قرية شبتوت الخضراء كما أطلق عليها سابقاً هي إحدى القرى النموذجية في تكافلها وتعاضدها والتي تتبع لمحلية القولد بالولاية الشمالية وتقع شمال قريتي دمبو وقرية سلقي بلدة الشهيد طه الماحي، وكعادة أهلنا النوبيين والمشهود لهم بالتكافل الاجتماعي وحبهم للعمل الطوعي والجماعي المتوارث من الأجداد في الأفراح والأتراح وعمليات الحصاد والزراعة بتلك الآلة النوبية القديمة التي كانت تسمى الساقية والنفير لحفر ما يسمى«الكودي» إبان انحسار مياه النيل في بعض المواسم، وهي عبارة عن مجرى كبير على ضفاف النيل لسحب المياه منها بواسطة الوابورات الصينية، بجانب عملية دق العيش بعد حصادها وجفافها بواسطة مجموعة من شباب القرية في عملية جماعية وكل تلك المظاهر زرع حب العمل الجماعي والتكافلي في الإنسان النوبي، ما جعله يتفرد في ساحات العمل العام أينما ذهب، ولكن مع دخول الآلات الزراعية الحديثة اندثرت تلك المظاهر الجماعية بجانب تقلص الرقعة الزراعية للفرد مع عملية التوارث لتلك الأراضي الزراعية مما جعل سكان تلك القرى وغيرها من القرى النوبية يتخذون من الهجرة بديلاً لمهنة الأجداد، ولا تكاد تطرق بيتاً في تلك القرية إلا وجدت أحد المهاجرين. الزراعة مصدر الدخل الأول لسكان تلك القرى منذ عقود مضت مع محاذاة النيل، ولكن مع توارث الأجيال لتلك الأراضي الزراعية أصبح نصيب الفرد لا يكفي المغتربين حالياً، ولكن سرعان ما ساد في تلك القرية السطور الأخيرة من المقولة السابقة، وأصبحت سمة هذه القرية هجرة سكنها بعد أن أصبح نصيب الفرد من الأراضي الزراعية مع توارث الأجيال لهذه البقع الزراعية لا يكفي لتأمين قوت يومه مع تدني أو عدم وجود الخدمات الصحية والتعليمية في المنطقة، بجانب انتشار مرض السرطان اللعين في تلك المناطق والتي شكلت الولاية الشمالية أكبر نسبة إصابات فيها عن بقية ولايات السودان، ويقدر عدد سكان هذه القرية الآن 1500 نسمة مقابل 5000 نسمة قبل عشر سنوات، ما يؤكد الهجرة المستمرة كما في القرى النوبية الأخرى نحو الخرطوم والمدن الأخرى. وتوجد هنالك 7 منازل خالية مقابل كل 3 منازل مسكونة حسب الإحصائية الأخيرة وما تبقى منهم هم من لا يملكون تكاليف هذه الهجرة اللعينة، ومازالوا يقاومون حتى يكتب الله لهذه المناطق وأن ينعم عليها بالمشاريع التنموية والصحية والزراعية لمجابهة الهجرات الداخلية لمدن السودان المختلفة وعودة أبناء المنطقة المنتشرين في شتى دول المهجر شرقاً وغرباً..