ما الذي يجري في الساحل الشرقي لبلادنا؟ هل حقاً هناك تنمية أو نهضة حضارية كما وصفتها بعض الأقلام؟ وما هي المعايير التي تبنى عليها الشعوب والأمم نهضتها وعمرانها؟ وهل ما أحدثه السيد محمد طاهر إيلا في البحر الأحمر يمكن وصفه بأنه نهضة حضارية انتهجت ذات المعايير التي بنى عليها الآخرون من حولنا نهضتهم؟. الغاضبون يقولون إن إيلا اختزل كل جهوده وإمكانات ولايته في مركز السلطة في بورتسودان وترك الأطراف في بؤسها وشقائها تعاني الفقر والجوع والأمية ومن الخطأ جدًا الاعتقاد بأن تطويع الحجارة والجبال ورصف الطرق وهندسة الحدائق ونثر الأزاهير على البساط الأحمر في وجه القادمين، وضيف على قصر السلطان هو النهضة والتنمية، فهذه مفاهيم خاطئة، ولكن قد يكون هذا سلوكً حضارياً يستحق الإشادة والاستحسان ولكنه بالطبع لا يرتقي لمستوى النهضة التي ينشدها انسان الشرق بالبحر الأحمر لأن مفهوم التنمية الحقيقية هي تغذية العقول البشرية بالعلم والفكر وحقائق الكون والتوعية والرشد وتطويع هذه العقول واستثمارها وفتح الآفاق امامها حتى تبدع وتبتكر وفق مطلوبات الحياة، هذا ليس تبخيساً لما صنعته ارادة حكومة ايلا.. ولكنها الإرادة المنقوصة التي سلكت طريقاً بعيدًا من تنمية الإنسان ومارست عليه أساليب الوصايا وغيبت ارادته. نحن شعبا ما زال يبحث يشقي في سبيل توفير معاشه ولم يصل بعد حد الاكتفاء من ضروريات البقاء على قيد الحياة، ويبدو أن القيادة القابضة هناك ارادت ان تقفز فوق واقع مأزوم تعانيه ولاية البحر الاحمر، فسعى ايلا للبحث عن الترف والرفاهية على حساب بطون جائعة واجساد مريضة في طوكر ودرديب وقرورة وغيرها من المناطق البائسة. وكثيرون هم اوليك الذين يعتقدون ان ايلا اهتم بالمظاهر واغفل الجوهر وان الذي احدثه من صور زاهية على مداخل مدينة الثغر لا يعكس حقيقة المستوى الاجتماعي ولا الاقتصادي ولا التعليمي الذي تعيشه مناطق الولاية، فالمواطنون هناك ينتظرون تنمية اخرى ليس كتلك التي بناها ايلا على ارصفة الساحل. اما على المستوى السياسي فان الثغر يشكو من ازمة بالغة التعقيد لان مواعين الشورى والمشاركة السياسية لا تستوعب كل المكونات فبنى إيلا لنفسه مملكة وسلطاناً وحاشية متضخمة وأن إدارته لشأن ولايته اتسم بقدر من الجنوح خارج منظومة السلطة المركزية.