كمدخل لهذا الموضوع أطرح هذا التساؤل المباح: هل تخلينا عن المشروع الإسلامي؟ وهل أصبحت قضية تطبيق الشريعة الإسلامية مجرد لافتة قديمة. ثم لماذا تشغل الهيئة التشريعية وقتها بالنظر في القوانين العلمانية وألا يزال انتظارنا للدستور الإسلامي قائمًا؟؟ إذا أجاز المجلس الوطني قانون العنف ضد المرأة يكون بذلك قد قدم اعترافاً موثقاً بصحة كل الحجج والمبررات التي يسوقها العلمانيون واليساريون لدعاوى إصدار هذا القانون وأهمها دعوى عدم صلاحية الشريعة الإسلامية في معالجة قضايا المجتمع. وهو اعتراف يصدر عن أعلى هيئة تشريعية نعول عليها في المحافظة على الوجدان الإسلامي عقيدة ودولة ونظامًا. أعجب للغفلة التي فيها العلماء والفقهاء والإسلاميات الرساليات أعجب لهم ولهن وهم يتفرجون على وسائل الإعلام القومية والخاصة وقد تسلل إليها العلمانيات واليساريات سافرات متبرجات يتجرأن على نصوص الشريعة الإسلامية في الزواج والأسرة والمجتمع ويتحدثن عن عدم صلاحيتها ويتهمن الشريعة بالقصور ولا نرى أحدًا يتصدى لعداء العلمانيين الصريح للدين. ذلك لا شك يعكس مدى الانهزام النفسي والارتباك الفكري الذي نعيش فيه هذه الأيام مما يجعلنا نسكت حتى عن رد الإساءة عن ديننا. من يظن أن الموضوع قضية عنف ضد المرأة فقط فهو واهم .إنها قضية قديمة قضية علمنة المجتمع جهات عدة تعمل من أجل ذلك. والوقت مواتٍ الآن فلقد انشغل الإسلاميون عن شعاراتهم وتنافسوا حول الدنيا وأوهنتهم الانشقاقات فليس أنسب من الآن في القيام بمحاولة تنفيذ الأهداف العلمانية. وليس هناك فرصة أفضل من تجاوب أجهزة الدولة معهم. فهاهن كل يوم على قنوات الإعلام يجلسن سافرات متبرجات يقدحن في الشريعة الإسلامية. قلن إن الشريعة قاصرة عن تحقيق طموحات المرأة وإن عقد الزواج الإسلامي مجحف في حق المرأة. جئن من خلال إعلام الدولة المسلمة جئن تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية يعلن عن منظمة هدفها تطليق النساء ومساعدة البنات على العقوق بالخروج عن طوع والديهن .ويسقن القصص. لم لا فلقد أجزن قانون حماية الطفل «العلماني» رغم صراخ العلماء قبلاً. واليوم سنجيز فانون العنف ضد المراة «العلماني» أيضًا. أنا لا ألوم العلمانيات أواليساريات لأنهن يعملن في إطار منظورهن الفكري ومن ورائهن العلمانيون جميعًا من أجل إقامة دولة العلمانية وكلنا يعلم شعارهم «مجتمع مدني علماني ديمقراطي حديث يضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع»، نعم يريدون أن يقيموا مجتمعًا يؤمنون به وليس مجتمعًا تسيطر فيه المفاهيم الإسلامية التي يصفونها بالمتخلفة وضد التطور المدني ولقد جاء في منتدى التمدن العربي «في الوقت الذي تتفاعل فيه الأنظمة العربية الحاكمة مع المواثيق الدولية إيجابيًا لتثبيت الحقوق النسائية كما هو متعارف عليه دوليًا نجد الاتجاهات الإسلامية تتصدى بشراسة لكل مجالات التغيير التي تهم أوضاع المرأة وحقوقها» انتهى قولهم!! ولكن أين تلك الجماعات الإسلامية اليوم في السودان المجتمع العلماني لا يقوم على قيم الدين ولا يؤمن بتحفيز السماء على المثل العليا والأخلاق الفاضلة، بل بدافع الإشباع الذاتي وبمبدأ التوافق وإن أ دى هذا التوافق إلى ممارسة رذيلة فيدعو إلى التحلل ومن قيود التربية الاجتماعية، إن المجتمع المسلم لا يمارس الفضيلة تقيداً ولا إرهاباً تحت الضغود كما تريد أن تصورها لنا العلمانيات من خلال الأمثلة الفاشلة اجتماعياً إنما القضية عبادة إننا نتعبد بإقامة الفضائل، «فإن الأمر بالمعروف أي معروف والنهي عن المنكر أي منكر -» قيمة دينية جاءت بأمر من الله وركن هام في قانون بناء المجتمع المسلم، «ذلك إن كنا مؤمنين». رحم الله الشيخ أحمد علي الإمام فلقد سمعته يقول عن قانون حماية الطفل: سدّوا الباب أمام هذا القانون فإنه سيفتح الباب أمام قوانين أخرى، وها قد تم!! إن أكبر خطأ عقدي وثقافي وفكري واجتماعي ارتكب في حقنا هو ممارسة ذلك التفويض الذي بموجبه تم التوقيع وبلا مرجعية على إعلان الأممالمتحدة في قانون الطفل والمرأة، إن الدول الإسلامية جميعها تحفظت على القانون خاصة المواد «2 و7 و9 و15 و16 و29» لأنها مخالفة للإسلام، ولكننا جئنا وأقمنا الندوات والمؤتمرات نبشر بهذه القوانين العلمانية وتحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، إن تسلل هذه القوانين إلى القانون السوداني سيجعل الحكم بالشريعة الإسلامية أمراً صعباً وسيتحول الشعار إلى لافتة صدا ويستحيل إلغاؤها بعد مرورها بالهيئة التشريعية العُليا. لقد وعدنا السيد الرئيس باقامة الشريعة يوم أن انفصل الجنوب!! هل ترانا مضغوطين من المجتمع الدولي كما يقول البعض؟؟ أعود وأقول إنها سلبيات وأخطاء الاختيار للمقاعد. لقد قلت قبلاً وعلى ذات هذا المنبر إنه على الدولة أن تقيم معايير لاختيار النساء للمناصب العامة ويجب أن يكون الاستقرار الأسري الذي يقيم التوازن النفسي واحدًا منها لأنه هوالصمام في إصدار الأحكام المتوازنة على القضايا التي تتعلق بالحياة الاجتماعية. النمط المطروح هذه الأيام من خلال الإعلام شكل منسجم من النساء دفعت بهن من هن وراء هذا المشروع تجمعهن العاهات الاجتماعية من خلال ظروفهن فرسمن صورة قاتمة للحياة الأسرية والعلاقات الزوجية. فظن البعض أنه لا توجد في المجتمع إلا هذه الصور. فأين تلك الأم والزوجة في الأسرة الآمنة المستقرة التي نعول عليها في بناء الفرد الصالح الإيجابي في مجتمع الفضيلة والعفة كيف لا نسمع لهن رأي. إن هؤلاء اللاتي يطللن كل يوم علينا قد فقدن دورهن الاجتماعي المنسجم مع الوجدان بما صار بهن الحال. هل يعقل أن يصبح المجتمع كله «حالة» من النساء المطلقات والمخلوعات من الأسر.