كانت الجارة تعاني من متاعب في السمع.. وكانت جارتها الأخرى تعاني من نفس المشكلة.. ذات يوم قالت الجارة لجارتها: يا فلانة أنتِ ماشا السوق..؟ فردت الأخرى: لا لا.. أنا ماشا السوق!! فقالت الأولى: خلاص خلّيتك.. كنت قايلاك ماشا السوق.. حوار مشابه لحوار الطرشان هذا يدور هذه الأيام بين من يسمون أنفسهم قوى الإجماع الوطني.. في الوقت الذي شنَّت فيه بعض قوى الإجماع هجوماً عنيفاً على وثيقة فجر كمبالا القديم وسلقوها بألسنة حداد، كان بعضٌ آخر من قوى الإجماع يرى في الوثيقة عصاً سحرية أو عصا موسى يضرب بها ابو عيسى بحر الإنقاذ فينفلق نصفين.. فيما وصف زعيم المؤتمر الشعبي الوثيقة بأنها هيلمانة فارغة فقد أبدى حولها زعيم حزب الأمة عدة ملاحظات قاتلة تكفي أيٌّ منها للذهاب بالوثيقة إلى مزبلة التاريخ الشهيرة عند الإمام.. قال الإمام إن الوثيقة تنص على الوحدة الطوعية ما يقود إلى تمزيق البلاد وإنها تفصل الدين عن الدولة ما يقود إلى العلمانية، وإنها تدعو إلى إحداث التحول الديمقراطي بالقوة ما يقود إلى الديمقراطية بوسيلة غير ديمقراطية، وإنها تدعو إلى إقصاء القوات المسلحة والقوات النظامية، والرأي عند الإمام هو تنقية وتنقيح القوات النظامية.. والإمام يسترسل في نقد الوثيقة ويقول فيها ما لم يقله المؤتمر الوطني فيها.. بينما يكتفي زعيم المؤتمر الشعبي بما قل ودل دلالة عميقة على حال الوثيقة وأهلها.. وأنها مجرد «هيلمانة فارغة»!! على الجانب الآخر كان الجناح الأيسر داخل قوى الإجماع الوطني يرى في الوثيقة غير ما بدا منها للزعيمين.. فقد قال فاروق أبو عيسى إن وثيقة الفجر الجديد جعلت فرائص الحكومة ترتعد من الخوف والهلع الذي.. وأنها قد تسقط على ركبتيها وتنهار مع أي نفخة من نفخات أبو عيسى الوثائقية.. وأن قوى الإجماع ربما تذهب إلى صاحب «الملكية الفكرية» لتسجل بأسمها براءة اختراع النضال الوثائقي مسقط الحكومات وتنفض يدها عن كل العبث القديم بالدعوة للتظاهرات المليونية التي فقدت مبررات تسييرها بعد اكتشاف نضال الوثائق السحرية.. على جانب آخر صرح متحدث باسم الحزب الشيوعي أن القوى السياسية المعارضة مقرة بأن أسلم طريقة للتداول السلمي للسلطة تتم عبر صناديق الاقتراع إلا أنهم لم ولن يدخلوا الانتخابات القادمة ما لم تُهيأ لهم الأجواء والمناخ العام المناسب في البلاد برفع ما أسماه بالهجمة العامة التي تتبناها أجهزة الحزب الحاكم على الحريات!! وطالب بفتح كل الميادين لتقام فيها مناشط الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني!! ووقف كل صنوف التضييق والرقابة على الصحف.. وتكوين حكومة قومية انتقالية تهيئ البلاد لذلك!! وتحل أزمة دارفور!! وتنجز التفاهم والحوار مع الحركة الشعبية قطاع الشمال!! والقوى الحاملة للسلاح!! وإعداد الدستور القومي للبلاد!! المتحدث باسم الحزب الشيوعي يريد تنفيذ كامل برنامج الحذف الشيوعي بحذافيره حذفوراً حذفوراً.. ثم ينظر بعد ذلك هل يشارك في الانتخابات أم لا.. إذا كانت الحكومة تنفّذ كل هذه التخاريف.. فلماذا تقيم انتخابات!! وما هي اللمسة الديمقراطية التي تحل بالحكومة لمجرد مشاركة الحزب الشيوعي في الانتخابات.. حقاً لقد صدق الشيخ وأوجز.. هيلمانة فارغة..