جامعة الإمام المهدي هذا الصرح الكبير واحدة من إنجازات ثورة التعليم العالي التي عمَّت هذا الوطن وانداحت ثمارها خيراً وبركة للسودان عامة والنيل الأبيض خاصة والجزيرة أبا بالأخص. هذه الجامعة كانت مطلباً وحلماً لأهل الجزيرة أبا حققته ثورة الإنقاذ الوطني باستجابتها لمطالب وفود قادها أبناء الجزيرة أبا منذ «1989م» طالبت بتمليك الأراضي السكنية بالجزيرة أبا وإعادة التخطيط وشبكة الكهرباء والمياه وطريق ظلط وإستاد لكرة القدم وجامعة باسم الإمام المهدي استجاب الأخ /رئيس الجمهورية في لقاء جماهيري بالجزيرة أبا لكل المطالب وتم تنفيذها جميعاً حتى الآن. وبعد عشرين سنة صار الناس يقيمون هذه الإنجازات ومدى صمودها أمام التحديات التي تواجهها، وبالرغم من العوائق والمتاريس أمامها إلا أنها حتى الآن حققت كثيرًا من طموح أهلنا البسطاء. للمتابع لمسيرة جامعة الإمام المهدي عبر مديريها السابقين والآن يلحظ إنجازات كبرى تحقَّقت خاصة في عهد البروفيسور عبد الرحيم المدير الأسبق شملت توسعًا في البنيات التحتية والأفقية بزيادة الكليات وتشييد القاعات وغيرها. ولكن يبدو أن أعداء النجاح وما أكثرهم بولاية النيل الأبيض سياسيين وشعبيين وأكاديميين داخل الجامعة وخارجها صاروا حجر عثرة لتقدم هذه الجامعة، فالخلافات السياسية والجهوية والاثنية من المؤسف جداً أنها انداحت داخل مؤسسات هذه الجامعة بل صار أعداء النجاح منظمين ومرتبين ويُسمع صوتهم ويُنفَّذ رأيهم من قِبل صانعي القرار. المواطن العادي البسيط في الجزيرة أبا مثلاً لا يهمه من هو المدير أو العميد ولكنه يريد أن يذهب ابنه إلى الجامعة ويعود ليتخرج في الزمن المحدد للكلية يحمل همَّه وحلمه ويريد أن يحس بالجامعة في معاشه من الخدمات التي يوفرها لطلاب الجامعة ومؤسساتها ودعم الجامعة للمستشفيات والمساجد والمدارس والمنابر دعماً مادياً وثقافياً ليطمئن لرسالة الجامعة، ولكن عندما يتظاهر الطلاب بهتافات جهوية وتثور نقابة العاملين لأسباب مصلحة مغلفة بمطالب واقعية ويخاطب بعض الأساتذة والعاملين بالجامعة وطلابها عوام الناس بجهوية المدير وقبلية العميد وفساد الوكيل والمؤهلات المزوَّرة والخدمات المبعثرة ويكذب الواقع في الجامعة ما يقوله هؤلاء، حينها يفقد الناس الثقة في رسالة الجامعة ومقام الأستاذ الجامعي ومستقبل الخريج من كلياتها. نحن أصحاب المصلحة الحقيقيون من أبناء النيل الأبيض عامة والجزيرة أبا خاصة أصابنا السأم والملل والخوف على مستقبل هذه الجامعة العريقة لمآلات الأحداث وتواترها في السنين الأخيرة. كل أهل النيل الأبيض يقدرون للبروف العالم عبد الرحيم مدير الجامعة الأسبق ما قدَّمه لهذه الجامعة من نهضة كبرى في جميع مرافقها وكان له وجود مقدر في كل المنابر السياسية والاجتماعية بالولاية. ولكن تجمَّع قلة من أعداء النجاح ووضعوا متاريس وجَلَبَة ضد المدير وتواترت الأحداث حتى وصل الأمر بفاجعة لعالم جليل تشهد له المنابر العالمية والمحلية بكفاءته وغزارة علمه وقدراته الإدارية، وكان خلف الكارثة أعداء النجاح هؤلاء، واستغلوا ذلك الظرف وكان الصراع بين المناصرين لإنجازاته والمعارضين له وضغطوا على صانعي القرار ولكن حفظاً لمكانة هذا العالم لم تعفِه رئاسة الجمهورية إلا بعد نهاية دورته ولم تتوقف الجامعة عن رسالتها لقوة إرادة المناصرين ووكيل الجماعة حينها د. علي محمدين ومجس إدارتها ثم جاء المدير السابق بروفسير بشير محمد آدم واجتهد كثيراً بحشد الدعم ومواصلة نجاحات سلفه في تأهيل وصيانه مرافق كبرى بالجامعة ككلية الطب وغيرها ومدد الجامعة في الخدمات العامة بمدن الولاية خاصة في مدينة كوستي وربك والجزيرة أبا ليكون مستشفاها مستشفىً تعليميًا بالرغم من قصر المدة إلا أن أطباء الجامعة وطلابها قدموا خدمة كبيرة للمستشفى بعلاج هؤلاء الفقراء الذين لا يستطيعون مقابلة الاختصاصي والسفر إلى كوستي وربك لظروفهم وعجز الحكومة عن توفير الأطباء والفنيين للمستشفى بالرغم من تأهيلها وصيانتها بجهد أبنائها كأفضل مستشفى بين رصيفاتها بولاية النيل الأبيض، ولكن أعداء النجاح السابقين تجمعوا ووجدوا مناصرة من جهات نافذة وضخَّموا أخطاء يمكن تجاوزها بالتعاون بين الجميع، ولكن عمَّقوا الجراح ووسَّعوا شقة الخلاف وجعلوا الجامعة مهدِّداً أمنياً لولاية معروفة خلافاتها ومشكلاتها للقاصي والداني وكانت النتيجة إعفاء المدير وتكليف مدير جديد استبشر أهلنا بالنيل الأبيض بمقدمه، ولكن الشارع العام الآن يقول ويؤكد المقربون من إدارة الجامعة لقد أن المدير قد تم احتواؤه تماماً من أعداء النجاح ونافذين بالولاية، وتمت إعادة الخلافيين وأعداء المديرين السابقين في مواقع بإدارة الجامعة والكليات، وإنا لنرى تحت الرماد وميض نارٍ وبدأت الشرارة من الجزيرة أبا باحتجاجات من المواطنين بتجميد مدير الجامعة لقرار تبعية المستشفى للجامعة بحجة أوهن من خيط العنكبوت «المستشفى غير مؤهل» ولكن هي إفرازات لخلافات داخل الجامعة وخارجها يدفع ثمنها من هم طلاب بهذه الجامعة فسلبوا إدارتها وكلياتها النافذة وحتى خدمة لا تساوى شيئاً من مصروفات الجامعة. وعادت المظاهرات والاحتجاجات قام بها طلاب في شوارع المدينة ومنابر الجامعة كان أسوأها وأكثرها ألمًا.. عادت ذكريات ما ألمَّ بعالمنا بروفسير عبد الرحيم وتكررت محاولة حرق عميد كلية الآداب ولولا لطف الله لكانت كارثة لم نسمع بها في مؤسساتنا التربوية جميعاً. يا صانعي القرار الحقوا جامعة الإمام المهدي فإنها (...) يا أساتذة جامعة الإمام المهدي وطلابها ما هكذا تؤدي الجامعة رسالتها. يا أهل الجزيرة أبا سووا من صفوفكم الكتف بالكتف والقدم بالقدم تكبيرة عالية في شأن استقرار الجامعة التي سُمِّيت باسم إمامنا المهدي، لا نرضى أن تنفذ أجندة لم نكن طرفًا فيها، لا لتجميد تبعية المستشفى للجامعة.. لا لحرق العلماء والعمداء فلنتفق جميعاً من أجل هذا الوطن العزيز ولنحرق أعداءه في «كوم واحد» و تبقى رسالة جامعة الإمام المهدي قامة سامقة في سماء الوطن العزيز.