الشقق المفروشة وافد جديد على القطاع السياحي والفندقي في السودان، ولم تشتهر بصورة واسعة إلا أخيراً بما يحدث فيها من وقائع تشيب لها رؤوس الولدان، وتتكالب القصص التى تكاد تهوي بك من هول الصدمة وقسوة الحكاية.. إنها قصص «الشقق المفروشة» التي جعلها البعض طريقاً مفروشاً للرذيلة، فلا يخلو خبر لا يتصدر مينشيتات الصحف اليومية من خبايا تلك الشقق التي باتت مصدر قلق للدولة والمجتمع معاً، فإن ما يهم من موضوع الشقق المفروشة هو صلتها بقضية الممارسات غير الأخلاقية من الأشخاص الذين يستأجرون الشقق المفروشة، وقد نشر في تقارير سابقة لإدارة الامن والمجتمع بولاية الخرطوم أكثر من «31» قضية إخلال بالآداب العامة، منها «1714» قضية مخدرات، بينما «671» من الاجانب متهمون في قضايا آداب عامة، وقد تم ضبط شبكات منظمة تستهدف الضحايا من الفتيات والشباب، وتنشر الدعارة وتروج لها، وتستخدم التقنيات الحديثة من فيديو وغيرها، ويدير بعض هذه الشبكات أجانب وسودانيون من سواقط المجتمع خلال الاعوام المنصرمة، وخلال تقارير نشرت سابقاً أوقفت السلطات الرقابية أخطر امرأة تدير شبكة للاتجار بالبشر والدعارة، حيث تقوم بالاتجار بالفتيات، وتدير شبكة يشتبه في أنها مدعومة من قبل بعض المنظمات المشبوهة التي تعمل في مجال الاتجار بالبشر «الفتيات صغار السن»، وتقوم المرأة باصطيادهن من الجامعات وعن طريق الابتزاز، كما تم ضبط الشبكة التنصيرية التى طبق صيتها الآفاق أخيراً، فهى لا شك من أخطر جرائم الشقق المفروشة لممارسة التبشير بالمسيحية باستغلال البسطاء من المواطنين. وحتى لا نيأس من الإصلاح ولا يصيبنا الإحباط من الأرقام والنسب التي تحدد حجم الظاهرة، فإن المعركة بين الفضيلة والرذيلة داخل الشقق المفروشة حسمت بصورة نهائية بالقرارالذى صدر عن مجلس وزراء ولاية الخرطوم، بموافقتة على قرار وزير التنمية البشرية والسياحة يحيى صالح مكوار بتكوين لجنة لتفتيش وحصر وتصنيف الشقق المفروشة بالولاية، وتحديد المواصفات والمعايير الخاصة بها وفق أحكام لائحة تنظيم عمل الشقق، «القرار رقم «3» لعام 2013م» وإجراءات ترخيصها. وفي هذا الخصوص يقول رئيس اتحاد الشقق المفروشة بولاية الخرطوم خالد ياسين، إن عمل الشقق المفروشة بالولاية سيتم عن طريق ضوابط ولوائح بصدور هذا القرار الذى سينفذ من تاريخه، بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة التي من بينها الأمن الاقتصادي وإدارة السياحة بالولاية. وأشار إلى أن الاتحاد يمثل جزءاً من آلية مشتركة مع الأمن الوقائي وأمن المجتمع للحد من التفلتات غير الأخلاقية التي تمارس في الشقق المفروشة بين الفينة والأخرى. وفى ذات الإطار تحدث الباحث الاجتماعى الاستاذ محمد إدريس ل «الإنتباهة» قائلاً: «ترجع الممارسات غير الأخلاقية التي تحدث في الشقق المفروشة إلى قلة الضوابط المفروضة على ملاكها، علاوة على لهثهم وحرصهم على الحصول على المال بعيداً عن الالتزام بتلك الضوابط»، مضيفاً أن الرقابة على الشقق والضوابط بها لا تكون بأية حال على مستوى الموجود بالفنادق، فربما تنتهي علاقة صاحب الشقة بمؤجرها بمجرد الحصول على الإيجار. وعزا ارتفاع نسبة الممارسات غير الأخلاقية بالشقق المفروشة في الفترة الأخيرة إلى أن معظم الشقق موجودة في أحياء تصعب فيها سبل المراقبة، لا سيما الأحياء الراقية التي يضعف فيها الرابط الاجتماعي على النقيض من الأحياء الشعبية، بجانب أنه في كثير من الأحيان يترك أصحاب الشقق أمر إيجارها لموظفين يعملون بالراتب الشهري الذي ربما يتضاءل عن تلبية احتياجاتهم، ولأجل هذا ربما يستغل المؤجرون هذه الثغرة فيقدمون على إغراء الموظف لتقديم تنازلات عن الضوابط والالتزامات المطلوبة. وقال إدريس إن ما يحدث بالشقق المفروشة حتماً سيلقي ظلاله السالبة على المجتمع السوداني، فيساعد على تحلله أخلاقياً وتفكك روابطه الاجتماعية، علاوة على المساعدة على غياب شمس المبادئ وأفول نجم القيم. وختم حديثه قائلاً: «إن أخطر ما في أمر الشقق المفروشة أن إدارتها متروكة للسلطات الشعبية «ملاكها»، بدلاً من رقابة السلطات الرسمية بصورة مباشرة، وهنا مكمن الداء، ولكن بصدور هذا القرار نرجو أن يكون درعاً واقياً لمحاربة وتنظيف المجتمع من هذه السلبيات، بعد أن اختلط الحابل بالنابل.