نفض الجنرال جورج أطور في مرات عديدة يديه عن الحوار مع الحركة الشعبية الحزب الحاكم بجمهورية جنوب السودان، وبات في مرات أخرى لا يرغب في التفاوض مع جوبا لجهة حلحلة واحدة من أكثر الضربات الانشقاقية المؤلمة التي تلقاها الجيش الشعبي طوال تاريخه و «المغص» المتزامن نحو عامين ماضيين أصاب «بطن» الدولة الجديدة بمرض عضال حاولت الاستشفاء منه عن طريق الوسطاء الغربيين والافريقيين والشخصيات العسكرية الكبرى بالجيش الشعبي، لكن في المقابل تربص الرفض بفرص السلام التي عرضها هؤلاء الوسطاء بين الجانبين. وبالعودة هنا عن الإجابة لأهم التساؤلات التي سهدت سياسيي الجنوب «هل يضع أطور السلاح وينخرط من جديد في النظام بجوبا؟ يقول المحلل السياسي الجنوبي ديفيد شان إن أطور شخصية عسكرية خاصة خاضت أعنف مراحل القتال مع جيش الشمال طوال فترات التمرد، ويبين القول بإيضاح العقلية العسكرية الجبارة التي يتمتع بها «الثعلب» اللقب الملتصق برجل حرب العصابات الأول في أواسط الجيش الشعبي، حسبما حدثني المحلل شان عبر الهاتف أمس. ويروي في الاثناء إحدى القصص المثيرة التي كان بطلها أطور، وتشمل تحرير قرنق من حصار عنيف رسمته القوات المسلحة عليه بالجنوب سابقاً، ويلفت الى أن أطور شخصية لا تقبل أنصاف الحلول، لتمتعه بصفات عسكرية هائلة صبغت ببعض الخبرات السياسية، ويعتقد أن المحاولات التي تجريها حكومة جوبا للتوافق معه لن تجدي بشكلها الحالي، ويستبعد في السياق نفسه مبدأ «الموقع والتعويض مقابل السلام»، ويقول: «أطور لن يركن لاتفاق سلام مدفوع القيمة مع الحركة»، ويضيف «يعلم الثعلب جيداً أن رأسه مطلوب بشدة، لذا لن يضعه تحت مقصلة اتفاقية ناقصة أو مبهمة»، بينما يرى الفريق جورج أطور أن انشقاقه تبعته متطلبات ملحة وأسباب مقنعة، ويشترط في حديث ل«الإنتباهة» وجود طرف دولي لطرح السلاح على الأرض وتوقيع حلول للسلام مع الحركة التي يدمغها بالغدر، ولا ينسى أطور في محضر حديثه تصفية وفده التفاوضي من كبار العسكريين بمقاطعة ملكال قبيل مدة، ويطالب بشدة بضرورة إشراف دولي على اتفاقه مع الحركة، ويقرُّ صراحة بضغوط تمارس عليه للجلوس حول طاولة التفاوض من جهات غربية رفض الافصاح عنها. ويوضح أن الاتحاد الافريقي يقود مبادرات معه لم يكشف عنها. ايضا فشلت جولة للمفاوضات بملكال في وقت سابق، وأطاح التعنت في المواقف بين الطرفين المحادثات التي استمرت ليومين بمدينة ملكال بولاية أعالي النيل، في وقت عاد فيه الوفد الخاص بالفريق أطور لمناطقه. وكان الفريق أطور قد أبلغ «الإنتباهة» في ذلك الوقت بأن وفد حكومة الجنوب رفض شروطاً دفع بها وفده تطالب بمنح قواته مناصب معينة بالجيش الشعبي، فضلاً عن انسحاب الجيش الشعبي من عدة مناطق حول أراضيه، بينما نفى بشدة ذهابه لملكال. وأضاف «عرضنا عليهم شروطاً رفضوها واشترطوا تنفيذ بعضٍ منها عقب الاستفتاء، وهذا ما رفضناه أيضاً جملةً وتفصيلاً». وذكر الفريق أطور أن انهيار المفاوضات بمثابة العودة للحرب، ويروي متابعون لتفاصيل ما يجري بين الحكومة في جوبا والقادة المنشقين، أن أطرافاً عديدة تقف وراء عدم النزول لرغبات السلام بين الجميع في جمهورية جنوب السودان. فيما يكشف مصدر مقرب من أطور أن الأخير بات على وشك التوقيع على اتفاق يضع بموجبه جنوده السلاح يشمل استيعاب قواته بنفس رتبها ومخصصاتها بمنظومة الجيش الشعبي، ويفجر مفاجأة من العيار الثقيل بالتأكيد على أن أطور لن يعيش في جمهورية جنوب السودان بعد التوقيع وضمان وضعية قواته، ويجزم بأن أطور سيغادر الجنوب إلى استراليا للاستقرار هناك ضماناً لحياته أولاً، واختتام مرحلة نضاله ثانياً بأخد قليل من الاستراحة، بعد عمل عسكري دام حوالى «28» عاماً تحت راية الجيش الشعبي.