أعمال الشغب في الأوساط الطلابية عموماً معروفة في جل دول العالم، بعضها يأخذ أشكالاً أكثر تطرفاً، ونحن لسنا استثناء عن دول العالم، إذ لا يمر شهر أو شهران دون إطلاق نار كثيف من قبل الشرطة، ويسقط كثير من الضحايا، وقد تغلق المؤسسة التعليمية لفترة، ففي دول العالم الثالث يحدث الشئ نفسه، والطلاب أحياناً قد يعبرون عن بعض الأحداث أو عن واقع مرفوض إن كان على مستوى المؤسسة التعليمية من حيث صفة السكن والخدمات والمنهج التعليمي، والتعبير عن عدم رضى لواقع في عمومه، وهذا ما تتبناه الجماعات المعارضة في بعض الجامعات، كما جرى في العادة، وإن كانت أشكال التعبير في غالبيتها قد تستحيل لغضب غير رشيد يتجاوز القنوات العادية، فوسائل التغيير السلمية لرفض واقع محدد يتجاوز الكيانات الطلابية خاصة وأن الجامعات لديها اتحادات طلابية وتعالج القصور داخل المحيط الجامعي، غير أن أحداث الشغب التي شهدتها داخليات مجمع الوسط بجامعة الخرطوم، أثارت العديد من التساؤلات، وأن الأحداث أريد من خلالها إرسال رسائل لعدد من الجهات خاصة في ظل حريق متعمد. فالأحداث غير معروفة، هل هي سياسية أم اجتماعية؟ هل هي رسالة للصندوق القومي للطلاب احتجاجاً على وضع معين؟ أم المقصود بها إدارة الجامعة أم الحكومة؟ كثير من الجامعات تشهد مغاضبات سياسية تتمثل بشكل سلمي داخل أركان النقاش التي عهدتها الجامعات قبل أكثر من «50» سنة، كل يطرح ما لديه ممثلاً في الصحافة الحائطية للتيارات السياسية وهي من أفضل الصور الحضارية، ورغم الاصطراع العالمي الذي تعيشه الآن، أن تصل هذه التعبيرات غير الرشيدة لما هو غير موضوعي ومنطقي لمحاولة إتلاف أو حرق، وما لا يستقيم عقلاً أن طالباً جامعياً سوي النفس يقدم على حرق مستودعات هو المستفيد الأول منها، وهو يريد أن تتكامل خدماته، إذ أن عمليات التخريب من بعض المندسين وسط الطلاب والراغبين في زعزعة الاستقرار والاصطياد في الماء العكر، هم الذين يمضون للحد الأبعد، فالطلاب جيل مسلح بوسائل الاتصال، إذ أن أحداث الشغب التي شهدتها جامعة الخرطوم أمس الأول ستظل محل نظر، خاصة وأن الفترة الماضية شهدت استقراراً جيداً في المسيرة التعليمية، وأن الحدث ليس بالظاهرة. ويرى المحلل السياسي البروفيسور حسن الساعوري أن المردود تجاه أحداث الشغب لم يتضح ما لم تتم الإجابة عن الأسئلة المطروحة في البداية، غير أنه توقع أن تصاحب الأحداث تداعيات، فالثلاثة احتمالات واردة ولا نستطيع الإجابة أو التعليق على ذلك في ظل الغموض الذي يكتنف المعلومات التي تحيط بالأحداث. غير أن محللاً سياسياً آخر فضل حجب اسمه توقع في حديثه ل«الإنتباهة» أن تصاحب أحداث الشغب تداعيات لما ترتب عنه الحادث وفقدانهم لكثير من ممتلكاتهم، ويمضي الى القول إن الأحداث مرتبطة بأحداث خارجية متعلقة بالجبهة الثورية والأحزاب السياسية وعجزها عن ممارسة نشاطها السياسي، فكثير من العمل الذي تم، سياسي من الدرجة الأولى، وأن ما تم إفرازات طبيعية لما يحدث في الساحة وليست له علاقة بمطالب للجامعة أو الصندوق القومي للطلاب، فهي تيارات سياسية لعمل هذه المجموعات عبر نافذة الطلاب. غير أن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي سيف الدين البشير في حديثه ل«الإنتباهة» قال: «اعتدنا في كثير من الأحيان أن تتعدد الأغراض، وما تم من أحداث شغب ما هي إلا عضب غير رشيد ربما نتج من طالب غير سوي. واستبعد تماماً أن يكون للحدث مردود. فالطالب الجامعي رصيد الغد واليوم الأسر تنتظرهم، والبلاد تفتح لهم آفاقاً كثيرة. وعمليات التخريب التي تحدث فهي لجيل لا علاقة له بالطلاب. فالحركة الطلابية قد تحدث فيها مناوشات قد تبلغ حد التراشق بالحجارة وإذا لم يخمد الغضب بالأسلوب الهاديء يمكن أن يتحول الغضب لدوائر متراكمة لا يحمد عقباه»، وبحسب بيان صادر عن إدارة جامعة الخرطوم أمس تسلمت «الإنتباهة» نسخة منه أن طلاباً حاولوا التعبير بالعنف عن رفضهم لمشاركة راعي الجامعة في الاحتفال، الأمر الذي أعدته الأولى مخالفة للأسس التربوية التي تنتهجها الجامعة، إذ أن إدارة الجامعة عبرت عن رفضها التام وإدانتها لأعمال العنف، وتعهدت بمحاسبة كل طالب تثبت مشاركته في هذه الأعمال سواء أكان داخل الجامعة أو بالداخليات، إذ ترفض الجامعة كل أشكال العنف، ومن أية جهة كانت، وضرورة اتباع الحوار السلمي الهادف بين الطلاب لمعالجة قضاياهم المختلف عليها، وضرورة احترام الرأي والرأي الآخر.