يعاني كثير من المبدعين من عدم وجود دراسات نقدية تحظى بها إبداعاتهم وأعمالهم الأدبية، الأمر الذي يؤدي إلى إجهاض تلك الأعمال في مهدها، ومنهم من اتهم قبيلة النقاد بالمحاباة والمجاملة للكُتاب الذين هم على مقربة منهم ومعرفة بهم.. إذن كيف يكون المنهج النقدي للأعمال الأدبية، وما لونية الأعمال التي تجاهلها النقد، هل هي جديرة بالقراءة النقدية أم هي نصوص ضعيفة لا تصلح للنقد، وإذا كانت جيدة، فعلى عاتق من تقع المسؤولية، الناقد أم الكاتب نفسه الذي لم يتمكن من الوصول إلى النقاد.. جملة هذه الأسئلة يكشف عنها «نجوع» من خلال استطلاعه التالي: مرور الكرام الأستاذ الناقد أبو عاقلة إدريس قال في حديثه مع «نجوع»: كم من الدواوين والقصص والروايات أنتجت في التسعينيات وهذه الألفية ولم تقرأ نقديًا حتى الآن، بل أذهب قليلاً للوراء وأراجع مثلاً ديوان «ظلال وعيون» لمختار محمد مختار، أو ديوان «الكهربجي» الذي صدر محققًا.. من التفت لهذه الأسماء من النقاد؟، وهناك قصائد جديدة لشاعر في قامة تاج السر الحسن تُنشر في بعض الصحف وتُقرأ في بعض المنتديات وهي جديرة بالدرس النقدي وتمر مرور الكرام.. وأرجع أبوعاقلة عدم متابعة الناقد لبعض الأعمال الأدبية بسبب الظرف الراهن اقتصاديًا والظروف المؤثرة جراء المشكل الاقتصادي، إلا أن كل ذلك لا يعفي الناقد من المسؤولية التاريخية فهو يؤدي واجبه العلمي والإبداعي والثقافي نحو ضمير الأدب والذي سيكون ضميرًا جمعيًا لأمتنا في مستقبل أيامها.. وختم إفادته بأن الإيدلوجيات أحيانًا تؤثر في المعيار النقدي فينبغي للدارس النقدي أن يتسم بالحيدة والموضوعية. دراسة غير كافية دكتور الصديق عمر الصديق مدير معهد عبدالله الطيب للغة العربية قال بأن هنالك أعمالاً إبداعية عديدة لم تجد دراسة نقدية أو ربما كانت غير كافية، فمثلاً ديوان «أفق وشفق» لتوفيق صالح أُنجزت فيه دراسات نقدية إلا أنها غير كافية، وكذا تداعيات عبدالله الطيب في «التماسة عزاء بين الشعراء» و«بين النير والنور» و«من نافذة القطار» و«ذكرى صديقين» جميعها لم تجد الدراسة النقدية الوافية. «عجوزان فوق الأرجوحة» الدكتور إبراهيم إسحق كاتب روائي أوضح أن الأعمال التي يغفلها النقاد ربما كانت لعدم جودتها، أو بسبب بيات شتوي يعيشه النقاد، وفي الحالتين يرى أسحق أن ليس هناك أعمال جيدة أهملها النقاد على مستوى الثقافة السودانية إلا القليل مثل الكاتب «عيسى الحلو» الذي لم يجد حقه في النقد والذي صدرت له رواية «عجوزان فوق الأرجوحة» والتي لم تحظَ بدراسات نقدية. لأسباب عديدة أما الناقد عز الدين ميرغني فيرى أن قبيلة المبدعين في السودان عندهم كثير من الأعمال الجيدة لم يتناولها النقد منذ عشرات السنين، وأن نقد الأعمال الشعرية هو من أصعب أنواع النقد لذلك يتجنبه الكثير من النقاد. ثم لا ننسى أيضًا أن هؤلاء النقاد على قلتهم إلا أن مجال النشر ضعيف وحتى الملاحق الثقافية بالصحف لا تترك مساحات كبيرة للمقالات، ثم تأتي ثالثًا أن طبيعة المجتمع السوداني تجعل الناقد لا يتناول إلا صاحب الأعمال الذي يعرفه، كذلك فإن كثيرًا من الأعمال تخرج ولا يعرف عنها الناقد شيئًا لضعف التسويق الأدبي، وكذلك صاحب العمل لا يسعى إلى النقاد.