عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة الدستور الإسلامي.. ميثاق الفجر الإسلامي (1)
نشر في الانتباهة يوم 13 - 02 - 2013


التاريخ: 5/2/2013م النمرة: ج/د/الإسلامي/1
الموافق:24/ربيع الأول/1434ه
«أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» سورة الملك 22
توطئة:
لقد ظل الخطاب العلمانى فى بلادنا يتذرع بالجنوب بوجود مجموعة سكانية لا تدين بالإسلام فى رفضه لتحكيم الشريعة الاسلامية وإقرار دستور إسلامى يحكم جميع شؤون حياتنا وظل التجاذب والاستقطاب بين الخطابين الإسلامى والعلمانى هو سيد المشهد السياسى فى البلاد منذ خروج المستعمر ولم تهنأ بلادنا بحكم اسلامى مبرأ من كل عيب تحت سيف الضغوط الخارجية التى اتخذت من الداخل وتناقضاته الدينية مدخلاً للتدخل فى حياتنا السياسية ولقد كانت الحكومات طيلة هذه الحقبة منذ الاستقلال تضع الف حساب لمطالب الخارج وضغوطه وتحاول تدجين الداخل وإلهائه عن مطالبه الحقيقية التى تمثل ضمير الامة وهويتها ورغم انفصال الجنوب واستقلال الحركة الشعبية بدولة تحكمها وفقًا لشريعة الغاب التى يرزح تحت نير تسلطها أبناء الجنوب الا أن اذيالها فى الشمال وحلفاءها من العلمانيين مازالت ضغوطهم تتواصل لإقرار دستور علمانى وقد اتخذوا لذلك جميع الوسائل للحشد والدعوة لمشروعهم الأجنبي عن عقيدة الأمة وهددوا بالثورة الشعبية بل والحرب الضروس التى لا تبقي ولا تذر من دارفور الى ولاية النيل الازرق معتمدين فى ذلك على التأييد الإقليمى والدولي وقام فيهم عقبة بن أبى معيط خطيبًا ان اصبروا على آلهتكم انكم لأنتم الغالبون وتم تتويج جهودهم المضنية فى تحقيق مشروع السودان الجديد بتوقيع وثيقة الفجر الجديد، وفى ظل هذه الحملة الشرسة لا يمكن لأمتنا أن تحقق أهدافها فى الحياة تحت ظل حكم إسلامى بمجرد الامانى والدعوات الباردة الخالية من حراك حقيقى وضغط فعال فان تكافؤ الضغوط هو الذى يصنع للامة ما تريد بل رجحان كفة الضغط الاسلامى هو الكفيل بإخراص ألسنة العلمانيين واستجابة النظام لشعار ظل يرفعه لا تسنده حقائق الواقع من تراجع مستمر وتدحرج بالبلاد نحو الهاوية، والضغوط هذه لا ينهض لها الا كيان مجتمعة كلمته ومتحد مشربه وماضية عزيمته وواضح تصوره وجاهزة آلياته واجهزته وقادرة قياداته على إبداع وسائل وأساليب مبتكرة وفعالة لادارة أزمة مستقبل السودان الشمالى والدستور بعبقرية وحكمة تبلغ الأمة ما تريد لتكتب فى تاريخ السودان مشهدًا جديدًا بعيدًا عن التجارب الخداج التى أورثتنا فى أحسن صورها إسلاماً معتلاً يأخذ من القرآن حيناً ومن الغرب أحياناً كثيرة ويتخير من كتاب الله عز وجل.
إن وضوح الرؤية ومُضي العزيمة وصلابة الارادة والقدرة على تحويل التعاطف الشعبي العام الى عمل منظم وفعّال هو التحدى الذى يجب علينا النجاح فيه وتجاوزه بمخاطبة شواغل الشعب الحقيقية فى العيش الكريم والعزة والكرامة والعدالة وفقاً لهدى الإسلام، لم تكن قضية الهوية حاضرة فى الصراع السياسي فى بلادنا التى شهدت ثلاثة انقلابات عسكرية وثلاث حكومات ديمقراطية، إن الصراع كان ياخذ أبعادًا تتعلق بالوضع الاقتصادى، السياسي، الأمنى.
وكان التدافع بين الاحزاب والمجموعات السياسية فى طبيعة نظام الحكم لا هوية الدولة، ولم تشهد دولة إسلامية فى تاريخنا الحالى صراعاً على هذا النحو، فقد كان النظام المصري البائد منذ ثورة يوليو 1952 نظاماً علمانياً لكن مصر ظلت دولة لها قدر من الحضور فى محيطها العربى والاسلامى ولم يعمل النظام على تمييع قضية اللغة ولم يكابر فى حقيقة الانتماء إلى العالم الإسلامى بل إن مصر ناصر والسادات ومبارك تعتبر نفسها قائدة للعالم الإسلامى والعربى رغم علمانية نظامها ولم يعمل هذا النظام رغم علمانيته المتطرفة على إعادة مصر إلى عهدها الفرعونى ولا عصرها المسيحى بل لم تكن الكنائس تصدق فى مصر الا من رئيس الجمهورية مباشرة فلا يحق لمحافظ ولا وزير أن يصادق على بناء كنيسة.
أردنا بهذه المقدمة القول إن السودان يشهد مرحلة من الصراع السياسي لم يشهدها منذ الاستقلال!!، والمتأمل فى وثيقة الفجر الجديد يجد أن الوثيقة لا تتحدث عن هوية النظام ولا عن شكل الحكم ولا عن تداول السلطة وإنما تتحدث بالأساس عن تغيير جذرى لهوية الدولة ولغتها الرسمية، وطمس متعمد لعقيدة الأمة ومرجعيتها الثقافية. إن مشروعًا على هذا النحو لا يمكن أن تواجهه الأمة بخطاب سياسي أجوف او ترضيات على مستوى قسمة الثروة والسلطة أو استقطابات تخاطب مظاهر الأزمة وتتجاهل جذورها وأسبابها !! فهذه المعالجات الانقاذية الخاطئة لم تزد الأمة الا رهقًا ومشروعها الفكرى الا تراجعًا والتدين فى مجتمعنا الا انحسارًا وواقعنا الاسلامى إلا إحباطًا والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.. إن مواجهة هذا المشروع المدمر والخطير تتطلب اصطفافًا إسلامياً وتوبة نصوحًا ترفع غضب الله وسخطه عنا، إن سنة الاستبدال لا تجامل نبياً مرسلاً ولا ولياً صالحاً والله عز وجل استبدل أنظمة فى محيطنا العربى لم تكن تحكم باسم الدين ولم تكن تخطئ باسم الشريعة ولم تكن تظلم باسم الاسلام ولم تكن تفسد باسم الرسول عليه الصلاة والسلام والاستبدال هذا تحكمه سنن وقوانين والله يسوق العالم كله نحو النصر المظفر للإسلام والأمة قد جربت الشرع المبدل والشرع المؤول ولم يبق أمام الناس الا عصر الشرع المنزل فتلك دورة التاريخ لكل دين أنزله الله عز وجل. والمعارضة الواهمة التى تريد أن تحاكى الربيع العربي دون إدراك منها لسنن الله عز وجل عليها أن تعلم أن الانقاذ إذا اراد الله استبدالها فإنه باذن الله تبارك وتعالى واحسانًا به الظن لن يستبدلها بمعارضة كمبالا العلمانية العنصرية فى محيط إقليمي يهتف كله الشعب يريد تطبيق الشريعة والسودان وشعبه الطيب موعود بأحد خيارين ليس للموقوذة والنطيحة من العلمانيين فيهما نصيب إما أن تتبدل الإنقاذ وتنصلح ذاتياً وإما أن تستبدل بخير منها «ثم لا يكونوا أمثالكم» والصادقون فى انتمائهم إلى هذه الأمة ودينها من أبناء السودان رابحون فى الحالتين. وبين يدى ميثاق الفجر الإسلامى لا بد من تسجيل بعض الوقفات:
وجه الأزمة وتقاطيعه:
أ. لقد قطعت الحركة الإسلامية بانقلابها العسكرى الطريق على مشروع السودان الجديد واتفاقية أديس أبابا «1988» التى كانت تنص على حل القوات المسلحة واعادة تشكيلها وابعاد السودان عن محيطه العربى وابعاد الدين عن الدولة وقوانينها إلا ان الانقاذ ما رفضته جملة قبلته بالقطاعى وان كان يشكر لها تأخير المشروع للتنزل الكامل ما يزيد عن عشر سنوات إلا أن المراقب والمطلع يرى تنزل المشروع على مراحل وعن طريق التجزئة مما يشير الى نتيجة خطيرة إن مضت الامور على هذا النحو فإن مشروع السودان الجديد بركنيه العنصرى والعلمانى سيرى طريقه الى التحقق.
ب. إن «24» عامًا من الحكم أمضتها الإنقاذ فى اللهث وراء ارضاء الغرب خوفًا على كرسي الحكم من الزوال وسعيًا لاستخراج شهادة حسن سير وسلوك بقبول اتفاقيات وحلول لم تزد الدولة الا ضنكًا مع ترضيات لعملاء الغرب وسعيًا حثيثًا للتحالف مع العلمانيين فى ظل شراكات وهمية مع جماعات العمل الإسلامى يمنحون فيها الفتات من السلطة بغرض التذويب لا الشراكة الذكية الصادقة المفضية للعمل المشترك الواعى والحقيقى فلم تكسب الانقاذ البعيد «العلمانيين» وخسرت القريب «الإسلاميين» وانفضَّ عنها بعض المخلصين من بنيها وانتجت سياساتها واقعًا منافقًا لا هو للاسلام بصدق انتسب ولا هو من الغرب اقترب كانت هذه بعض ملامحه:
1/ قيام الحقوق والواجبات:- على أساس المواطنة هى العلمانية بعينها فى ثوب مخادع قليل من يتفطن له ويدرك خطورته على هوية الدولة؛ ذلك أن التنوع المزعوم المراد به تفكيك مركزية الحضارة الإسلامية فى الدولة فصراع المركز والهامش الذى دشنته اتفاقية نيفاشا وشرعنت له فى دستور 2005 فى خطوة عجولة لإيجاد حل لأزمة متطاولة وتحت سيف الضغوط الخارجية هو فى حقيقته صراع بين الحضارة المركزية والحضارات الهامشية فى السودان التى استطاع الاسلام أن يكون بديلاً لها بالدعوة والحوار إذ لم يدخل الاسلام الى السودان بالقوة ابتداء، وقضية المواطنة فى اطار السودانوية كهوية جديدة مستحدثة وكأساس لعقد اجتماعى هى خطوة أولى فى طريق إقامة مشروع السودان الجديد وتغييب الدين عن أوجه الحياة والانقاذ يعترف قائد سفينتها أن البلاد تحكم بدستور مدغمس!!.
2/ سلكت الانقاذ أخطر مسلك سياسي:- فى قسمة الثروة والسلطة يقوم على المحاصصة الجهوية والقبلية مما جعل الجميع يعمل على استحضار المكون القبلى الاولى فى التعاطى السياسي بعد ان افلحت العهود الماضية منذ تحالف عمارة دنقس وعبد الله جماع فى السلطنة الزرقاء فى تغييب هذا البُعد العنصرى وتشكيل عقل جمعى مختلف لم تكن القبلية والجهوية فيه حاضرة على نحو ما قررته نيفاشا وأعادت نبشه واخراج رفاته ونفخ الروح فيه، هذا المسلك من أخطر آثاره تفكيك الكتلة الاسلامية وتمزيقها قبلياً، فلم يكن لانفصال الجنوب المباين عقائديًا فى أغلبه أي أثر فى اتجاه وحدة اللحمة الاسلامية ووحدة موقفها تجاه القضايا الكلية لا سيما تلك المتمثلة فى إسلامية الدستور وشكل نظام الحكم ذلك ان الكتلة الاسلامية عملت فيها أيادى المتربصين فى السودان فقسمتها اثنياً وقبلياً ومذهبياً وحركياً.
3/ تفكيك المنظومة الامنية والعقيدة العسكرية: باتفاقيات الترتيبات الأمنية التى اعتمدت قوات ذات طبيعة جهوية وقبلية وادماجها فى قوات الشعب المسلحة على هذا النحو وبتلك القسمة أو القبول بها فى إطار القوات المشتركة ذلكم الواقع الذى افرزته الاتفاقيات المتعددة جعلت للسودان جيوشاً لا جيشًا وجعلت للسلاح عقائد عسكرية لا عقيدة واحدة وجعلت مسؤولية الامن الداخلى والخارجى تتوزعه قوات مشتركة بعضها يتبع للدولة وبعضها يتبع لحزب او حركة او قبيلة، هذا الواقع المأساوى والامنى الخطير من أعظم تقاطيع وجه أزمتنا السياسية خطورة وقد جنت الحكومة ثماره الحنظل وأشواكه من التصرفات الحمقاء والعنصرية لبعض منسوبي قواتها النظامية على أساس قبلي فكثرت حوادث الاغارة والحرق والتدمير للعديد من القرى من قبل قوات ترتدى الزي الرسمى الذى من المفترض ان يكون مرتدوه نجدة للضعيف وحماية للعرض والمال والأنفس فسقطت بذلك هيبة الدولة وفقد الناس فى تلك المناطق الثقة فى مؤسساتها الرسمية وذهبت كل قبيلة تبحث عن تسليحها الذاتى وسواعد بنيها لحماية ممتلكاتها فى دولة المشروع الحضارى وفى دولة تصرف على الأمن والقوات النظامية ما يقارب «80%» من الميزانية!!. فلم يجد الشعب أمنًا فى بعض المناطق ولا وجد مالاً للصحة والتعليم!!.
4/ اعتماد تقرير المصير للجنوب: رغم حالته الخاصة وظروفه الموضوعية القائمة على الحفاظ على رأس المال بدلاً من الربح اعترافاً بحالة الوهن والضعف الذى أصاب البلاد والضغوط العنيفة التى مورست إلا أن فيروس تقرير المصير أصاب أجزاء أخرى من جسد الامة بعد قبول الانقاذ فى نيفاشا بادماج مناطق شمالية «النيل الازرق وجبال النوبة وأبيي» فى تفاوضها مع حركة جنوبية، وجعلت ذلك الاتفاق جزءًا من دستور البلاد هذه الخطيئة السياسية ولم تكن خطأ فحسب جعلت المدركين لطبيعة الخطة B «التفكيك ثم إعادة الدمج فى إطار مشروع السودان الجديد» يطالبون بتطوير المشورة الشعبية إلى تقرير مصير، والانقاذ قد عودتنا ان مرفوضات اليوم ومحرماته تصبح غدًا مباحات وتشريعات يحرسها الفقه التبريرى وإنا لنربأ بالمخلصين من أبناء الحركة الاسلامية والغيارى من قادتها أن يقبلوا كتابة التاريخ عنهم أن الحركة الاسلامية استلمت السودان دولة واحدة فأحالتها الى خمس دول!! وأن ذلك كائن ما لم نقف وقفة قوية واضحة تعبيرًا عن يقظة الضمير الذى باعه البعض فى دهاليز السياسة والحكم، ونبتغى فيها نجاة النفس من عذاب الله يوم الوقوف بين يديه فإنه جرم لن يغتفر ستدرسه الاجيال فى كتب التاريخ والجغرافيا!!.
5/ إن المعالجة الكارثية لأزمة دارفور: التى انطلقت من تصنيف التمرد تصنيفًا قبليًا ومن ثم بدلاً من تفكيك خلفيته القبلية بالتفريق بين سفهاء القبيلة وحكمائها والاستعانة بصلحاء القبيلة نفسها لمواجهة مفسديها مضت الانقاذ فى التحالف مع قوى قبلية أخرى بتسليحها وشرعنت سلاحها وحركتها، هذه القوى التى اتخذت من سلاح الحكومة نفسه والغطاء الرسمي آلية لتصفية حساباتها العرقية فى عمل غير أخلاقي وبربرية لم تشهدها الا عصور الجاهلية المظلمة، هذا المسلك السياسي والأمنى فى التعامل مع الأزمة وهذا الفرز القبلي الذى ساهمت الانقاذ فى تكريسه بسوء إدارة الملف جعل الانقاذ بين نارين: نار الاخلاق وهى ترى بعض شعبها تُحرق قراه وتدمر مساكنه وتنهب ممتلكاته وجيشها على مبعدة من المجازر لا يتحرك ونار مواجهة حلفائها العنصريين فتفتح بذلك على نفسها جبهتين تخرج دارفور كلها عن سلطة الدولة والحالة هذه بقراءة موضوعية أزمة حقيقية تطيش معها عقول اولي النهى لكن السبب الرئيس فى دخول هذا النفق المظلم هو المعالجة الخاطئة ابتداء والانقاذ تحصد ما زرعت!!. والتمادى فى تضليل الرأي العام بعدم حدوث مجازر فى دارفور وحروب قبلية بغطاء حكومى يبقى خطابًا عاريًا من الصحة يصلح للحشد فى مواجهة محكمة الجنايات الدولية لكنه لا يصلح فى مواجهة العدل الإلهى وبسبب هذا الظلم تساق البلاد من أزمة الى أزمة وفق سنن كونية لا تجامل أحداً ولا تستثنى جماعة ولا أمة.. وهذا يستوجب الاعتراف بهذه الخطايا واعتماد معالجات شرعية تخرجنا من طائلة سيف الغضب الالهى.
6/ لقد كانت مواقف بعض جماعات العمل الإسلامي:- والدعاة والعلماء والفقهاء دون الواجب الشرعي الذى يحتم عليهم الصدع بالحق والنصح بدون مداورة ولا مداهنة فى بلد تضربها أزمات طاحنة وهويتها الاسلامية مهددة تهديدًا جديًا ماحقًا اكثر من التهديد الذى تواجهه الهوية الاسلامية فى افغانستان والعراق المحتلين من قبل امريكا فإن ما تم ويجرى استكماله فى بلادنا بطريقة سلمية وقليل من الحربية أكبر من ما انجزته امريكا بحربها العسكرية فى البلدين المذكورين فليس فى العراق وأفغانستان صراع على هويتهما الاسلامية وظلت تلك الجهات تتبنى الرواية الحكومية فى جلسات التنوير السياسي ثم تنفض مكبرة مهللة ونزيف البلاد يقطر دماً فى أطرافها ومشروع السودان الجديد يربض فى القصر الجمهورى قرارات واجراءات وترتيبات على قدم وساق كرست للاحباط فى الوسط الاسلامي وجعلت بعض قادته من تولوا حقائب وزارية ومواقع تنظيمية يرون وجوب الاعتراف والاعتذار لا لجهة التوبة الى الله من التقصير فى إقامة دينه ولكن لجهة التقصير فى الحفاظ على وحدة التراب بعدم قبولنا لحاكم نصراني ورفضنا لتمرير مشروع السودان الجديد!!
7/ لم يعد خافياً على أحد الفساد: الذى يزكم الأنوف والعالة رعاة الشاة الذين تطا ولوا فى البنيان والأنشطة الاقتصادية الموقوفة حصرًا على أفراد وجهات والإعفاءات الجمركية التى تباع فى الاسواق والتجنيب الذى يمارسه بعض المتنفذين والفواتير المليارية لصيانة البيوت والمكاتب والعمولات الدولارية على المصادقة لمستثمرين أجانب لاقامة مشروعات والمناشط الوهمية التى تصدر لها الفواتير الكذوب بمئات الملايين واستيراد الآليات والمعدات الاستراتيجية مغشوشة والأدوية منتهية الصلاحية وما تقارير المراجع العام إلا الجزء الظاهر من جبل جليد الفساد.
8/ التوسع غير المدروس: في التعليم أحدث اختلالات اجتماعية وتراجعات أكاديمية وتدنيًا فى جودة التعليم ورفع الدولة يدها عن دعم التعليم وفتح الباب على مصراعيه للتعليم الخاص أنهى تدريجيًا التعليم الحكومى مما جعل التعليم على ضعفه خدمة لا يستطيعها الا الميسورون فتوقف أبناء الاسر الفقيرة عن مواصلة تعليمهم بل وعجز البعض عن إلحاق ابنائهم بالتعليم ابتداء مما ينذر بزيادة فى نسبة الأمية ومستقبل مظلم فى قطاع التعليم وأصبحت جامعاتنا تخرج بشهادة البكالريوس من هم أقل كفاءة من خريجى مدارسنا الوسطى سابقاً.
9/ إن الاستجابة للضغوط الأجنبية ووصاية البنك الدولى وابتلاع روشتة صندوق النقد الدولى المميتة كاملة من تخفيض لقيمة الجنيه والتحرير العبثى للاقتصاد وآليات السوق الحر الفوضوية والمتوحشة التى زادت الاغنياء غنى والفقراء فقرًا فى ظل رفع الدعم عن السلع الإستراتيجية والخدمات الضرورية وزيادة الضرائب وتوسيع مظلتها وتنويع الجبايات وزيادة سعر المحروقات هذه الاستجابة المخزية لروشتة صندوق النقد الدولى المتخصص فى إفقار الشعوب واستنزاف الاقتصاديات الوطنية لصالح رفاهية الرجل الابيض هى أس ازماتنا الاقتصادية رغم دعاوى أسلمة الاقتصاد وتحرير الإرادة السياسية والاقتصاد الاسلامي بريء من هذه التشوهات.
10 /الانهيار الكبير فى الاقتصاد السودانى وتعويم الجنيه وتدنى سعر الصرف فى مقابل الدولار من جراء سياسات اقتصادية مضطربة وترهل حكومى على مستوى السلطة التنفيذية والحكم الفدرالى المنهك لميزانية البلاد ومواردها لا سيما فى ظل محاصصة قبلية وجهوية لم ترض أحداً فاختفت الطبقة الوسطى ولم يبقَ إلا غناء فاحش أوفقر مدقع ومن مظاهر التراجع الاقتصادي المريع أن تصبح عملة الدولة الوليدة «جنوب السودان» أعلى صرفاً من الجنيه السودانى لقد أصبح الاقتصاد السودانى حقل تجارب ومن المضحكات المبكيات صدور ثلاثة قرارات متناقضة فى أمر خطير مثل السياسات النقدية فى أقل من ثلاثة أشهر كل ذلك من مطبخ واحد كان وما يزال يدير اقتصاد البلاد وفى هذا وحده تحرير لشهادة عدم الأهلية.
11/ لقد تم اعتماد سياسة التحرير الاقتصادى بدعوى رفع يد الدولة عن حركة الاقتصاد ومنع دخولها منافسة للقطاع الخاص إلا أن صورة أبشع من ذلك وقعت وهى دخول رجال الدولة بشركاتهم الخاصة وواجهات الحزب الحاكم الاقتصادية منافسة للقطاع الخاص ومستفيدة من كل التسهيلات بما أحال الدولة الى مزرعة خاصة يرتع فى نهب خيراتها واحتكار جميع الأنشطة الاقتصادية الكبرى حفنة من النفعيين، هذا الاستثمار الخاص فى الانشطة الاسرع ربحية كان على حساب إهمال وتدمير المشروعات الاستراتيجية كمشروع الجزيرة والمناقل والسوكى رغم النفرة الزراعية التى صرفت عليها المليارات فاتسعت دائرة الفقر ولم تفلح قيم التعفف المغروسة فى وجدان شعبنا من منع البعض التسول فى المساجد والطرقات لشدة العوز وضيق الحال بينما انتفخت جيوب المنتفعين من هذه السياسات.
12/ ومضت سياسات الخصخصة فى إعفاء الدولة عن واجباتها تجاه المواطن وبيعت المؤسسات الرسمية بثمن بخس لمصلحة بعض المتنفذين بعمولات دولارية لم تخف على راعى الضأن فى الخلاء واعتراف الدولة بالعجلة وتراجعها عن بعض القرارات فى هذا الصدد يكشف عن حالة الارباك التى يُدار بها هذا الملف.
13/ إن تقديم أهل الولاء على أهل الكفاءة أحدث أكبر نزيف فى الخدمة المدنية منذ الاستقلال وجعل البلاد طاردة للخبرات والمهارات تحت دعاوى الصالح العام وإلغاء الوظيفة ففقدت الكثير من الأسر الكريمة مصدر دخلها وراح حملة الشهادات العليا وأصحاب الخبرات يطرقون أبواب دول المهجر أو يزاولون الاعمال الهامشية فى صورة شائهة لم تحترم لهم علمًا ولم تقدر لهم عطاء وخبرة.
14/ رغم التمنع الظاهرى الذى تبديه الحكومة من قبول القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن إلا أن ما تم تنفيذه كان كافيًا فى انتقاص سيادة البلاد واستباحة أراضيها للجيوش الأممية والإفريقية والمنظمات الاجنبية التى عاثت فى الأرض الفساد استقطابًا لضعاف النفوس فى عمل استخباراتي مدمر دبلج التقارير ولفق القصص والحكاوى والأفلام فى تشكيل صورة عن السودان لا تشبه مجتمعه الطاهر ومضت منظمات اخرى فى نشاط تعليمي وثقافى طامس للهوية مفسد للأخلاق واذا فاحت رائحة تلك الانشطة المجرمة واصدرت الجهة المختصة قراراً بطردها من السودان أعادها عملاؤها والمنتفعون من وجودها بمظلة ثانية واسم مختلف فى تعامل حقير لا يخفى على ذى لب.
15/ لقد كان توقيع اتفاقية نيفاشا تحت الضغوط انكساراً لإرادة قيادة لم يبخل عليها شعبها وشبابه بدم ولم يتأخروا عنها فى نفير، ورغم الانتصارات العسكرية إلا ان الهزيمة الماحقة كانت على مائدة التفاوض فهذه الاتفاقية المشؤومة وحدها كانت كافية لسحب الشرعية عن سلطة لم تكن وفية لشهدائها وهى تترك قبورهم فى الجنوب تدنسها أحذية الصليبيين وتشرب على رؤسهم خمر الانتصار.
16/ إن وثيقة الفجر الجديد بأبعادها العلمانية والعنصرية هى نتاج أزمة إدارة البلاد فلا الناس حكموا باسلام نقى وشرع منزل حتى يروا عدالة أحكامه وجمال شرائعه وبركة تطبيقه ولا قدم نموذجًا مشرفًا على مستوى طهر اليد ونزاهة الحكم ورشد السياسات وسعة الصدر فى قبول اهل القبلة وانصاف أهل الملل الاخرى على قاعدة الشفافية والصراحة لا على قاعدة المداهنة والمداورة، وأعظم من ذلك قبحاً تقديم نموذج سيئ فى الفساد لم تشهده أيٌّ من حقب الحكم التى سبقت الانقاذ مع تفخيخ للساحة السودانية عرقيًا من باب فرق تسد والعمل على إضعاف الجماعات والاحزاب وتمزيقها فعاد وبال ذلك كله على الانقاذ نفسها فاتسع الفتق ولم تستطع له من رتق.
17/ إن التخويف من البديل لم يعد كافيا لانتزاع مشروعية البقاء فان حواء السودان لم تعقم وبغض المعارضة ومشروعها العنصرى العلمانى لا يعنى حب الانقاذ والرضاء عن طريقة إدارتها للبلاد ومن ثمارهم تعرفونهم وبلادنا قد وصلت إلى المرحلة الفارقة واللحظة التاريخية الحاسمة لا سيما وان الانقاذ عودتنا ان مطالب المعارضات المسلحة تضحى بعد فترة دستورًا للبلاد تحت سيف الضغوط الخارجية والاستنزاف الداخلى والتصدع فى الصف وانفضاض المخلصين وحالة الاحباط التى تضرب خيار الناس وقد صُدموا ممّا رأوا وعاصروا فكتبت المذكرات التصحيحية وأطلقت المبادرات النصوحة التى تم الالتفاف عليها وإجهاضها كل ذلك يتطلب عملاً فاعلاً وتحركاً جاداً يُخرج البلاد من عنق الزجاجة وحافة الانهيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.