لقد أقسم المولى سبحانه وتعالى بالوقت فقال: «والعصر إن الإنسان لفي خسر» كما قال تعالى: «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى» وقوله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» وقوله تعالى: «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق» وقوله تعالى: «والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر». لقد اهتم القرآن الكريم في مواضع كثيرة بالوقت وعظّمه وحث الإسلام على أداء الصلاة في ميقاتها ولهذا فإن أي انسان يحتاج لتنظيم الوقت والاستفادة منه خاصة القائد الإداري الذي يقع عليه عبء الاهتمام بالوقت في منشأته أو مؤسسته أو مدرسته أو مصنعه والاستفادة من الوقت في النهوض بهدف المؤسسة وتقسيم الوقت ليتماشى مع قدرة الموظف والتنسيق والربط في الوقت بين العمل والعبادة واختيار الزمن المناسب للترويح عن النفس حتى لا تصاب بالملل. لقد قسم الله الوقت تقسيماً مناسباً والصلاة المكتوبة تؤكد لنا أن توقيتها ليس عبثاً فصلاة الصبح ترتبط بالإشراق والجلال والوضاءة والوحدانية وأداؤها في وقتها يُشعر المرء بالحيوية والنشاط والثقة والاطمئنان وصلاة الظهر تأتي بعد أداء للعمل قد يخطئ فيه الإنسان فيذكر الله ويستغفر لذنبه ثم يرتاح ويتناول الطعام فيحمد الله وعند العصر يتذكر نعمته ووقت صلاتي المغرب والعشاء وهما صلاتان تأتيان بعد يوم طويل ترتاح فيه النفس وتطمئن لإيمانها وتواصل خلالهما مجتمعها فتتكامل حياة لإنسان المؤمن ويخلد للنوم والراحة وهو مطمئن. إذاً فإن على الإنسان أو القائد أن يجتهد أيضاً لتوظيف الوقت ويحقق الإنجاز حتى يتقدم وتتقدم المنشأة التي يديرها وعليه أن يحاسب المقصر الذي يضيع الوقت ويتسيب في العمل دون عذر شرعي كما عليه أن يكافئ من يحافظ على الوقت ويتحرى فيه العمل المطلوب في مواعيده. إن إدارة الزمن في مؤسساتنا ومنشآتنا بصورة فاعلة وجيدة تؤكد أن المنشأة مواكبة ومنشغلة بالمنافسة مع الآخرين وتريد المحافظة على زبائنها وفي هذا العصر هناك الكثير من المعينات والآليات التي تساعد في ضبط الوقت وتشعرك بأهميته فالساعة لضبط الوقت وكذلك الحاسوب والهاتف السيار وكل الأجهزة أضحت اليوم ملحقًا بها جهاز لضبط الوقت ومعرفة فروق الوقت في العالم وتساعد هذه الأجهزة في أداء المهن وجودتها. وكما ذكرنا فإن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حثا على إدارة الوقت والتعريف بأهميته وضرورة التقيد به بل تم ربط المسلم بالمواقيت والأزمان في العبادة فتم ربط الزكاة بمرور الحول «أي العام» والحج والصوم والصلاة أي أن أربعة من أركان الإسلام الخمسة ارتبطت بالزمن كما تم ربط نهاية الإنسان بالزمن في قوله تعالى: «وإليه النشور». إن هناك الكثير من الأحداث الدينية مرتبطة بالزمن فبنو إسرائيل تاهوا أربعين سنة في تلال البحر الأحمر وسيدنا يوسف بقي في الجب أربعين يوماً وسيدنا يونس كذلك بقي في بطن الحوت أربعين يوماً والصلصال الذي خُلق منه سيدنا آدم قيل في الأثر إن الله خلقه في أربعين يوماً. وقال تعالى في سورة الحج: «ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة». كما قال تعالى: «واللائي يتوفى أزواجهن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء». وفي سورة سبأ قال الذي عنده علم من الكتاب: «أنا آتيك بعرشها قبل أن يرتد إليك طرفك» وقوله تعالى أيضاً في سورة الإسراء الآية «58» يؤكد لنا أهمية الوقت: «وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطوراً». وقوله تعالى في الآية «71» من سورة الإسراء: «يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا». وقوله تعالى أيضاً في الحديث عن يوم القيامة في الآية «7» من سورة الحج: «وإن الساعة ءاتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور». والآية «2» من سورة الحج: «يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد». وقوله تعالى في الآية «42» من سورة آل عمران: «وقال رب اجعل لي ءاية قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاً واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشى والإبكار». وقوله تعالى: «إنا أنزلناه في ليلة القدر» الآية رقم «1» من سورة القدر وقوله تعالى أيضًا: «والعصر إن الإنسان لفي خسر» وقوله تعالى: «والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها». وقوله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ...». إن الفشل في إدارة الوقت هو فشل في تنظيم العمل ومن ثم يمتد أثره في العمل ولم تسبقنا الدول الأخرى في التطور والنمو إلا بمقدار اهتمامها بالوقت وتوظيفه التوظيف الأمثل... إن اليابان اهتمت بالوقت وكذا أوربا وآسيا فتطورت ولا بد للإداري وأي شخص يريد النجاح والفلاح الناجح أن يضع الخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى وفق برامج محكمة تراعي عنصر الزمن وتخلق قاعدة صلبة تنطلق منها المنشأة أو المؤسسة لتحقق أهدافها وفق رؤية محكمة وثاقبة وبرنامج قابل للتطبيق والمواكبة، إن ربان السفينة الماهر هو من اهتم بالوقت وعرف كيف يتعامل معه وكيف يوظفه في سلاسة واقتدار. أفضل استخدام للوقت: هناك نظام ثبت بالتجربة فاعليته في توفير الوقت. وهذا النظام يعتمد على عنصرين هامين هما: 1/ تسجيل الوقت 2/ تحليل الوقت وبهذا يعرف الإداري كيف انقضى وقته، هل انقضى وفق أولويات العمل؟. فتسجيل الوقت يوضح كيفية استخدام الوقت لنتمكن من إعادة تنظيمه. أما تحليل الوقت فيستهدف إبراز الأنشطة غير المنتجة التي تتسبب في إضاعة الوقت في التخلص منها أو السيطرة عليها. وإذا امتلك المدير الحكمة والشجاعة والنظام للقيام بالنشاط المهم أولاً استطاع أن يقف أمام طغيان المستعجل منه ويغدو قادراً على حل معضلته بالنسبة للوقت. وهناك حاجة لجدولة الأنشطة لأنها تسمح باختيار الوقت والمكان المناسبين للقيام بالأنشطة لأنه يوفر جزءاً من الوقت يمكن استثماره للقيام بأنشطة أخرى مهمة أيضاً. وعلى المدير تحديد الأهداف ليسيطر على وقته ويزيد من فاعليته. كذلك لا بد من وضع الأولويات وهي أشياء تتطلب اهتماماً قبل غيرها. وكذلك تنظيم الوقت والتوسط والاعتدال في كل عمل يقوم به. ويحتاج المديرون إلى تحديد السلطة والنفوذ والمسؤولية والمساءلة في منظماتهم من خلال التفويض والتدقيق على المساءلة. كذلك ضرورة تنظيم المكتب فالتنظيم أهم ما يمكن أن يؤدي إلى تحقيق النتائج. وعلى الإداري أن يكون منضبطاً في ذاته ويتضمن ذلك التنظيم الشخصي ولكنه يذهب إلى أبعد من الجانب المادي ليشمل قوى العقل. كذلك المقدرة على إدارة الاجتماعات الفاعلة والناجحة حيث تعد الاجتماعات أكثر الأساليب الفعالة والمنطقية لاتخاذ القرارات وتبادل الأفكار والتفاوض من خلال المجموعات. ويحتاج كذلك إلى التعامل الواعي مع السكرتيرة والتي تتبع أهميتها في مقدرتها وفاعليتها في السيطرة على مضيعات الوقت. لأنها تتعامل مع البريد والهاتف والمواعيد والزائرين والعلاقات الإنسانية والروتين المكتبي والأمور السرية وترتيبات السفر والملفات والأهداف والأولويات ويجب على المدير أن يجتمع بشكل دوري مع أعضاء فريقه، لمناقشة الأهداف المطلوب تحقيقها، والاتفاق عليها، ثم كتابتها بشكل بسيط وقصير وواضح بشدة للكل، مع مراجعة هذه الأهداف من وقت لآخر ليتأكد له تحقق هذه الأهداف المتفق عليها. تسمية الدقيقة الواحدة لا تعني قصر هذه الاجتماعات على 60 ثانية، بل أن تكون دورية ومتكررة وسريعة، تهدف لتأكيد مسؤولية كل عضو في الفريق، وحتى يتأكد أن كل عضو قد فهم حدود مسؤولياته، وأنه يعمل فعلاً لتنفيذ المطلوب منه. المدير الناجح يضع خطة تتناسب مع قدرات مرؤوسيه، والمدير الفاضل يضع خطة دون النظر إلى إمكانات مرؤوسيه. المدير الناجح يثق بالأفراد الأكفاء والعاملين معه، والمدير الفاشل لا يثق إلا بنفسه. والمدير الناجح يتحدث معك بصدق وصراحة ولباقة ولياقة وذوق، أما المدير الفاشل فيتحدث معك بكذب وخبث وبغلظة وفظاظة!! المدير الناجح يسمح بأن تطالبه بحقك، وإذا اختلف معك يسر لك الطريق لرفع شكواك لمسؤول أكبر منه دون أن يتحداك، حتى يتيح لك فرصة لأخذ حقك والحصول عليه، وهو إذ يفعل ذلك يدرك أنه ربما يكون على خطأ، فلعل الصواب يأتي من غيره، أما المدير الفاشل فلا يسمح لك بأن تشكوه لمسؤوله حتى وإن كان معك الحق، وإذا فعلت ذلك تحداك وحاربك.. هو يسمح فقط بأن تمتدحه، وتثني عليه، حتى وإن كانت مواضع المدح والثناء ليست فيه. المراجع: القرآن الكريم محاضرات الزمالة الإدارية. بحث دور الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية د. عاطف قبرص مجلة المستقبل العربي عدد «282». كتاب إدارة الوقت تأليف الدكتور شيخ الدين يوسف من الله. كتاب فن وعلم إدارة الوقت، تأليف رعد حسن الصرن. كتاب إدارة الوقت: منهج متطور للنجاح، تأليف سهيل فهد سلامة.