كثيراً ما قرأت بيانات صادرة عن الناشط في حقوق الإنسان بولاية نهر النيل الأستاذ عمر كبوش، وقد بلغت (الأحد عشر) بيانًا تتحدث عن أمور تدور في الولاية، تدعو إلى الحيرة، وتشير إلى اتهامات بالفساد المالي والإداري في الولاية!! كل البيانات من الأول وإلى آخر بيان وهو الحادي عشر تشير إلى ذلك، ولكن الأمر المعيب من جانب ولاية نهر النيل وقيادتها لم تشر لا من قريب ولا بعيد إلى عدم صحة ما ورد من اتهامات!!. عدم الرد على هذه الاتهامات إما أنها تحتوي على حقائق لا تستطيع الولاية دفعها، وإما أن بالولاية من لا يكترث ولا يخشى سؤالاً من أي جهة كانت، فلو كانت الاتهامات باطلة لقدم كاتبها ومصدرها للمحاكمة بتهمة القذف وهي تهمة لا يود أحد أن توجه إليه نسبة للعقوبة الصارمة المترتبة عليها!!. كثيراً ما كتبت عن نهر النيل وبالذات عن مدينة عطبرة التي تحولت من عاصمة للحديد والنار إلى مكب نفايات ولم يحرك ما كتبت ساكناً في المسؤولين بدءاً من الوالي وانتهاءً بمدير شركة نظافة المدينة!! بحر من النفايات والأوساخ تغرق فيه المدينة التي كانت من أنظف مدن السودان وكان عمال الصحة في المدينة يعملون ليل نهار على نظافتها وبإمكانات متواضعة بالمقارنة مع تلك الموجودة الآن!! وبذلك أصبحت عطبرة أكبر مولد للبعوض والناموس والذباب وبالتالي الأمراض المترتبة كالملاريا والتايفويد والاسهالات المعوية المعدية!! هذا في حد ذاته فساد بل وأكبر أنواع الفساد الذي يسبب الأمراض الفتاكة، ويكلف المواطن ما لا طاقة له به من تكاليف العلاج والدواء الباهظة والتي تعج الصحف منها!! من أكثر من عامين شاهدت خطاً للمياه بأنابيب بوليتسلين ما بين عطبرة والدامر وقد تعرض طوال هذه الفترة لأشعة الشمس الحارقة ويرقد الخط طوال هذه المدة على سطح التربة الساخن مما يؤثر على خواصه الفيزيائية ويجعله غير صالح للاستخدام قبل أن تجري فيه جرعة ماء!!. وهذا أيضاً فساد ما بعده فساد وإهدار لموارد الولاية الشحيحة أصلاً وحتى تكتمل محطة المياه فإن هذا الخط يكون قد فقد كل خواصه والغريب في الأمر ألا أحد من المسؤولين يسأل عن هذا الإهدار يعيشون صمتاً غريباً ومعيباً تجاه القضايا التي تهدد صحة الإنسان، كمثل ذلك الصمت الذي تواجه به الولاية الاتهامات الخطيرة التي ترد في بيان الأستاذ عمر كبوش ويمهرها بتوقيعه!! ألا تعلم الولاية أن الماء هو أساس كل شيء حي، فالمياه في عطبرة لا يمكن شربها، فهي تعاني من عدم المعالجة خاصة في زمن الفيضان هذا إلى جانب الخطوط التي لو مر بها ماء معالج لتلوث بأكثر من ذلك الذي يؤخذ من النهر مباشرة!! أي فساد أكثر من ذلك الذي يجعل مدن الولاية مكباً للنفايات وضحية للأمراض المنقولة بواسطة الذباب والناموس بالإضافة إلى الأمراض المنقولة بالماء، وهذا فساد لا تخطئه عين تغض الولاية ومحلياتها الطرف عنه!! الأمر ليس أمر موارد أو شُح فيها فكم من المصانع شيدت بالولاية، وكم من الأتاوات تفرض على الصادر والوارد من الولاية، والأراضي التي تباع استثمارياً ورسوم العبور والغرامات التي تفرض على السيارات، هذا عدا الدعم الذي يأتي من المركز قصور تُشاد واستثمارات ومشروعات زراعية وتنجيم والسادة الدستوريون ينالون مكافآتهم وحوافزهم أولاً بأول، علاوة على منصرفات السيارات لكل واحد منهم!! ليست هناك أزمة موارد إنما الأزمة الحقيقية تتمثل في سوء إدارة هذه الموارد وأكبر أنواع الفساد هو سوء الإدارة الظاهر للعيان من أول خطوة يخطوها الإنسان من حدودها الجنوبية إلى أقصى حدودها الشمالية!!. فإن تجاهلتم بيانات الأستاذ كبوش وأغمضتم عيونكم عنها فكيف تتجاهلون تحول مدن الولاية وخاصة أكبرها مدينة عطبرة إلى مكب نفايات ومورد للذباب والناموس الناقل للأمراض الفتاكة وهذا لعمري فساد محسوس وملموس ومعاش على مدار ساعات اليوم..! فساد يحدث عن نفسه بنفسه فهل أنتم منتهون؟!.