يتوقّع الكثير من المراقبين والمهتمين النجاح لمبادرة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير التي طرحها أمام القمة الاقتصادية الاجتماعية في دورتها الثالثة التي اختتمت أعمالها أول أمس بالعاصمة السعودية الرياض.. المبادرة التي أطلقها الرئيس البشير أسماها مبادرة الأمن الغذائي العربي، والتي تستند فى الأساس إلى تشجيع مشروعات الأمن الغذائي، في المجال الزراعي والحيواني والصناعات الغذائية، واشار البشير إلى امكانيات السودان الزراعية الضخمة وتخصيصه لمساحة «100» مليون فدان، وما يمتلكه من موارد طبيعية هائلة من المياه والأراضي والثروة الحيوانية التي تؤهله للإسهام في سد الفجوة الغذائية في العالم العربي، بجانب إمكانية تلبية السودان لحاجة الدول العربية في مجالات إنتاج وتصنيع وتصدير الحبوب كالقمح والأرز، واللحوم، وزيوت الطعام، والسكر والأعلاف الخضراء مؤكدًا استعداد السودان لمنح أي ميزات يطلبها الإخوة العرب في مجال الاستثمار في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية. وفي حديثه ل«الانتباهة» قال الخبير الاقتصادي واستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم د. محمد ان مشكلة الغذاء تواجه المجتمع الدولي وناتجة عن التغيرات المناخية والجفاف الذي اصاب البلدان التي كانت مصدرًا اساسيًا للحبوب الغذائية بجانب ذلك الازمة الاقتصادية التي تواجه بعض الدول الغربية من ازمة الديون و الاداء المتدهور.. هذه الاسباب جعلت مشكلة غذائية متوقعة على نطاق العالم وطالب المانحين بتوفير اموال اضافية في ظل الازمة، وقال: ما طرحه الرئيس البشير ليس بجديد وسبق أن كان الحديث عن ان السودان سيكون سلة غذاء العالم نتيجة لما يتميز به من موارد طبيعية بإنتاجه لانواع مختلفة من الغذاء وبكميات كبيرة، وضح ذلك من خلال التجارب السابقة ان تلك الدعوة لم تصل الى هدفها النهائي وفشلت كل الجهود التي بذلت في اتجاه أن يوفر السودان الامن الغذائي للعالم العربي، واظن أن ذلك كان مرتبطاً بتردد الامكانات العربية في الدخول في استثمارات في السودان وقد لا تكون ذات عائد سريع بجانب ذلك ظروف الاستثمار في السودان حيث لم تكن مشجعة للمستثمرين العرب، لان ما طرحته المبادرة من جانب السودان تظل الظروف الموجودة فيه الآن تجعل كثيرًا من الدول تتخوف من الدخول في استثمارات بالذات في مجال الزراعة باعتباره المصدر الرئيس للغذاء وغيرها من الظروف السياسية على النطاق الاقليمي قد لا تساعد في جذب استثمارات عربية خاصة من دول الخليج، وتوفير الظروف الاستثمارية الملائمة والمشجعة اشار اليه في المؤتمر وهنالك دول اشارت إلى أنه لا بد من توفير بيئة استثمارية جاذبة وهذا يعني الكثير من الابعاد الاستثمارية والاقتصادية وغيرها من الابعاد. ومن جانبه اوضح الاستاذ بالجامعات السودانية والخبير الاقتصادي ابوبكر الدسوقي ان فرص النجاح لهذه المبادرة كبيرة جداً لان السودان به كل المقومات الاساسية من اراضٍ صالحة للزراعة وغيرها من المقومات التي تؤهله لكي يكون سلة غذاء العالم، ولا بد للدول العربية ان يكون لديها الرغبة الاكيدة والارادة السياسية التي تمكنها من الاستزراع أو الاستثمار في الاراضي السودانية لزراعة القمح والقطن والحبوب الزيتية وغيرها، ولكن شكك في قدرة الحكومات العربية على اتخاذ قرارات جادة للاستثمار في هذا المجال علماً بأن آخر تقرير صادر عن منظمة الاغذية العالمية يقدم شرحاً عن حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم 2012 وهي تقديرات جديدة عن نقص التغذية بالاستناد إلى منهجية منقحة ومحسنة. وتبيّن التقديرات الجديدة أن التقدم المحرز في تخفيض مستويات الجوع خلال السنوات العشرين الماضية كان أفضل مما كان يعتقد في السابق، وأنه نظرًا للجهود المتجددة قد يكون من الممكن بلوغ هدف تخفيض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع على الصعيد العالمي بحلول عام 2015 الذي يشكل أحد الأهداف الإنمائية للألفية. بيد أن عدد الأشخاص الذين يعانون من النقص المزمن في التغذية لا يزال مرتفعًا بشكل غير مقبول ويظل استئصال الجوع أحد التحديات العالمية الكبرى. كما يناقش تقرير هذه السنة دور النمو الاقتصادي في تخفيض مستويات نقص التغذية. وغالبًا ما يكون النمو الزراعي المستدام فعالاً في الوصول إلى الفقراء لأن معظم الفقراء الذين يعيشون في المناطق الريفية ويعتمدون على الزراعة في جزء كبير من سبل كسب عيشهم. لكن النمو لن يؤدي بالضرورة إلى تحسين التغذية للجميع. فالسياسات والبرامج التي تضمن تحقيق نمو يراعي والتغذية تشمل دعم زيادة التنوع الغذائي وتحسين الحصول على مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والخدمات الصحية وتثقيف المستهلكين بشأن ممارسات التغذية ورعاية الأطفال المناسبة. ويستغرق النمو الاقتصادي وقتًا طويلاً للوصول إلى الفقراء وقد لا يصل إلى أشد الناس فقرًا لذلك تكتسي الحماية الاجتماعية أهمية بالغة في القضاء على الجوع في أسرع وقت ممكن. وأخيرًا يقتضي إحراز تقدم سريع في تخفيض مستويات الجوع اتخاذ إجراءات حكومية لتوفير السلع والخدمات العامة الرئيسة ضمن نظام حوكمة يستند إلى الشفافية والمشاركة والمساءلة وسيادة القانون وحقوق الإنسان.