مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي دعت رجال الأعمال في السعودية للاستثمار في الأمن الغذائي لمواجهة الطلب العالمي وزيادة السكان، تطابقت المبادرة مع مبادرة أعلنها الرئيس عمر البشير لدعوة الدول العربية والإسلامية للاستثمار للأمن الغذائي في السودان كما جاء في القمة الاقتصادية الأخيرة بالرياض. وكان البلدان الشقيقان الجاران السعودية والسودان يعدان هذه الأيام لملتقى استثماري كبير في العاصمة الرياض.. ولهذا كان هذا اللقاء مع وزير الاستثمار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الذي هو حصيلة لقاءات ممتدة مع الرجل ذي المشغوليات المتعددة ومن خلال الأسئلة التي جاءتنا من السعودية ومن خلال عشرات علامات الاستفهام التي تُثقل هموم المستثمرين وتجاربهم السابقة... كان هذا الحوار الذي طلب الدكتور مصطفى في بدايته التعبير عن مشاعره الخاصة نحو السعودية وأهلها وأبناء السودان المقيمين بمدنها المختلفة وقال: مايربطنا بالشقيقة السعودية ويكفي أنها قبلة المسلمين وخادمة ضيوف الرحمن وعلى المستوى السياسي لا أتذكر وجود أزمة كبيرة بين البلدين أدت لقطيعة والحمد لله.. كما أننا نعلم مدى حماس القيادة والشعب السعودي لتطوير علاقة البلدين وهذا ما لاحظته خلال السنوات التي قضيتها في وزارة الخارجية، وحاليًا نحن في وزارة الاستثمار نعمل بشدة لتحقيق رغبة قيادة البلدين ومبادرتي خادم الحرمين والرئيس البشير. لكن يا دكتور نلاحظ العديد من الشكاوى من المستثمرين السعوديين؟ نعم، لاحظنا ذلك وعقدنا معهم جلسات مطوَّلة حصرنا فيها كل المعوقات، وهذا ما تم أخذه في الاعتبار في قانون الاستثمار الأخير الذي أجازه مجلس الوزراء الأسبوع الماضي. ماذا بالتحديد تم بشأن ما تم نشره حول ملكية الأرض والنقد الأجنبي والبروقراطية على سبيل المثال؟ القانون الجديد أكد أهمية الاستثمار للتطور الاقتصادي وتوفير النقد الأجنبي وتشغيل العمالة وتوفير التقانة الحديثة للبلاد. وبخصوص ملكية الأرض طلبنا من الإخوة السعوديين التقدم بمقترح حول هذا الأمر، وبالفعل تسلمنا مقترحهم وعرضناه على الرئيس البشير الذي وافق عليه مبدئيًا وحاليًا تُجري الجهات المختصة في وزارات العدل والإسكان والولايات والاستثمار لوضعه موضع التنفيذ، وسنعلن ما تم التوصل إليه في الملتقى المقبل.. أما النقد الأجنبي فإننا أكدنا وجاء هذا في القانون أن أي نقد أجنبي يدخل به المستثمر من حقه أن يخرج به كاملاً.. وكان الخلاف في إعادة تحويل الأرباح لوجود أكثر من سعر لدى البنك المركزي وهذه أيضًا سيتم تجاوزها.. كما نص القانون على حماية الاستثمار من المصادرة والتأميم بالقوانين الدولية. كيف يمضي الإعداد لقيام الملتقى الاستثماري السعودي السوداني؟ يمضي وفق رؤية مشتركة، وقد اقترح الإخوة في السعودية توسيع أجندة الملتقى لاستثمار كامل في شتى المجالات بدلاً من الأمن الغذائي، ولهذا تولت مجموعة الغرف السعودية الإعداد والتنظيم بدلاً من وزارة الزراعة واتفقت رغبتنا ورغبتهم لتأجيله حتى شهر أبريل المقبل للمزيد من الإعداد وتحقيق رغبة قيادة البلدين وتقديرًا للرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين. ما هي أبرز مجالات الملتقى؟ الملتقى يتكون من جلسة افتتاحية عامة يخاطبها المسؤولون ثم معرض ومناقشة عدة أوراق علمية أعدها الجانبان السعودي والسوداني مع عرض للنماذج الناجحة لاستثمارات سعودية بالسودان واستثمارات سعودية خارج السودان واستثمارات غير سعودية في السودان.. وسيجد رجال الأعمال في البلدين الفرصة للحوار وعقد الاتفاقيات وطرح رؤاهم للمستقبل. ما هو تقييمكم للاستثمارات السعودية في السودان حتى الآن؟ راضون عنها تمامًا؛ لأنها متطورة وممتدة وأحس بها المواطن السوداني لأنها شملت أجزاء مختلفة من البلاد وحققت نجاحًا في مجالات الأمن الغذائي وصناعة الأسمنت والزراعة ومشروعات الخدمات كما لاحظنا، وثبت لنا أن معظم العمالة في المشروعات السعودية من السودانيين بل أبلغنا عددْ من المستثمرين أنهم يعتمدون على الكفاءات السودانية في مشروعاتهم في السعودية وغيرها. يشكو بعض المستثمرين من تأخير الإجراءات وصعوبة الوصول للتصديق النهائي؟ القانون عالج هذين الأمرين، وكان قرار النافذة الواحدة التي تجري وتكتمل فيها كل الإجراءات مع تفويض المسؤول المباشر حتى يكون الأداء وفقًا للقانون واللوائح.. ولاحظنا أن عددًا من المستثمرين يقع ضحية لسماسرة يوهمونهم بوصولهم للمسؤول وهنا أوضحنا أن المستثمر سيصل للمسؤول بسرعة بل قد تبدأ من رحلته من بلده للمطار للمسؤول وكذلك وضعنا ضوابط صارمة للقضاء على أي فساد أو حتى شبهة فساد عند العاملين في الاستثمار بل نوافق حتى للصحافة أن تشير لأي موقع فساد وسيطوله التحقيق والحسم. هل أعدَّت وزارة الاستثمار مشروعات جاهزة للمستثمرين فقد يكون هذا مما يشجعهم؟ نعم أعددنا «450» مشروعًا تشمل التعدين والزراعة والخدمات والعقار وقسمناها إلى أربع فئات «أ» و«ب» و«ج» و«د» حسب جاهزيتها واكتمالها وأقصد دراسة الجدوى وتوفير الأرض والمياه والاتصالات كما وصلنا من الجهات العديدة من الولايات والمؤسسات منها «30» مشروعًا للزراعة بأكثر من «13.5» مليار دولار وأخرى في التعدين والخدمات بأكثر من «7.5» مليار دولار. أخيرًا يا دكتور تابعنا بعض الشكاوى من تعدد الجبايات والضرائب حتى ما بين المركز والولايات؟ سنضع القانون عندكم لنشره وتلاحظون أنه عالج هذا الأمر.. فلا ضرائب على الاستثمار.. وحددنا المشروعات بل طلبنا من كل ولاية تقديم خارطتها الاستثمارية وتسلمنا من معظم الولايات عدا أربع ولايات فقط.. والقانون وحتى الدستور واضح في تحديد مجالات الاستثمار الاتحادي والولائي.. فمثلاً الاستثمار في النفط والتعدين اتحادي.. أما مساحة الحرية للولايات فهي كبيرة ومطلقة وهنالك ولايات سجلت تقدمًا هائلاً في جذب ونجاح مشروعات الاستثمار.