«إلى من يهمهم الأمر سلام».. تلك هي العبارة الشهيرة للزعيم إسماعيل الأزهري والتي درج على مخاطبة الأعضاء الذين تقرر فصلهم من الحزب، أما الرئيس الراحل جعفر نميري فقد عُرف عنه إصدار قرارت التعيين والفصل من المناصب الوزراية عبر الراديو، مؤخرًا حفلت الساحة السياسية بالعديد من القضايا ذات الصلة أحدثها الضجة التي كان مسرحها حزب الاتحادي الأصل والتي انتهت بفصل خمسة من قيادته وهم: حسن هلال، د.علي السيد، واحمد علي أبوبكر، وسيد هارون، د. الباقر أحمد عبدالله، وبينما يشير أولئك القادة إلى تزعمهم تيار الإصلاح في الحزب، تصفهم قيادات أخرى مثل علي نايل بأنهم مجموعة هدم وتخريب لتحقيق أحد المستحيلين «المشاركة في الحكومة أو الانشقاق وتشكيل حزب جديد»، ولما كان من العسير معرفة من الذي يتحدث باسمه أو باسم الحزب فإن اختلاط الحابل بالنابل حال يصلح لتوصيف حال الاتحادي، ففي نفس اليوم الذي أوردت فيه «ألوان» على لسان القيادي أبو سبيب أن رئيس الحزب الميرغني لم يفصل عضوًا بالحزب منذ 20 عامًا، تفيد تصريحات رئيس لجنة الإعلام نايل نقلاً على لسان الميرغني بحسب الزميلة «الصحافة» أن فصل المذكورين يفيد أن الحزب ينفث خبثه، ثم إن حديث أبو سبيب يطرح تساؤلاً حول دور المؤسسية في الحزب والآليات المنوط بها هذا التكليف، وهي مقرر لجنة المراقب العام هشام الزين، والتي لم أوفق في الاتصال بها للوقوف على المعايير المؤدية للفصل من الحزب، ولما كانت قرارات الفصل أو المحاسبة لاتخلو من استنكار أو رفض فقد سبق للقيادي علي السيد أن رفض قرارًا سابقًا في حقه بتجميد عضويته وأعلن تقدمه بشكوى لمجلس الأحزاب في هذا الصدد، إلا أنه عاد ليشكك في جدوى وجوده في الحزب رغمًا عنه، وألمح إلى خيار مغادرته للحزب، وفي السياق نفسه أفرزت الأحداث التي تشهدها النيل الأزرق تداعيات دفعت المؤتمر الوطني وهو الحزب الذي لم تضرب شواطئه موجة الفصل للتبرؤ من بعض قيادته التي دمغها ب الطابور الخامس وأنها مدت رئيسها مالك عقار بوثائق ومعلومات في حربه على الحكومة، أشهرها عبد الغني دقيس، وصلت إلى مرحلة إصدار قرار بفصل «5» من أعضاء المكتب القيادي بالحزب، وأفاد رئيس الوطني بالولاية عبد الرحمن ابو مدين «الإنتباهة» أن الإقالة تمت بناء على قانون محاسبة العضوية بالحزب، وتم ذلك عبر لجنة دائمة من «5» أعضاء وهي بدورها كونت لجنة طارئة أسندت إليها محاسبة أولئك الأعضاء ومن ثم قررت إقالتهم بناء على القانون، أما الأعضاء فهم: حسن عيسى زايد، ابكر زكريا، ميرغني عبد الرسول، العمدة أبو شوتال والقيادي دغيس، أما الحيثيات فيردها أبو مدين إلى مخالفتهم للنظام الأساسي للحزب وموجهاته، وذلك بتعاملهم مع الحركة الشعبية إبان انتخابات 2010 لصالح الأخيرة للإضرار بمصالح الوطني، ويتوقع القيادي البارز بالوطني د. فرح عقار أن تطول قائمة الأعضاء التي ستُفصل إذا ما استمر عمل اللجنة، ويضيف ل «الإنتباهة» هاتفيًا أن الفصل سيطول أسماء قيادات كبيرة بالحزب أمسك عن ذكرها، ومن قرارات الفصل الذائعة فصل مجموعة من الاتحادي الديمقراطي المسجل على رأسها القيادي صديق الهندي، أعلن القرار رئيس لجنة المحاسبة والانضباط بالحزب أحمد التجاني الجعلي الذي عزا القرار لخروج تلك القيادات عن الأطر والأسس الحزبية، مما أدى لتشويه صورة الحزب، وفي المقابل استخف الهندي في أحاديث صحفية بقرار الفصل ودمغه بعدم الشرعية، باعتبار أن الفصل من سلطات رئيس الحزب وليس لجان التحقيق. وبدورها لم تنج أحزاب الأمة المنشقة عن حزب الأمة من قرارات الفصل المتبادلة، ويروي القيادي السابق بالأمة الإصلاح والتنمية غازي الصادق ل «الإنتباهة» كيف أن الانتقادات التي طالت رئيس الحزب الزهاوي إبراهيم مالك أدت إلى اتخاذهم قرار إعفائه من الرئاسة، وإيداع القرار لدى مجلس شؤون الأحزاب وأنهم بانتظار رؤيته حوله، وجاءت ردة الفعل من قبل الحزب بفصل غازي ورفقائه, ويشير الأمين العام للحزب آدم إبراهيم آدم ل «الإنتباهة» إلى أن الحزب شكَّل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات القرار الذي تم اتخاذه بإقالة الزهاوي، وأرسلت خطابات للقيادات المعنية فرد البعض وامتنع البعض الآخر، فأصدرت اللجنة قرارًا بفصل البعض وإنذار البعض الآخر، إلا أن المكتب القيادي قرر فصلهم جميعًا، وفي السابق ظلت قرارات الفصل تصدر بالجملة في أوساط الحركة الشعبية وكذلك حركات دارفور وحتى التي تحولت لأحزاب، وعزا كثيرون ذلك لقلة خبراتهم السياسية. يبدو أن الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة تكلست قيادتها وهي بحاجة إلى ديمقراطية حقيقية تدفعها للارتقاء بالممارسة السياسية بالبلاد عوضًا من الانشقاقات والاتهامات المتبادلة بين قيادتها.