يلاحظ أن من يدخلون إلى الإسلام من غير المسلمين بعد أن يبلغوا الرشد هم العلماء والمفكرون والأذكياء، أما من يخرجون منه فهم الجهلاء والمستغفلون والأغبياء والقصّر. يمكن أن نقدِّم نماذج كثيرة لعلماء تركوا دينهم وعقائدهم ودخلوا في الإسلام. لكن أي عالم أو مفكر مسلم ارتد عن دينه ردة كاملة؟!.. وهنا نقول بالتحديد «ردة كاملة» .. لأن هناك من يراه الناس عالماً ومفكراً لكنه ارتد «ردة جزئية».. مثل محمود محمد طه، وقديماً مثل الحلاّج.. وكانت «الردة الجزئية» أصلاً قبل العهد الذي عاش فيه الحلاّج، في بداية عهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه حيث رفض بعض المسلمين دفع الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام هدفها محاربة الفقر في المجتمع المسلم، وأن يكون للفقراء حق شرعي معلوم فرضه الخالق الرازق. ظاهرة الردة الجزئية قديمة وسط المسلمين، ومن مساوئها في المجتمع المسلم أنها تشجّع بعض الجهلاء من طلاب وطالبات وغيرهم في ظل الظروف الاقتصادية المزرية على الاستجابة للانتقال من النور إلى الظلمات. من الدين الحق إلى دين مُزيّف ومحرّف يحمل شعاراً وهمياً لا معنى له ولا حقيقة ولا قيمة. والله سبحانه وتعالى يقول: «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم».. ويقول جل شأنه: «وما قتلوه يقيناً». إن أمثال محمود محمد طه والحلاج والقمِّي والدربسي والطوسي ونعمة الله الجزائري والحر العاملي والمفيد أبو القاسم والخوئي هم الذين يفتحون شهية المنصّرين للعمل وسط المجتمعات المسلمة. لا ريب أن سيدنا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام سيغضب غضباً شديداً على كل من رفع وحمل الصليب، وسيرى أنهم ضالون كما أخبر الله سبحانه وتعالى :«غير المغضوب عليهم ولا الضالين». إن سيدنا عيسى والحواريين بريئون من الصليب ومن الكتب المحرّفة. إن الذي يدخل إلى الإسلام يقوده عقله ووعيه وذكاؤه، لكن الذي يخرج منه إلى دين آخر أو إلى إلحاد دعا إليه ماركس ولينين فإن من يقوده إلى ذلك هو فقره وجهله وشهواته ونزواته وغباؤه. إن الصليب عاد إلى السودان مع استعمار محمد علي باشا الذي يقال إنه يهودي مختفي خلف اسمه هذا، وعاد مع اليهودي سلاطين رودلف قبل الحكم التركي، وعاد بقوة مع حملة كتشنر التي كان من ضمنها من ارتدوا عباءة رجال الدين ليضلوا بها كثيراًمن البسطاء.. دخل الاستعمار البريطاني أو بالأحرى الاحتلال البريطاني إلى شمال السودان في بعض مناطق جبال النوبة وإلى جنوب السودان بغرض تنصير الوثنيين هناك، كانوا حذرين من المجتمعات المسلمة في السودان لكن بحكم أنهم محتلون فكانوا يوفرون فيها بالتصديق الرسمي بيوت الدعارة والشذوذ الجنسي حتى يصبح المجتمع المسلم مسلماً بالاسم فقط، كان الإسناد لهذه المؤامرات أيضاً يأتي من قبل المحافل الماسونية. إن جنوب السودان كان أيام الاحتلال البريطاني إقليماً مقفولاً بموجب قانون المناطق المقفولة لغرض التنصير، لقد دخل مشروع التنصير لأوّل مرة إلى جنوب السودان على أكتاف الاحتلال البريطاني. وقد عاد المبشِّرون إلى جنوب السودان على أكتاف ما تسمى ثورة 21 أكتوبر عام 1964م للأسف الشديد، فكان قد طردهم الرئيس عبود. ما حدث يعني مدى الخلل في المناهج التعليمية وفي برامج وسائل الإعلام الرسمية إن برنامج نجوم الغد مثلاً يشجع على عدم التديُّن والالتزام بأحكام الإسلام ومثله يتفق جوهرياً مع برامج ومشروعات الاحتلال البريطاني في المجتمعات الممسلمة.