ورثنا كما ورث غيرنا من الشعوب العربية والإسلامية أنظمة القهر والاستبداد التي لا تعير كرامة الإنسان وحريته أي اهتمام فهي لا تصادر حقه في اختيار سلطاته فحسب بل تمنعه حتى من التعبير عن رأيه فيما يعتقد انه صحيح أو خطأ لكن الأسوأ الذي يميزنا عن غيرنا من شعوبنا العربية والإسلامية أننا نتمتع بإرادة شعبية عارمة لا تقبل بأقل من الحرية والكرامة على الأقل ما يمكننا من اختيار سلطاتنا «حكوماتنا» ويشهد تاريخنا القريب وثوراتنا الشعبية المجيدة من أكتوبر 64 إلى أبريل 85 وهي من أعظم الثورات التي أرجعت الأمر لأهله أي استعادت حكم الأمة وتخلصت من حكم القهر والاستبداد إلا أن ثوراتنا لم يكن بمقدورها أن تؤسس لنظام شوري «ديمقراطي» مستقر يتبادل فيه ممثلو الشعب السلطة بشكل سلمي وسلس يسمح بنمو البلاد وتطورها مما جعل بلادنا في ذيل البلدان العربية وحتى تلك التي نالت استقلالها بعدنا بالرغم من القدرات والإمكانات الهائلة التي تتمتع بها بلادنا. وشعبنا الأبي كان يثور وينتفض من أجل مطالب وقضايا وأمور إذا قيست إلى الحال التي نعيشها اليوم تعد من الأمور البسيطة أو التافهة على الأقل كان الناس غير مهمومين بلقمة العيش ولا حتى المدارس ولا المستشفيات وتكلفتها ولا حتى نقص الحالة الوطنية، واليوم بعد أن تراجعت البلاد في معظم مجالاتها ونقصنا حتى على مستوى طموحاتنا وتفكيرنا ومع ذلك الثورة تأخرت عن موعدها مع توفر كل دواعيها وقد ثارت شعوب ما عُرف بالربيع العربي على أنظمتها العتيدة حتى نالت الكثير من حقوقها مع أنها كانت تعد من الشعوب المدجنة والتي أكل الهوان فيها حتى وصل إلى العظم، نعم لقد ثار الشعبان السوري والليبي واستهانا بالموت والتعذيب مع أن أحوالهم كانت أفضل منا بكثير في معظم مجالاتهم وجوانب حياتهم اللهم إلا نقص الحريات الذي كان يمثل السمة العام في البلاد العربية. أهلنا في هذه البلاد جميعهم يتفقون على أن الحال وصل إلى حد تصعب استمرارية الحياة معه الساسة يشتكون والحكام يؤكدون المواطنون على أمرهم مغلوبون ولم نجد قط من بين من التقينا شخصًا يتدفق الأمل من بين يديه، الكل يشكو من الغلاء والبلاء وتدهور الأخلاق ومن انهيار الاقتصاد ومن عدم التوصل لحلول سياسية شاملة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ومن عدم التوصل إلى سلام دائم مع دولة الجنوب وحل الملفات الأساسية معها مثل الملف الأمني وقضايا الحدود ومنطقة أبيي ودعم حركات التمرد وإيوائها وغيرها من الأمور. الحمد لله الكل يشكو والكل يتألم وهذا وحده هو الحافز الذي بقى لنا لكي نأمل في التغيير إلى الأفضل وكنت أخشى على شعبنا أن يفقد الشعور بالألم والإحساس بالألم مهم جدًا للبحث عن المخرج. للتواصل مع القراء 0912319896