منذ انفصال الجنوب، أبدت الحكومة السودانية ترحيبها بخلق علاقات جيدة مع دولة الجنوب، وظلت مراراً تسعى لتحقيق هذه العلاقات، على الرغم من مواقف جوبا الواضحة وإصرارها على عدم فك الارتباط مع الفرقتين التاسعة والعاشرة بالنيل الأزرق والدعم الكامل الذى تقوم به دولة الجنوب لقطاع الشمال وغيرها من القضايا التى ترفض جوبا إيجاد حلول لها. وكان الوطني قبل أيام قد اعترف بأن واحدة من مشكلاتهم مع الحركة الشعبية، أنها ليست لديها خطة واحدة وإستراتيجية موحدة للتعامل مع السودان. كاشفاً على لسان رئيس قطاع التنظيم بالحزب مهندس حامد صديق عن وجود من يحمل أجندة خارجية بحكومة الجنوب ويعرقل الوصول إلى أي إصلاح في العلاقات بين البلدين، وقال من المؤسف إنها لم تستطع أن تقدر مصلحتها ومصلحة شعبها، وتعتمد على منظمات الأممالمتحدة وغيرها لتقديم الخدمات للمواطنين، ولم تقدر حجم الضرر الذي يُصاب به مواطنوها جراء ذلك، وتفتعل المشكلات مع السودان.الإستراتيجية التي وضعها الوطني وجدت التأييد من قبل أعضاء الحزب، فقد أكد القيادي بالوطني ربيع عبد العاطي أن إستراتيجية الوطني كانت قائمة على أننا أعطيناهم كل شيء ولم يعد لدينا ما نعطيهم، لذا عليهم الانسحاب من أراضينا التي هي جزء منا، وليست ملكهم ونحن على استعداد لأن تكون بيننا مصالح مشتركة، والآن جاء الوقت للتفريق بين الدولتين، وليس هناك مجال للعب على الحبال، وإنما وصلنا معهم إلى أقصى ما هو ممكن والإستراتيجية الوحيدة هى فك الارتباط والخروج من أرضنا. وبحسب مراقبين فإن الإستراتيجية التى كانت الحكومة تعامل بها دولة الجنوب فيها شيء من الاستسهال والتنازلات التي أدت إلى تفاقم الأزمات وتعنت مواقف دولة الجنوب التي مازالت عند مواقفها بشأن الكثير من القضايا أهمها فك الارتباط التي تماطل فيه جوبا. تغيير الإستراتيجية التي أعلنها الوطني، كشفت عن أن الحزب بدأ شيئاً فشيئاً فى إدراك نوايا جوبا التي استمرت معها المفاوضات منذ الانفصال ولم تفلح أية محاولات لتنفيذ ما اتفق عليه حتى الترتيبات الأمنية وفك الارتباط بالفرقتين التاسعة والعاشرة بجنوب كردفان لم تنفذ، مما يؤكد أن الوطني بدأ يشعر بضرورة تغيير الإستراتيجية المتبعة فى التفاوض. وبحسب الخبير الإستراتيجى عباس إبراهيم أن الوطني شعر بعدم الثقة فى تقدم المفاوضات على مستوى العملي وذلك وضح بعد موقف المجتمع الدولي المنحاز لدولة الجنوب، إضافة إلى الحالة الإقتصادية التى تمر بها الدولتان. ويضيف عباس أن الرؤية وضحت للوطني بعد مؤتمر القمة الإفريقي ومجلس السلم الإفريقي، وضح للوطني أنه لا بد أن يعيد النظر فى الجوانب المهمة كالترتيبات الأمنية وغيرها من القضايا المهمة. فإلاتفاقيات وقعت ولم تنفذ، وهذا يؤكد أنهم لا يملكون جديداً يقدم، والحرب الكلامية بين الطرفين تؤكد ذلك. وقد ظل الوطني من حين لآخر ينتقد سياسة جوبا، فقد صرح نائب أمين الإعلام ياسر يوسف إبان مفاوضات أديس الأخيرة، أنهم مع الحل السلمي وتنفيذ الاتفاق، موضحاً أن التعنت الذي وجده وفد الحكومة المفاوض من دولة الجنوب، حال دون التوصل إلى خريطة طريق لتنفيذ اتفاق التعاون. مضيفاً، أن تعنت جوبا لن يوصلها إلى تحقيق نتيجة إيجابية، وأضاف: «يجب أن نخطو خطوات جادة نحو تنفيذ الاتفاق المبرم بين الطرفين». وطالب دولة الجنوب بأن تكون أكثر جدية لتنفيذ ما تم التوصل إليه من اتفاقيات. إذ يبدو أن الوطني من حين لآخر بدأ فى تغيير خطابه ولهجته مع دولة الجنوب، بعد أن تأكد تماماً أن جوبا بحاجة إلى إستراتيجية جديدة، ربما ستظهر نتائجها مستقبلاً. هذا إذا كان حزب المؤتمر الوطني جاداً فى تنفيذ هذه الإستراتيجية!.