، بناء قنصليته فى القدس بدلاً عن تل أبيب فى إشارة واضحة لدعم إسرائيل فى حربها ضد فلسطين، ومحاولاتها طمس الهوية العربية والإسلامية من خلال تهويد القدس الشريف، فضلاً عن تكوين لجان حكومية تحت إشراف نائب الرئيس الدكتور رياك مشار تشرف على ترحيل الحجيج وتقديم كل الخدمات لهم أثناء فترة الحج، إضافة إلى شراء القرابين وتغطية نفقات الحج على حساب حكومة الجنوب، غير أن أحفاد بني قريظة وبني النضير سرعان ما كشروا عن أنيابهم، وألقوا ورقة التوت التى تخفي عوراتهم بعد أن أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي فى حوار أجرته معه صحيفة «معاريف الإسرائيلية» أن أسرائيل للرجل الأبيض ولا مكان فيها للسود، وأن السود والفلسطينيين سيتسببون فى إنهاء الحلم الإسرائيلي، ويمثلون ذات الخطر الذى يهدد وجود الدولة العبرية مشبهاً إياهم بالسرطان الذى ينشر الايدز وسط الإسرائيليين وهو ما يخالف تماماً ادعاءات الجنوبيين الذين يضعون أنفسهم على قدم المساواة مع الصهاينة فى الدفاع عن الوجود الإسرائيلي فى الأراضي العربية. ويبدو أن دولة الجنوب التى تعيش سلسلة من الاستفاقات القسرية والقصيرة فى آن، جراء الضعف والهزال السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، رأت أن من الحكمة بمكان التوجه صوب العالم الإسلامي والعربي من خلال دعم قرار موقف فلسطين فى الأممالمتحدة، بعد انتقاد نزاريو لموقع «سودان تربيون» من جوبا الهجوم الإعلامي الشرس على دولته بسبب مناصرتها القرار، قائلاً: نحن نتخذ القرارات التى بها مصلحة دولة الجنوب، وقد لا يرى الناس إيجابيات هذا الموقف فى الوقت الراهن، إلا أنه سوف يحين الوقت الذى ستثاب فيه دولة الجنوب عليه دبلوماسياً، شارحاً التحديات التى تواجه دولته، وحاجتها لمساعدة كل بلدان العالم، بما فى ذلك الدول الشقيقة والصديقة للشعب الفلسطيني. مشيراً إلى أن دولته ليست الوحيدة التى صوتت لصالح القرار، بل هناك دول دائمة العضوية فى مجلس الأمن صوتت لصالحه كفرنسا.