قبل أن أسترسل في الحديث عن أحداث الدمازين، أطرح على القارئ سؤالاً لم يبرح ذهني قط ومنذ عدة أيام تجول بذهني في كل الاتجاهات عسى أن أجد له إجابة شافية وهو: ما هو الشيء الذي لم يستطع مالك عقار أن يفعله وهو والٍ ويمكن أن يفعله وهو متمرد؟! بصورة أخرى ماذا يريد عقار من أحداث الدمازين الأخيرة؟ هل يريد السيطرة على الولاية ليكتمل ميلاد كيان الشمال في جمهورية السودان؟! أم يريد أن يصل بها إلى السلطة في الخرطوم؟ عشرات الأسئلة تترى ولن تجد الإجابة الشافية، فقد جعل الرجل عيد الفطر المبارك في الدمازين «مآتم» فعل ما فعل في أعناق الأبرياء، ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن «الخلاص» وبلغة الجيش «التحرير» الذي رفعته قواتنا المسلحة شعاراً لاستئصال شأفة الحركة الشعبية من الشمال هو الحل؟! فإنني أتمنى أن نقف لحظة لكي نطالع أشاوس القوات المسلحة وهم يدحرون فلول العمالة، ويثبتون مقدرتهم على تحرير هذه الولاية «شبر شبر» من جرذان الحركة الشعبية، وحبذا لو دققنا في خطة تحرير منطقة قيسان، حتى نطمئن إلى أننا نحمل سمات التكتيك العسكري، وأن قواتنا استوفت شرائطه، وسددت استحقاقاته، في عملية نوعية مفروض أن تدرس في الأكاديميات العسكرية. وما كان فيها من تنسيق بين القوات الخاصة والدفاع الجوي والفرقة الرابعة مشاة، رداً على عدوان عقار المستمر، وترويع الشعب بعمليات شديدة القسوة، جل قادة الحركة الشعبية خرجوا من نظام الشمال بمجرد إعلان الانفصال إلا عقار ومن سار على نهجه من شرذمة الحركة الشعبية أمثال الحلو وعرمان الذين أرادوا أن يكونوا خنجراً مسموماً في خاصرة الشمال، رغم كل الذي نعرفه عن الرجل، ورغم إحراقه لعلم السودان في زمن تمرده مع والي نعمته الهالك قرنق، ارتضيناه والياً لولاية آمنة، لكنه لأنه ابن الغابة، الذي هضم قانونها، وقتل من قتل فيها، وفي النهاية ستأخذه الغابة التي افتعلها في الدمازين وتنتهي حياته فيها، من هنا نحيي الشهيدين العقيد/ قطية والرائد/العوض الأسد الذي سُمِّيت عملية تحرير قيسان باسمه. وعن «جامعة السودان المفتوحة» سنحكي بإذن الله تعالى.