يقال في الأمثال إن «شر البلية ما يضحك» أي أنك تسخر من حالٍ مزرٍ قد وصل إليه حضرتك وحتى إن لم تكن أنت المتسبب فيه، فربما يكون المتسبب فيه هو حكومة أو وزير مالية أو أحزاب وأفراد معارضة أو إجراءات وأنظمة قديمة من عهد الاستعمار، ما زالت تحكمنا وتطبق حتى اليوم، ولكن لقلة حيلتك وعدم قدرتك على مواجهة من فرضها عليك قهراً، ما لك إلا أحد أمرين: إما أن تصبر وتكتم، أو تسخر فتضحك وتنشرط فتموت كمداً، وتكون قد نلت شرف ونعمة الشهادة، لذلك كان فن الكاريكاتير هو خير من يعبر عن هذه السخرية أي الكوميديا العبثية السوداء! ويبدو أن الأنظمة والحكومات في غابر الأزمان أي قبل العولمة وازدواجية المعايير في إقليمنا الأفروعربي كانت قد سبقت الكل وبدأت من حيث انتهى الآخرون، فكانت أشطر من منظمات حقوق الإنسان يومئذِ، والتي كانت دوماً تنتظر منها ردود الفعل المعروفة التي عادةً ما تبدأ بتعذيب مواطنيها وتمر بسحلهم ثم يتدرج الأمر ليصل فقأ أعين أو بتر أعضاء، كالأصابع أو الآذان وذلك حتى تترك لك عاهة مستديمة على سبيل التذكر والتفكر والتدبر والتعقل، ثم التفكير مليون مرة قبل أن تحدثك نفسك الأمارة بالسوء بتكرار ما قد قمت به.. اليوم يمكن لأي معارض أن يؤلف سيناريو تكون بطلته معارضة ليس للحياء مكان في معجم أخلاقياتها أن تلبس «بنطالاً محزقاً» يظهر كل المفاتن، وأن «تتقصع وتتمرقع» في حركات إغراء متعمدة تثير بها الغرائز، وما أن يعترضها أمن المجتمع حتى تبدأ«كلاب جبّادة» الهوهوة فيستدعون قناة «فرانس 24» كما يتناول الإعلام المصري الأمر بسخرية مكتومة من صاحبة البنطال ويبدو ذلك جلياً عند استضافتها!! ألم أقل لكم إن الزمان قد تغير وإن دوام الحال من المحال وما على المعارضة إن أرادت أن تتحرش بأي نظام، فما عليها إلا أن تطلق عليه امرأة عاهر فتصيب أهدافها. هناك مثل قديم يقول: «إن أردت أن تهزئ رجلاً فحَرِّش عليه امرأة، وإن أردت أن تهزئ امرأة فحرِّش عليها شافع». أنقل لكم مقتطفاً من موقع وصّف نفسه على أنه يساري علماني ديمقراطي، وفي هذا المقتطف شخّص حال المعارضة العربية، والمعارضة السودانية ليست استثناءً، خاصة أن صوتها أكثر علواً وضجيجاً وهي نفسها من ينطبق عليها ذات تصنيف ذاك الموقع لنفسه: «قوى المعارضة العربية، غير قادرة على تطوير أدواتها السياسية أو الإعلامية، وهي بذلك عاجزة عن استغلال فرص الإصلاح المتاحة اليوم، التي قد تختفي غداً، أو بعد غد!!» السودان، وعلى الرغم من أنك سوداني أباً عن جد وبيدك شهادتا ميلاد وجنسية كمان بالميلاد، لكن لا يحق لك أن تمتلك أرض منزلك ولا متجرك ولا مزرعتك لأن الدولة تظن أنها تمن على مواطنيها لأنها تلعب دور الوصي أو «الإقطاعي الأكبر» الذي يمن أيضاً على المزارعين الذين يعملون بالسخرة في أرضه التي أصلاً هي ملك لهذا الشعب وهذا الإقطاعي لا يملكها حصراً ولا يحق له التصرف فيها، ومن يضمن أنه ربما تمر بالإقطاعي لحظة يكون فيها معكر المزاج فيبطش بك يرميك وأهلك وجدودك خارج الإقطاعية أو العزبة مثلما حدث مع أصحاب «الأكشاك»!! في دولة «خرمستان» يمكنك أن تمارس الخيانة العظمى والتخابر ضد وطنك تحت شعار براق هو معارضة النظام، دون أن يتعرض لك أحد أو حتى تقع تحت طائلة القانون، بل يمكنك أن تثرى من مال السحت على حين غرة ودون أن تسألك السلطات في دولة «خرمستان» من أين لك هذا؟!