رغم قصر فترتها إلا أن اسمها أخذ يطرق الآذان كثيرًا كونها تحمل ملامح من التحدي في تغيير أسلوب وممارسة الخدمة المدنية بالمؤسسات المختلفة حين شابها كثير من الوهن والضعف والعشوائية لتدخل وزارة التنمية البشرية والآثار والسياحة ضمن منظومة الوزارات بولاية الخرطوم، ولما كانت ولاية الخرطوم باعتبارها أُم الولايات كمقر لعاصمة البلاد مما يجعلها مركزاً للأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يُلقيه عليها ذلك الدور من تبعات ومهام تجعلها ولاية يُعوَّل عليها في ريادة وإنجاح وترسيخ تجربة الحكم الولائي الذي اعتمدته الدولة منهجاً للحكم والإدارة.. وللغوص في تفاصيل أكثر حول الوزارة الوليدة والدور المنوط بها جلست «الإنتباهة» إلى مدير عام الوزارة الأستاذ عبد العاطي محمد خير وكانت هذه الحصيلة من الحوار: بدءًا ما هي الفلسفة من إنشاء وزارة بهذا المسمَّى في ظل وجود عدد من الوزارات؟ تعتبر وزارة تنمية الموارد البشرية وزارة وليدة جاءت في أعقاب صدور المرسوم الولائي رقم «24» لسنة «2102» بإنشاء وزارة التنمية البشرية والآثار والسياحة والالتزام بأسس وضوابط إعداد الوصف الوظيفي والتي تقوم على أن يلبي الأهداف العامة والاختصاصات التفصيلية للوزارة بأعلى درجة كفاءة وفاعلية وأن يراعي الوصف سلاسة الاتصال والتواصل مع تفادي مظاهر ومسبِّبات تداخل المهام ومراعاة تنفيذ موجهات الحكومة الإلكترونية والاستفادة من التقنيات الحديثة وأن يستوعب الوصف الوظيفي كل المستجدات، وبذلك نتطلع إلى وزارة متميِّزة بمواردها البشرية ومعتزة بتراثها وجاذبة للسياح. الحديث عن تميُّز الكادر البشري في المؤسسات يبدو كأنه للاستهلاك الإعلامي مع ضعف الإمكانات والمعينات.. ما ردك؟ وضعت وزارة تنمية الموارد البشرية ضمن رؤيتها الإستراتيجية إعداد منهج متكامل لتحديد الاحتياجات التدريبية بصورة علمية تربطها بالمسار الوظيفي للعاملين وبناء نظام تقني يتضمن قاعدة بيانات لجميع العاملين بالولاية، وفي إطار تنفيذ الولاية لهذه الإستراتيجية عبر إدارة وتنفيذ برامج تدريبية لجميع الأجهزة الحكومية حول متطلبات التميُّز في الأداء الحكومي وتنمية وتطوير قدرات العاملين وأنظمة العمل وقد أولت الوزارة اهتماماً خاصاً بالتدريب وبناء القدرات وجعلته في صدر أولوياتها فأنشأت له من المؤسسات وأعدت له من التشريعات والأُطر والهياكل ما يمكِّنه من تحقيق أهدافه وغاياته. تحديدًا ماهو العدد المستهدَف بالتدريب وكم من الموظفين تم تدريبهم حتى الآن؟ بالولاية أكثر من «80» ألف موظف يمثلون المورد البشري، وقد تم وضع برنامج تدريبي واضح، بمعنى أن أي موظف خلال الخطة الخمسية والتي وضعت أخيرًا وهي شاملة لكل الوحدات والإدارات سيتم تدريب الموظف حسب مساره وسينزل ذلك على مستوى الوزارات والمحليات والهيئات والإدارات، وحتى الآن تم تدريب نحو «5600» موظف في المجالات المختلفة سعيًا للجودة وإذكاء لروح التعاون والمسؤولية بإنسان الولاية للنهوض بمجتمعه رغم ما صاحب الفترة السابقة من تقلبات ومعطيات متجدده على مدار اليوم لكن للوزارة رؤيتها بعيدة المدى ورسالتها التي تغرسها بمجتمعاتنا حيث يمثل العنصر البشري وسيلة التنمية وغايتها، ومن ثم يصبح لزاماً على كل الوحدات والهيئات أن تحدِّد المهام والاختصاصات بالدقة المطلوبة. وما هي منهجية الوزارة لتدريب هذا العدد من الموظفين؟ تعمل وزارة تنمية الموارد البشرية والسياحة على صقل المهارات بما يمكِّنها من ترقية وتطوير وتجويد الأداء لتحقيق التنمية الشاملة مع تحديد الاحتياجات التدريبية وذلك على أُسس علمية إذ تُبنى عليه كل المراحل اللاحقة من تصميم البرامج التدريبية وتنفيذها ومتابعتها وتقييم مردودها، هنالك اتجاه لتدريب الكوادر في كل المجالات، فإذا لم يتدرب الكادر لم يكن هنالك ترقية بالوظيفة، وقد تم الاتفاق مع أكاديمية السودان للعلوم الإدارية بالولاية لمنح درجات الزمالة لتخريج ضباط إداريين، وأيضًا مع جامعة الزعيم الأزهري وأكاديمية السودان للعلوم، وقد تم تدريب أربعة آلاف موظف في اللغة الإنجليزية كما يتم الصرف على التدريب الخارجي كثير من مؤسسات الدولة لا تأبه بمسألة الجودة، بدليل كثرة الشكاوى من قبل الجمهور بدءًا من تقديم الخدمات مرورًا باستهلاك الزمن، فما هو دور الوزارة لوضع حد لهذه المشكلة؟ عمدت الوزارة إلى تفعيل مشروع التطور الإداري والجودة باعتبار أن الخدمة المدنية بها إشكالات لا تعالَج إلا عبر وحدة التطوير والجودة ومنوط بها في كل وحدة إنشاء فريق لمتابعة الخلل الإداري ولذلك رأينا أنه لا بد من إنشاء صناديق للشكاوى وتمت هيكلة الولاية بدعم الوصف الوظيفي ولدينا تصور في كل محلية أن يكون هناك فريق للجودة يتكون من المدير العام بالمؤسسة وتم تصميم استمارات للتقييم نهاية كل عام وصولاً لجائزة السيد والي الولاية للتميُّز سواء على مستوى الأفراد والمؤسسات ولن نجامل في محاسبة من يقصر في أداء مهامه ونسعى لنقل تجارب من سبقونا في هذا المجال وأمامنا تجارب كثيرة ستكون معيارًا لتنفيذ هذه الخطة فنحن حريصون على أن تبدأ وزارة التنمية البشرية والآثار والسياحة من حيث انتهى الآخرون. هل هناك أي شروط معينة وُضعت لمسألة الابتعاث للخارج؟ وما هو معيار اختيار المبتعثين؟ عقدنا عددًا من الاتفاقات على التدريب الخارجي للتخصصات المختلفة، وهي من ضمن أولويات الوزارة، وذلك وفق ضوابط جديدة من بينها ندرة التخصص، وللأسف كانت هناك كثير من المجاملات والمحسوبية تتم لاختيار المبتعثين وتكون المحصلة صفرًا، وذلك لعدم الاستفادة من المبتعَث إما لعدم استفادته هو من الدورة أو مغادرته البلاد للعمل في الخارج بعد أن تصرف عليه الدولة مبالغ طائلة ويكون الوطن في أمس الحاجة لخدماته خاصة إذا كان ممن يحملون شهادات في التخصصات النادرة، ولذلك ستكون هناك لجنة ابتعاث وفق شروط معينة ومحددة، وخلال زيارتنا الأخيرة لمصر تم الاتفاق مع وزارة الصحة المصرية على تدريب كوادر طبية في شتى التخصصات، وتم الاتفاق على قيام دورة للمراجعين القانونيين كما تم الاتفاق مع الجامعة العمانية لذات الصدد، ونشكر حكومة الولاية والأخ الوالي د. عبد الرحمن الخضر ووزير المالية الذي أجاز ميزانية مقدرة للتدريب. تنتشر في العاصمة كثير من مراكز التدريب.. فما هي الضوابط المنظِّمة لعمل المراكز؟ هذا صحيح، هناك كثير من مراكز التدريب الداخلي قمنا بمخاطبتها أولاً لتوفيق أوضاعها، وثانيًا لتطبيق شروط العمل والمتمثلة في تهيئة بيئة العمل ومنهج واضح وكادر مميَّز في مجال التدريب، وأي مركز لا يلتزم بهذه الضوابط ستُتخذ ضده الإجراءات، وأي شهادة صادرة عن ذلك المركز لن توثَّق بالخارجية، ليس ذلك فحسب بل قمنا بوضع السياسات العامة والخطط والبرامج لتنمية الموارد البشرية الولائية في مجال الخدمة المدنية وتأهيلها وتدريبها بما يساعد على ترقية الأداء وتحقيق أهداف التنمية والتخطيط الإستراتيجي الشامل بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة والإشراف على آليات وضع ضوابط وقواعد السلوك المهني بما يضمن حماية المهنة وتطوير ممارستها ومراقبة مزاولتها على الوجه الأمثل بما يؤدي إلى رفع كفاءة الأجهزه المختصة بتقديم خدمات مراكز التدريب المهني. الوزارة تحمل تنمية الموارد البشرية.. إذًا ما هو الدور المنوط بها في محاربة البطالة وتشغيل الخريجين؟ تشرف الوزارة على التدريب التحويلي للخريجين والذي أسهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة مع التركيز على التدريب المهني بما يوفر احتياجات البلاد من الكوادر الوسيطة والعمالة الماهرة والمدرَّبة ووضع السياسات العامة والخطط والأساليب العلمية التي تُعلي من شأن الجودة والامتياز في المهن والخدمات وتضمن الانضباط بأخلاقيات المهن بمبادئها وأحكامها بما يعين على ممارستها على الوجه الأمثل، وتوجد عدد من المراكز التدريبية بالولاية في الحلفايا والحاج يوسف وجبرة والخرطوم وكرري إضافة إلى مركز المدربين التركي بالكدرو وهو أكبر مركز للتدريب بالقارة الإفريقية وهو شراكة مع المؤسسة التركية وسيشهد افتتاحة الرئيس التركي ويعتبر بوابة للتدريب مستقبلاً للدول المجاورة، وغيرها من المراكز المتخصصة في البناء وماكينات إنتاج الجلود والفندقة والتجميل، وقد تخرج فيها كثيرون يعملون في مختلف المواقع المهمة، ومعلوم أن هذه المراكز غير ربحية حيث لا تتعدى رسوم التسجيل للطالب «250» جنيهًا فقط يتم تدريبهم بطرق مختلفة بمراكز التدريب التي توجد بالولاية وهناك اتجاه لمنع كل صنايعي لا يحمل شهادة من المعهد لا يمارس المهنة ونسعى لمعالجة البطالة. السياحة في ولاية الخرطوم تمثل جانبًا ثانويًا لعدم الاهتمام.. هل هناك اتجاه لتفعيلها؟ مؤكد أن ولاية الخرطوم تُعد من الولايات التي تزخر بعدد من المواقع السياحية التاريخية والأثرية كان آخرها شارع النيل الذي افتتحه السيد رئيس الجمهورية قبل أيام وشكل بُعدًا سياحيًا ليشكل إضافة حقيقية للسياحة وبدأت الوزارة في خطوات جادة في إنشاء حديقة للحيوان بالشراكة مع عدد من الدول وبيوت الخبرة الأجنبية للاستفادة من خبراتهم وقد حدد موقع الحديقة بالقرب من المطار الجديد إضافة إلى أن هناك بعض المناطق الأثرية لم تُكتشف بعد والمكتشفة حتى الآن لا تتعدى «5%» والآن يجري العمل للاهتمام بها وترميها حتى تصبح مناطق جاذبة للسياح، وحددت الوزارة المناطق الأثرية ومنعت التعدي عليها إلا بموافقة الآثار ووقَّعنا شراكات مع بعض المستثمرين الأجانب للاستثمار بالمناطق الأثرية لتصبح جاذبة للزوار وأيضًا سيتم إنشاء برج بمنطقة المقرن لمشاهدة التقاء النيلين من أعلى كمنارة الإسكندرية، كما عملت الوزارة على تطوير صناعة سياحية جاذبة متطور قادرة على استغلال المزايا من خلال تسهيل بنية تحيتية عالية التطور وخدمات متكاملة، وأيضاً التنقيب والحفاظ على آثار تعتبر هي نهضة الحضارات السودانية ويصب هذا الجهد كله تبسيطاً للإجراءات وتقديم خدمات مثلى لإنسان الولاية على تنظيم المواقع الأثرية والتاريخية والنصب التذكارية الولائية وحماية وصيانة للمواقع الأثرية والتاريخية والنصب التذكارية وتشجيع البعثات والمؤسسات الوطنية والأجنبية في مجال الآثار والسياحة ونشر ثقافة الآثار والتعريف بالرصد الحضاري الوطني وتشديد الرقابة على المواقع الأثرية والتاريخية والنصب التذكارية إضافة إلى تأهيل الكوادر البشرية في مجال الآثار والسياحة وإنشاء وإدارة المتاحف الولائية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالولاية الآن تجري عملية حفريات بمناطق مختلفة كما تم بمنطقة السرحة التي وُجدت بها عظام لجثث منذ «700» عام قبل الميلاد العصر الحجري الحديث بأيدي خبراء بولنديين.