ليس غريباً أن يُستدعي عرمان والحركة الشعبيَّة وبقية العملاء من الجبهة الثوريَّة إلى أمريكا في أعقاب الفشل الذريع لوثيقة الفجر الجديد التي تبرأ معظم الموقِّعين عليها من الأحزاب الشمالية وذلك بغرض تضميد جراح الحركة الشعبيَّة وقطاعها العميل والبحث عن خطوة أخرى بديلة تنطلق بها الحركة لتحقيق أجندتها في السودان في إطار سعيها لإنفاذ مشروع السودان الجديد. ما أتوقعه أن يستدعى مجلس الأمن (الأمريكي) وسوزان رايس لفعل شيء من خلال ترتيبات مسبقة تُبرم على مستوى القمة الإفريقيَّة والمؤسسات الإفريقية الأخرى مثل مجلس السلم والأمن الإفريقي ومفوضيَّة الاتحاد الإفريقي بل والإيقاد وليت دبلوماسيتنا تستنفر كل قواها خاصةً الدول العربية التي لا تعلم شيئاً عن طبيعة الصراع (الحضاري) بين السودان ودولة جنوب السودان المحكومة بواسطة الحركة الشعبيَّة (لتحرير السودان) ولو كنتُ مكان الخارجية لجمعتُ كلَّ الوثائق حول مشروع السودان الجديد والدور الأمريكي والدور الإفريقي (الاثني) الذي جعل إفريقيا تحتشد خلف جنوب السودان خلال فترة التفاوض في نيفاشا وحتى اليوم خاصةً الدور اليوغندي والكيني والجنوب إفريقي ولمضيتُ أكثر نحو أدبيات الحركة الشعبيَّة منذ تكوينها بما في ذلك دستورها واسمها وخطاب قرنق السياسي ومحاضراته وميثاق الجبهة الثوريَّة السودانيَّة (وثيقة إعادة هيكلة الدولة السودانية) ووثيقة الفجر الجديد ولكن حدِّثوني عن مرة واحدة وردت فيها عبارة (مشروع السودان الجديد) في أيٍّ من خطب وحوارات ومكاتبات وزير أو وزارة الخارجية!! إنه فقدان البوصلة الذي يجعل الدولة كلها تسير على غير هدى على طريقة دون كيشوت وهو يحارب طواحين الهواء أو من يوجه سلاحه إلى ظل الأسد بينما الأسد بلحمه وعظمه يوشك أن يُطبق على عنقه. المسؤولون على مستوى الحكومة والمؤتمر الوطني يملأون الدنيا ضجيجاً وزعيقاً عن (مؤامرة إسقاط النظام) وأن وثيقة الفجر الجديد تهدف إلى ذلك وينسَون أن إسقاط النظام ليس إلا وسيلة تافهة في سبيل الهدف الكبير المتمثل في إعادة هيكلة الدولة السودانية وبدلاً من الخوف على الوطن الذي سيصبح سوداناً آخر غريب الوجه واليد واللسان يلطم الغافلون الخدود ويشقون الجيوب خوفاً على حكومتهم وسلطتهم التي لو دامت لغيرهم لما وصلت إليهم!! هذا يذكِّرني بحكومات الهيجان الثوري الناصري والبعثي خلال فترة الستينات فبعد هزيمة (حزيران) يونيو (1967) الساحقة الماحقة قال عبد الناصر إن إسرائيل فشلت لأنها لم تُسقط النظام فأين هو عبد الناصر اليوم وأين هي الناصريَّة؟! لقد ذهبوا جميعاً إلى مزبلة التاريخ!! بالله عليكم تمعَّنوا في خبر تخصيص أمريكا والإتحاد الأوربي مبلغ (24) مليون دولار (لدعم النشاط السياسي والعسكري لقطاع الشمال إلى جانب دعم المؤتمر العام للحركة الشعبيَّة بجنوب السودان وبعض الجيوب داخل الحدود السودانيَّة)!! هل فهمتم ماذا يعنون ببعض الجيوب داخل الحدود السودانيَّة؟! إنهم يعنون متمردي الحركات الدارفوريَّة المتمرِّدة!!. أبعد هذا نحتاج إلى أن نُقنع الشعب السوداني بأن مشروع السودان الجديد والحركة الشعبيَّة وقطاع الشمال والجبهة الثوريَّة وغيرهم من العملاء يسعَون إلى طمْس هُوِيَّتهم وإخضاع بلادهم إلى استعمار جديد تحت دولة جنوب السودان التي تحظى بالدعم والرعاية بينما يُقاطَع السودان وتُشَنُّ عليه الحرب الاقتصاديَّة والسياسيَّة؟! .. أبعد هذا تتردَّد الأحزاب السودانيَّة (القديمة) الأمَّة والاتحادي والشعبي ولا أقول العلمانية بما فيها الحزب الشيوعي وتوابعه.. أقول.. أبعد هذا تتردَّد الأحزاب الوطنيَّة ويسوقها عداؤها للمؤتمر الوطني ومراراتها إلى الانتحار وإلى نحر وطنها قبل ذلك؟! اضحكوا قليلاً من فضلكم، فقد قال جون أقوير الأكاديمي الجنوبي المعروف إن مشاركة قطاع الشمال (عرمان وعقار والحلو) في المؤتمر العام للحركة الشعبيَّة في جوبا تؤكِّد أن فك الارتباط لم يتحقَّق مشيراً إلى أن (الحركة لا تزال موحَّدة في السودان وجنوب السودان في ميزانيَّات الجيش والعلاقات الخارجيَّة) وإن كثيراً من الدول الأوربية تتعامل مع الحركة يا أولاد نيفاشا ويا مطرف باعتبارها كياناً موحداً في الشمال والجنوب!! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.