ضربت خلافات حادة المكتب السياسي للحركة الشعبية عندما اتهم الأمين العام للحركة الشعبية بولاية أعالي النيل جون كور داو حاكم الولاية سايمون كون بوك بتلفيق اتهامات ضده بغية ازاحته عن منصبه، قائلا إنه ليس لديه اعتبار لسيادة القانون ويريد أن يدير الولاية وكأنها ملكية شخصية، وكان بوك قد هدد ديو بعواقب وخيمة حال لم يغادر الولاية خلال «72» ساعة عبر خطاب معنون للرئيس سلفا كير ميارديت والأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم ونائبه آن أيوت وأمانة الحركة الشعبية وإدارة الأمن والمباحث، جاء فيه أن ديو عدو للحركة الشعبية والحكومة بعد أن أعلن تمرده على الحزب، وكان بوك قد طالب بإقالة ديو من منصبه بسبب علاقته بالمتمردين بدولة الجنوب وعلاقته اللصيقة بحزب التغيير الديمقراطي برئاسة الدكتور لام أكول، فضلاً عن استيلائه على الأموال التي تم تخصيصها لتطوير الحركة الشعبية واستثمارها في مشروعات تجارية تخصه، فيما وصف ديو التهم بالملفقة، وقال في مقابلة حصرية ل «سودان تربيون» إن بوك يريد تشويه صورته وتغطية الفوضى الإدارية والساسية التي خلقها في الولاية، وإن الرئيس سلفا كير والأمين العام باقان أموم ودوك جوك دوك يعلمون كيف أنه استغل سلطاته منذ توليه المنصب، وأضاف قائلاً «إن محاولة إبعادي عن المنصب جزء من سلسلة محاولات يقوم بها الحاكم لإبعاد الذين يختلفون معه في الرأي داخل الحزب في ولاية أعالي النيل، وإنه قام بإبعاد العديد من أعضاء الحركة الشعبية في الولاية عن طريق الإقالة او الترحيل، حيث قام بطرد المحامين، وكان على وشك إغلاق دار القضاء في ملكال وهو لا يفهم القانون وليست لديه سلطة لإقالتى». ووصف داو حسين أتور أمين الإعلام بالولاية بالجاسوس، قائلاً: «إن قوات الأمن قد قامت بإفشال المؤتمر الصحفي الذي دعا إليه المجلس التشريعي للولاية بأمانة الحزب بعد أن أبلغهم أتور.. فهل يمكنك أن تتخيل أن تقوم قوات الأمن بإفشال مؤتمر صحفي يقيمه الحزب الحاكم »؟ في إشارة للانشقاقات العميقة داخل جسم الحزب، وبحسب الموقع فإن القرارات الانفرادية والتعسفية من قبل السياسين وكبار المسؤولين فى الحركة الشعبية إحدى أهم العلامات المميزة للحركة الشعبية التي تحولت من متمردين سابقين إلى سياسيين، وتعتبر ظاهرة طرد المعارضين السياسيين من ولاية أعالى النيل غيض من فيض شمل جميع ولايات دولة الجنوب، ففي أغسطس الماضي أمرت حاكمة ولاية واراب نياندينج مالك أحد عمال الإغاثة بترك الولاية خلال ثلاثة أيام وإلا فإن حكومتها غير مسؤولة عن سلامته، متهمة إياه بالتدخل في الشؤون السياسية وعدم التعاون مع أجهزة الولاية. وفي ذات السياق قاطع أمناء وأعضاء مجالس الحركة الشعبية بولاية البحيرات مراسم أداء القسم للقائم بأعمال الأمين العام للحركة الشعبية بولاية البحيرات مابيير أتير دويل المثير للجدل، بحجة أن تعيينه غير شرعي لعدم التصويت عليه من قبل مجلس تحرير الولاية بالحركة الشعبية، وبحسب «سودان تربيون» فإن رئيس الحزب بالولاية دانيال أويت أكوت قد أصر على تعيين دويل الذي يحظى بدعم اتحادات الشباب والمرأة بالرغم من رفض أمناء الحزب بولايات الجنوب الثماني، وقال مصدر فضل حجب هويته ل «سودان تربيون» إن الانشقاقات داخل الحركة الشعبية في الولاية تعمقت بسبب فرض حاكم الولاية قراراته. ويبدو أن حمى التصدعات التي اعترت جسم الحركة الشعبية العليل لم تتوقف عند المؤسسات السياسية، بل طالت مؤسساتها العسكرية عندما قام الرئيس سلفا كير ميارديت بإعفاء مسؤولين كبار في الجيش الشعبي وتجميد نشاطهم في الحزب بحجة إشراك عناصر جديدة وشابة، في خطوة نظر اليها المحللون السياسيون على أنها محاولة لتطهير الحزب من خلايا تعمل على إطاحة نظام جوبا بعد تكرار المحاولات الانقلابية من داخل مؤسسة الجيش الشعبي، فضلاً عن جملة من التحذيرات أطلقها سلفا كير في مناسبات عدة يحذِّر فيها أتباعه من الانقلاب على النظام، ويبدو أن الخطوة لم تحظ بمباركة تامة داخل الحزب، حيث انتقد القيادي بالحركة الشعبية لوكا بيونق دينق في مقال نشره على ذات الموقع التعديلات الوزارية والعسكرية التي أجرتها جوبا أخيراً، قائلا إنها ستصيب الحكومة بالشلل، فضلاً عن كونها ستزيد من شكوك المواطنين حول تماسك الحزب الحاكم ومقدرة الحكومة على إدارة البلاد.