ما بقي في جعبة وزير المالية الفارغة إلا أن يبشرنا بقرض ربوي يحل كل قضايا السودان المالية. القرض على غير العادة مقدم من شركة سي ان بي سي الصينية، وليس من الحكومة الصينية كما هو معروف ومألوف، فالشركات لا تقدم قروضاً للدول، فالدول هي التي تقدم القروض وتقوم شركاتها بالتنفيذ. ولنا أن نسأل عن ضمانات ذلك القرض، فالمعروف أن السودان مقاطع من جانب الضامنين في البيوتات المالية العالمية، وقد أعلنت الخارجية قبل عدة أيام توقف الحوار مع أوربا!!. فما هي ضمانات ذلك العرض الذي لم تقدمه الصين بل إحدى شركاتها العاملة في مجال البترول؟!. وتعود بي الذكريات إلى التاريخ حين اضطر خديوي مصر إبان أزمة مالية مشابهة لبيع قناة السويس لشركتين إحداهما بريطانية والأخرى فرنسية استولتا بعدها على قناة السويس التي تم استردادها بعد حرب طاحنة بين بريطانيا وفرنسا من جهة والشعب المصري من جهة أخرى!!.. في حوار أجرته ال (سي ان ان) الأمريكية مع المرتزقة الذين كانوا يحاربون مع قرنق ويمدونه بالسلاح سأل مقدم البرنامج، كيف تحاربون مع الحركة الشعبية وهي لا تملك المال وأنتم تحاربون من أجل المال؟. أجاب المتحدث، أن الجنوب يزخر بالموارد الطبيعية وسنأخذ من تلك الموارد بل سنكون شركاء فيها!!.. هكذا كان الأمر إذن الدفع من الموارد الطبيعية والثروات الكامنة في باطن الأرض من ثروات ومعادن ولهذا السبب كان إصرار أمريكا على نيفاشا التي وضعت سيناريوهاتها كي تنتهي بانفصال الجنوب!!.. الصين كانت تقدم القروض بضمان النفط، توقف ذلك الضمان بعد الانفصال، ولم تقُم المالية السودانية بالتسديد، فما أصبح في يد الصين من نفط السودان لا يكفي للتشغيل سوى سويعات قليلة لا تساوي ما دفعته للسودان، لذا دفعت الصين بشركتها فالتعامل مع الشركة يختلف عن التعاون مع الدولة، هل تريد الصين إعادة تجربة شركة الهند الشرقية التي كانت بالفعل هي الحاكم الرئيس لشبه القارة الهندية!!.. وأعتقد أن الصين ما أقدمت على هذه الخطوة إلا بعد أن شعرت بالتقارب الروسي السوداني الذي إن استمر فستخرج الصين من السودان خالية الوفاض، وقد استغلت الصين فرصة الضائقة المالية التي تعاني منها الدولة فرمت بالطعم وتلقفته المالية الجائعة!!. وإلى جانب هذا فإن الصين ستستفيد من هذا القرض بتصدير سجنائها ومجرميها إلى السودان في شكل عمال، والمعروف أن النسبة الكبرى من العمال والفنيين العاملين في الشركات الصينية في السودان من نزلاء السجون الخطرين في الصين، ويعملون بأجور زهيدة وهذا ما يجعل الشركات الصينية تتفوق على مثيلاتها من الدول الأخرى وتفوز بالمناقصات!!.. مأساة السودان بدأت بقرض كان السبب في اندلاع الانتفاضة، قرض مؤسسة التنمية السودانية الذي تدخل فيه المدعو خاشوقجي وكانت قيمته ثلاثمائة مليون دولار، لم يرَ السودان منها سوى المبنى المعروف بالعمارات باسم عمارة مؤسسة التنمية التي لا وجود لها الآن!!.. رشحت الأنباء عن القرض السحري الذي يحمل عصا (سي ان بي سي) الذي سينقذ السودان، وأن قيمته اثنين مليار دولار، وستقوم الدولة ببناء برج للتلفزيون بقيمة ثلاثمائة وخمسين مليون دولار، فهل من المنطق أن نقترض لنشيد مبنى ألم تكفِ عمارة مؤسسة التنمية التي تقف شاهداً على التدهور الذي بدأ يوم أن اكتملت!!.. ويزعم وزير المالية أن الحالة الاقتصادية سترتفع وأن الضائقة المالية سوف تزول، وهو يناقض نفسه ويغالطها في ميزانية العام المقبل التي تعتبر في نظر خبراء الاقتصاد أنها ميزانية مدمرة!!.. ولماذا لم يدخل هذا القرض في الميزانية حتى يخفف من ويلاتها على المواطن وقد زعم وزير المالية أنه الخلاص، وأن سعر الدولار سينخفض للحد الأدنى، والمعلوم أن سعر الدولار لا يؤثر فيه إلا الإنتاج، وطالما أن تكلفة الإنتاج عالية فإن سعر الدولار سوف يواصل الارتفاع مقابل الجنيه السوداني!!.. ماذا قدم وزير المالية لخفض تكلفة الإنتاج..؟! لا شيء فهو مع مطلع كل ميزانية يرفع الدعم عن المواد الغذائية والمحروقات الأمر الذي يرفع من تكلفة الإنتاج ويهبط بالقوة الشرائية للجنيه السوداني؟.. هل سيدخل هذا القرض في إعادة تعمير المشروعات الزراعية؟! هل سيدخل في إعادة الناقل الرسمي للدولة وأقصد به السكة الحديد؟! هل مشروعات حصاد المياه من ضمن اهتمامات وزارة المالية علماً بأن حاجة السودان الآن من المياه ضعف ما هو متوفر الآن؟!. أقول لوزير المالية إن الإنتاج هو ما ينقل البلاد من الأزمة المالية وليس القروض الربوية الغامضة التي لا يعرف أحد ضماناتها أو نسبة أرباحها الربوية!!.. وأقول أيضاً لوزير المالية إن الربا يصفه المولى عز وجل بمثابة شن الحرب على الله ورسوله فإن عجز وزير المالية عن شن حرب على الأزمة المالية فهل يستطيع إعلان الحرب على الله ورسوله ضعف الطالب والمطلوب!!..