في حديثنا عن قاسم عثمان بريمة ترجمان وادي عبقر بكردفان الكبرى وشيخ شعراء كردفان الفحول وقفنا مع معرفته الشاملة بأدق تفاصيل حياة وإبداع الشاعر المقل المجيد، حدباي أحمد عبد المطلب.. وبمقدور الأستاذ الشاعر الأديب ناصر قاسم عثمان بريمة أن يقدم هذا العمل للمكتبة السودانية وأحسب أن ذلك من وصايا والده الوفي لحدباي كوفاء حدباي لخليل فرح، ويشارك في ذلك حديث وثقناه معه عن حدباي الأستاذ الشاعر والمربي الفاضل نبض أم درمان في الأبيض همزة الوصل بين رابطة أصدقاء الكلمة وجمعية أصدقاء الحقيبة تحفة أساتذة خور طقت عبد الرحمن صالح بانقا ومما استوقفني بشدة في قراءة شيخ شعراء كردفان لعمه وصديقه الشاعر حدباي أحمد عبد المطلب قوله: إن حدباي كان عطر ليالي كردفان الأدبية والفنية في تلك الأيام ويقول أيضاً: على الرغم من قوة وجمال شعر الجمال حدباي كما وصفه الأستاذ الشاعر الكبير والباحث الحصيف مبارك المغربي، فعلى الرغم من سمو منزلة حدباي في عالم الشعر فقد عُرف بأنه كان يؤثر خليل فرح على نفسه في كل المحافل العامة والخاصة وفي منابر الإعلام.. عن ذلك يقول قاسم عثمان بريمة عليه وعليهم رحمة الله وغفرانه وعلينا وعليكم: لقد كان حدباي بمثابة امتداد لعطاء صديق عمره وقسيم صباه خليل فرح الذي توفي في منتصف ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي وخلاصة ذلك أن حدباي هو بمثابة عمر ثانٍ لخليل فرح حتى منتصف الثمانينيات من ذلك القرن حين رحيل حدباي لكأنما كتب لخليل فرح أن يحيا بأدبه الراقي وبفنه الرفيع من خلال صديقه الوفي حدباي وقد نالت الأبيض من المعرفة بخليل فرح مثلما نالت أم درمان بفضل وجود حدباي لزمان طويل بكردفان حيث كان والده قد سبقه بزمان طويل في الإقامة بكردفان وهو من آل الشيخ ود أرو من الأصول المحسية بأم درمان. مما قلناه عن قاسم عثمان عقب رحيله بعمودنا بالإنتباهة «فكة ريق» وما لم نقله بعد: «اليوم لم يمت قاسم بريمة الشاعر الإنسان وحده فاليوم مات حدباي ميتة نحسبها ثانية في الأثر والتأثير الذي أوفى به قاسم لحدباي ولخليل فرح من خلال حدباي. عن عيون أم در بما في كردفان يحدث ترجمان وداي عبقر بكردفان الشاعر قاسم عثمان عن علامة العصامية في الشعر القومي السوداني محمد علي عبد الله الشهير بالأمي فيقول عن أيامه بكردفان حين كان يملك دكاناً يمارس فيه عمله ترزياً افرنجياً بقلب سوق الأبيض التي أسس بها الأمي فريقاً رياضياً أسماه المقص الذي هو نواة نادي هلال الأبيض وقد قال عنه قاسم بريمة: الشاعر محمد علي عبد الله الأمي هو حالة تستحق الدراسة المتأنية والتحليل العميق، ففضلاً عن ثراء وتنوع تجربته في دنيا الشعر من حيث شكل القصيدة وفي مضمونها وأنفاسه الإبداعية الحارة والمتواترة بإيقاع مطّرد فقد عرف الشاعر الأمي هذا ونعجب لهذه الأمية الملهمة فقد عُرف مع ما تقدم ذكره، بتطويعه للعصيان من المفردات ويأتي ذلك في مزجه للعامية بالفصيح بما يعجز الكثير من المتعلمين أن يفعلوه!!. وقد كان دكانه بسوق الأبيض منتدى ينعقد يومياً في المساء ومن لطائفه أن هناك حلوانيًا ومقهى بالقرب من ملتقى دكان الأمي فربط أحدهم حماره على عمود الكهرباء بجوار الحلواني وحين أحدث إزعاجاً لرواد الحلواني جاء صبي من عمال الحلواني ليلفت نظر الأمي عدة مرات حينها قال له الأمي وسط رواد ملتقاه: هو الناس بتعمل في إيه فقال صبي الحلواني بياكلوا باسطة فقال له بكم صينية الباسطة فقال الصبي بكذا فمنحه الأمي المبلغ قائلاً دع الحمار في مكانه وهاته صينية باسطة!! يرحم الله قاسم بريمة الذي هو بحق كردفان في الخريف الملحمة والإنسان الحي والشاعر المطبوع الذي كانت كردفان قلبه النابض بالحياة والحيوية وحسه المرهف وعاطفته الجياشة وقد كان، ولا نزكيه على الله، كان بأحواله وانفعاله بقضايا مجتمعه وبلاده ترجماناً حقيقياً لآمالها وآمالها وأشواقها وفي شعره نشدان نبيل للحب والخير والفضيلة والجمال فهو رجل قصيدة ففي أعماله انتهاء لأقواله في أصدق مقتضيات المسمى الواقعي للأقول بالأعمال وللأخ والي شمال كردفان، ونحسبه من أهل الفضل الذين يعرفون لأهل الفضل فضلهم، له نقول: قاسم عثمان يستحق أن يقام له مركز ثقافي باسمه وأنت أهل لذلك وحيا الله كردفان وأهلها.