«يسمح بالسفر لكافة دول العالم ما عدا إسرائيل» عبارة هي بمثابة عنوان خاص لوثيقة السفر السودانية ورسم منفصل يحكي قصة ألوان من الحذر والرفض للتعامل مع إسرائيل الدولة المحتلة لأراضي الفلسطنيين منذ العام 1948.. وعلى أروقة السياسة أغلقت الحكومات السابقة باب التعامل مع تل أبيب وشهد كل ذاك التاريخ صنوفًا من الحروب الاستخبارية والعمليات المخابراتية الدقيقة بين الخرطوم وتل أبيب بات فصل جديد منها على الاقتراب مع وصول «1000» لاجئ سوداني من تل أبيب الأسبوع الماضي مما يعتبره البعض جزءًا من صراع استخباري آخر عبر جواسيس أو عملاء تم تدريبهم عسكريًا وفق ما نقلته صحافة الخرطوم السبت الماضي، وحكت روايات مختلفة قصة صراع المخابرات بين البلدين برغم تمسك الجانب السوداني في كثير من الأحيان بقفل أسراره بالضبة والمفتاح، وقد لا يصدق العديد أن المخابرات السودانية حققت انتصارات مدوِّية في عدة مجالات استخبارية على المخابرات الإسرائيلية حسبما سردت عدد من الروايات، وإبان الأسبوع الماضي قامت تل أبيب بترحيل «1000» لاجئ سوداني للبلاد بطريقة وصفتها الصحافة بالسرية والبعيدة عن أعين الأممالمتحدة عبر دولة ثالثة، وفي المقابل أقرت وزارة الداخلية بوصول عدد من اللاجئين للبلاد وأكدت أنها شرعت في التحقيق معهم ومساءلتهم عن أسباب عودتهم دون إخطار والتنسيق مع الأممالمتحدة، وقال وزير الدولة بالداخلية بابكر دقنة ل«الإنتباهة» الأسبوع الماضي إن الوزارة تحقق مع اللاجئين في الوقت الذي تلقفت فيه مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين قفاز الأمر وطالبت تل ابيب بتفسيرات عن ترحيل اللاجئين السودانيين سرًا لبلادهم. في إحصائية نشرتها الزميلة «السوداني» أظهرت وجود «20» ألف لاجئ سوداني بإسرائيل وقالت إن جميع اللاجئين لجأوا إليها في الخمس سنوات الماضية وأوضحت أن «25%» منهم من دارفور بجانب «15%» من جبال النوبة، وذكرت أن العائدين ربما تم تدريبهم بواسطة جهاز الموساد والجيش الإسرائيلي لتنفيذ أعمال محددة في حرب أخرى بخلاف لغة البندقية وتبدو الطريقة التي أعادت بها تل أبيب هؤلاء اللاجئين برغم محاولة تغليفها بلباس الظروف السياسية إلا أن النظر من نافذه أخرى يعجل بمشاهد ذات طبيعة مخيفة تجري بجداول الظنون والتخوفات الأمنية وبتأكيدات مصدر «السوداني» بأن هناك من تم تدريبهم بواسطة الموساد وغيرها من الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية يتضح بجلاء أن تل أبيب قادت عملية منظمة ودقيقة تقضي بإدماج بعض العناصر التجسسية ضمن توليفة كبيرة من العائدين لتعقيد الأمر على الأجهزة الأمنية السودانية في التقصي ومعرفة من الجاسوس والعميل من اللاجئ العادي الذي عاد أدراجه لعدم استقباله بدولة الاحتلال وفيما يبين التحليل أن الواجهة هنا ذات نطاقين للرؤية تمثل العملية ملامح وعنوانًا واضحًا لقصة عمل استخباري بدأ في الدوران عبر عجلات اللاجئين هؤلاء بخلاف طرق التجسس التقنية الأخرى مثل الطائرات وكاميرات المراقبة بالأقمار الصناعية وسابقًا عثرت الأجهزة الأمنية في السودان في منطقة كرينك بغرب دارفور على نسر مزوَّد بمعدات تجسُّس متقدِّمة إسرائيلية الصنع وقصفت طائرات إسرائيلية مجمع اليرموك للصناعات الحربية بالخرطوم في عملية أقرت بها تل أبيب، وتكاد تكون الصورة هنا مطابقة لعودة عدد من اللاجئين لدول أخرى خاصة الدول العربية ذات الخلاف والعداء مع تل أبيب في شكل مجموعات لاجئين يندس في وسطهم عدد من الجواسيس أو الراغبين في العمل مع تل أبيب في جملة من المسببات الاستخبارية والاقتصادية وغيرها من المسارات المختلفة التي ترتبط بعملية مثل قصف اليرموك وتمليك معلومات استخبارية حول أهداف إستراتيجية وعسكرية لتل أبيب وربما تشهد عملية التحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية عددًا من المعلومات المطابقة للحديث السابق. وكل من له علاقة بمدينة إيلات الجنوبية في إسرائيل تنظر له عدة أجهزة مخابرات عربية بريبة باعتباره جاسوسًا تم تدريبه على مستوى عالٍ من قبل جهاز الموساد، وبخلاف من يقضون وقتهم في السجون الإسرائيلية يتمتع من يقيم بالمدينة الجنوبية بالإقامة في أكبر الفنادق ويخضع لدورات تأهيل دراسية وعلمية ويتم اختياره للعمل مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وفق عناصر محددة تشمل حزمًا عقائدية ونفسية وفكرية وسياسية واجتماعية وجسدية وبدنية وغيرها من عناصر التجنيد الاستخبارية المرتبطة بظروف خاصة ومع الأيام ربما تتكشف كثير من الخفايا المحيطة بالأمر من الأجهزة الرسمية وربما أيضًا تحتفظ الأجهزة لنفسها بسر عودة اللاجئين وكذلك ربما تكون تل أبيب شرعت في تكوين خلية جاسوسية في إطار سياستها الإستراتيجية المعلنة بإضعاف السودان وخلخلة قوته.