نص خطاب السفير عبد الله الأزرق لأعضاء مجلس العموم ومجلس اللوردات وجه سفير السودان لدى بريطانيا عبد الله الأزرق رسالة مطولة لوزير الخارجية البريطاني و»1500« شخصية بريطانية عامة من بينهم خمسة وأربعون نائباً ولورداً في البرلمان البريطاني، رداً على رسالتهم لوزراء خارجية بريطانيا وأمريكا وأستراليا التي قاموا من خلالها بالتحريض ضد السودان، وفيما لفت الأزرق نظر النواب إلى التحيز والمبالغات والمعلومات المغلوطة التي فاضت بها رسالتهم، كشف عن زيف كثير من ادعاءات البارونة كوكس التي ظلت تستهدف السودان قرابة ربع قرن، وترويجها أن السودانيين يمارسون الرق. وحذر من الدفع باتجاه إسقاط النظام الحالي، مؤكداً أن القوى الغالبة الآن بالسودان هي قوى التيار الإسلامي المعتدل، وأكد أن استهدافها يعني استبدالها بمتطرفين، وزاد قائلاً: »سيندم الجميع وقتها على فعلتهم التي فعلوها«. وذكر الأزرق خلال الرسالة التي تحصلت عليها »الإنتباهة« وتنشرها في المساحة التالية أن النواب واللوردات في خطابهم تجاهلوا أن دولة جنوب السودان تحتل مساحات من أرض السودان، وأنها لم تغير وضع فرقتيها التاسعة والعاشرة وفق ما قضت بنود اتفاقية السلام الشامل، وأنها تأوي وتدعم متمردي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وأضاف أن الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال هي نفس الحركة التي تحكم الجنوب الآن، وما هؤلاء إلا وكلاء لها تمولهم وتسلحهم وتأويهم. وتحدي الأزرق اللوردات أن يبرزوا أية دليل على وجود قبور جماعية لثلاثمائة ألف قتيل ادعوا أن الحكومة قتلتهم في دارفور، مشيراً إلى أن القوات الدولية تجوب دارفور ولم تعثر على قبر جماعي واحد، وعدد السفير اثنتي عشرة منظمة وخبيراً ومبعوثاً شهدوا بأن الإبادة الجماعية محض إدعاء. عزيزى السيد..... أكتب بالإشارة إلى خطابكم المفتوح بلا تاريخ المعنون «عشر سنوات على دارفور. خطاب إلى وزراء الخارجية» والذي وقَّعه عددٌ من الأعضاء في البرلمان البريطاني الموقر وأعضاء في الكنجرس الأمريكي والبرلمان الإسترالي والذي بُعث إلى وزراء الخارجية في البلدان الثلاثة. بداية، أود أن أشكركم على اهتمامكم بالأوضاع في السودان وأود أن تتفضلوا بالسماح لي أن أبين أنَّ خطابكم كان مضللاً في كثير من جوانبه وأهمها:- أنَّ السودان شهد انتخابات حرة ونزيهة في العام «2010» وكانت مراقبة بمراقبين مستقلين من الاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومركز كارتر، وأنهم أعلنوا أنها انتخابات نزيهة، بما فى ذلك انتخابات الرئيس عمر البشير. يتمتع السودان بنظام متعدد الأحزاب فيه أحزاب مستقلة تعمل بحرية من مقارها، مثلما أنه يتمتع بصحافة مستقلة ومحطات إذاعية وتلفزيونية ووصول غير مقيد للشبكة العنكبوتية. إن الانتخابات التى جرت في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في العام «2011» كانت أيضاً مراقبة دولياً بما في ذلك «مركز كارتر» الذي وصفها بأنها انتخابات نزيهة. إلا أن الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال رفضت نتيجة هذه العملية الديمقراطية وحملت السلاح ضد الحكومة، هذا رغم أن السيد برنستون ليمان المبعوث الأمريكي الخاص للسودان نصح الحركة الشعبية بالذهاب للقضاء إذا كانوا يشكون في النتيجة، إلا أن نصيحته لم تجد منهم أذناً صاغية. جدير بالذكر هنا أنَّ الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان قطاع الشمال تقاتل في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق باسم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التابعة لدولة جنوب السودان والتي تحكم الجنوب الآن. ارتكب المتمردون في جنوب كردفان والنيل الأزرق فظائع مريعة ضد المدنيين وذلك عبر القصف المدفعي العشوائي لمدن كادقلي وتلودي وقرى أخرى، نجم عنها موت عشرات المدنيين بمن فيهم النساء والعجزة والأطفال مما أجبر الأممالمتحدة على تغيير مواقع مكاتبها هناك. وإنه لمن المؤسف حقاً أن الخطاب لم يُشر إلى هذه الاعتداءات ولم يلم المتمردين على انتهاكاتهم المريعة والتي تضمنت أيضاً تجنيد الأطفال القصر في العسكرية واستخدام المدنيين دروعًا بشرية. وتجاهل الخطاب حقيقة أن الرئيس عمر البشير قد أكد أنه بالفعل رجل دولة بإتمامه اتفاقية السلام الشامل ودعمه لاستفتاء سلمي نجم عنه انفصال جنوب السودان. ولم يعترف خطابكم أن السودان قدَّم تضحيات في سبيل ذلك إذ فقد سكانه وموارده الطبيعية وثلاثة أرباع نفطه، وأنه إنما فعل ذلك رغبة في تأسيس سلام دائم في الإقليم. وتجاهل الخطاب حقيقة أن جمهورية جنوب السودان تحتل مساحات من السودان وترفض إعادة تموضع فرقتها العسكرية التاسعة وفرقتها العسكرية العاشرة مثلما قضت اتفاقية السلام الشامل الموقَّعة في العام «2005» وظلت تؤوي وتدعم المتمردين في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور. أما بالنسبة لدارفور، فأود أن أشير إلى حقيقة أن المتمردين في دارفور رفضوا التوقيع على اتفاقية أبوجا واتفاقية الدوحة رغم أن كلتا الاتفاقيتين وجدت استحسان المجتمع الدولي بما فيه بريطانيا العظمى. وأشير هنا إلى أن السودان كان قد وُعد بأن يكافَأ عقب التوقيع، ولكن للأسف فإنه لم يتم الوفاء بذلك الوعد واستمر فرض العقوبات عليه ولم تُمس حركات المتمردين. اسمحوا لي أن أقول إن الادعاء أن الحرب في دارفور أدت إلى إزهاق ثلاثمائة ألف نفس من البشر إنما هو ادعاء لا يقوم على أساس وإنه تم رفضه من قِبل «وكالة معايير الإعلان البريطانية» وأجهزة موضوعية عديدة أخرى ثم إنَّ حقيقة أن قوات الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي UNAMID يونميد والتي تجوب دارفور الآن لمدة نيفت على الست سنوات ولم تجد قبراً جماعياً واحداً برهانًا على المبالغات المتعلقة بهذه الأرقام. لم يعترف الخطاب بحقيقة أن «تغير المناخ » Climate Change فاقم مشكلة ندرة الموارد الطبيعية ومن ثم تزايد حدة المنافسة فيها بين الرعاة والمزارعين في دارفور وأن هذا السبب الجذري لحقيقة الصراع هناك. وأن كلاً من بروفسير وانقاري ماثاي الحائزة على جائزة نوبل وبروفسير ممداني يتفقان أن تغير المناخ من بين الأسباب الرئيسية للصراع في دارفور. إن المتمردين الآن بدارفور انحصروا إلى أن غدوا جماعات نهب مسلح وقطاع طرق ينهبون المدنيين ويخطفونهم ويهاجمون حتى قوات «ينميد». وإن الغالبية من القادة الميدانيين لحركة العدل والمساواة وهي الفصيل الأكبر في دارفور وقَّعوا مؤخراً اتفاق وقف إطلاق نار مع الحكومة السودانية وإنهم يفاوضون حول تسوية سلمية. وإنني لأرى أن الذين يتمنون الخير للسودان WELL WISHERS ينبغي أن يدعموا هذا المسعى، وأن يحثوا بقية مجموعات التمرد أن يجنحوا للحل السلمي. وإن منظمات وشخصية عالمية مرموقة أعلنت أنه لم تتم «إبادة جماعية» في دارفور، وأحصر الأمثلة في الآتي:- القاضي أنتونيو كاسيسي رئيس لجنة الأممالمتحدة الخاصة بالتحقيق في دارفور والذي قال: «إن اللجنة توصلت إلى نتيجة أن الحكومة السودانية لم تتبع سياسة الإبادة الجماعية. هذا إضافة إلى أن التقرير أثبت عدم وجود التهمة الأساسية المتعلقة بإثبات الإبادة الجماعية وهي توفر القصد والنية لارتكاب جرائم أفعال إبادة. وإن العنصر الأساسي للإثبات هنا هو القصد والنيه لا يتوفر على الأقل فيما يلي السلطات الحكومية المركزية» ونصه هذا يناقض ما جاء في خطابكم. السيد/ جون دانفورت المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان والذي قال في برنامج بانوراما في الBBC «هيئة الإذاعة البريطانية» يوم 3 يوليو 2005م إن كلمة إبادة استُخدمت في أمريكا فقط لإرضاء اليمين المسيحي وذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكيَّة 2004م. السيد/ أندرو ناتسيوس المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان وذلك في كتابه «السودان وجنوب السودان ودارفور» صفحة 154. السيد/ جان إيقلاند مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية السابق في شهادته أمام مجلس العموم البريطاني في 9 فبراير 2005م. السيدة/ أسماء جهانقير مقرر لجنة الأممالمتحدة الخاصة بالإعدام العشوائي وخارج القضاء وذلك في الBBC بتاريخ 8 يونيو 2004م. السيد/ جين هارف باردول الذي كان يعمل في منظمة «أطباء بلا حدود» في دارفور والذي رفض ادعاء التطهير العرقي - فاينانشيال تايمز بتاريخ 6 يوليو 2004م. السيد / د. أليكس ديفال الأكاديمي والمؤلف البريطاني الخبير بدارفور. السيد/ بروفسير محمود ممداني الخبير بدارفور والذي ألف عنها كتاباً عنوانه «منقذون وناجون« «SAVIORS AND SURVIVORS » وهو مستشار الأممالمتحدة بدارفور. حكومة المملكة المتحدة. الاتحاد الأوروبي. الأممالمتحدة. ومن ثم فإن الادعاء أن إبادة جماعية أو تطهيرًا عرقيًا في السودان إنما هو مثل ادعاء وجود أسلحة دمار شامل في دارفور. فمن يقف وراء هذا؟ إن خطابكم وبكل أسف تجاهل كل الحقائق بل استبدلها بأن أسس تعليقاته على ادعاءات نشرتها البارونة كوكس التي ظلت باستمرار تقرع طبول الحرب وتبدي أفعالاً تنم عن إسلاموفوبيا ولم تعمل أبداً أو تتوسط من أجل السلام في السودان. وإنه لمن المؤسف أن تظل البارونة كوكس منغمسة في نشر شائعات خبيثة كان من بينها إشاعتها أن السودان يمارس الرق وتصدى لها نفر من الشخصيات المتحلية بالموضوعية ومن بينهم خبراء وذلك في برنامج «60 minutes » الشهير في قناة CBS الأمريكية في 15 مايو 2008م. أما فيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في النيل الأزرق وجنوب كردفان فدعوني أوضح أن الأممالمتحدة لم يسبق لها أبداً «أكرر أبداً» أن قدرت عدد النازحين بما يقارب مليون شخص حسبما أشار خطابكم وإنه وبالتناقض لما جاء في خطابكم فإن لا الأممالمتحدة ولا أي منظمة دولية تعمل في المنطقتين تقول «إن مئات الألوف سيموتون» وإن ما أسماه خطابكم «الخبراء المستقلون» يحتاج إلى بيان وتوضيح. وبعكس ما يقول خطابكم أقول إنه لن تكون هناك مجاعة في المنطقتين في أبريل «2013م» وذلك وفقاً لمسوحات مكتب تنسيق الشؤون الإنساسية التابع للأمم المتحدة ولليونيسيف والمنظمات الأخرى العاملة هناك. إن «لوردات الفقر» هم من وراء هذا الادّعاء. وأرجو أن تسمحوا لي بأن أقول إن السودان عبَّر عن استعداده لتطبيق الاتفاقية الثلاثية بين الأممالمتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي بشأن المساعدات الإنسانية في المنطقتين، إلا أن المتمردين رفضوا مناقشة الترتيبات الأمنية الخاصة بإيصال الأغذية للمناطق الواقعة تحت سيطرتهم وهي ثلاث محليات من مجموع «14» محلية في ولاية جنوب كردفان ونصف محلية في ولاية النيل الأزرق. ورغم هذا فإن حكومتي تسمح للمواطنين القاطنين في مناطق سيطرة المتمردين بحرية الحركة والتسوق في كلتا الولايتين. وإنني لأعتقد أن بعض الدوائر تلجأ لمثل هذه المبالغات لمصلحة بعض المنظمات وليس لأهداف إنسانية. وإن حقيقة أن البارونة كوكس دخلت السودان من غير الحصول على تأشيرة دخول منا يثبت أن هناك طرقاً وممرات سرية لنقل الناس والأسلحة والأغذية، وهذا يكفي لآن يدحض ادعاءات أن الولايتين معزولتان وأنهما على شفير المجاعة. أخيراً لا آخراً، فنحن نريد مساعيكم الحميدة لإقناع حكومة جنوب السودان بالامتناع عن إيواء ودعم متمريدي دارفور والمنطقتين الأخريين، وأن تفي بالتزامها بتطبيق اتفاق 27 سبتمبر 2012 والذي وقعته معنا في أديس أبابا بشمولية وتنسيق وبلا شروط. وكذلك الأمر بالنسبة لما صدر عن قمة رئيسي البلدين في 5 يناير 2013 في أديس أبابا. وأرجو أن تسمحوا لي لي أن أفيد أن «اللاعبين السياسيين» الأساسيين في السودان اليوم هم التيار العام المعتدل لمسلمين ديمقراطيين يؤمنون بحقوق الإنسان والحريات، وأن استبعادهم ووضع العقبات في طريقهم، إنما يمهد السبيل للأقلية المتطرفة الإرهابية. وإن استهداف هذا التيار العام للمسلمين المعتدلين في السودان لأفضل وصفة لخلق الكثير من أمثال بن لادن وعندها سنكون جميعاً من الخاسرين. وإن الطريقة التي تم عبرها تبني القرار 1593 «2005» في مجلس الأمن في إجتماعه رقم 5158 في مارس 2005 والذى أحال موضوع دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية ICC والتي اتسمت بالمناورة لاستثناء مواطني الولاياتالمتحدة توضح ازدواج المعايير وظلم النظام الدولي الذي يحابي أعضاء مجلس الأمن. هذا من شأنه أن يشجع المتطرفين الذين سيقولون ساخرين «هذه هي الطريقة التي يعامل بها الغرب المعتدلين من المسلمين». إن السودان ملتزم بالوفاء باتفاقياته ولديه الرغبة الحقيقية والإرادة لأن يقيم علاقات ودية مع كل جيرانه بما فيها دولة جنوب السودان. واسمحوا لي أن أكرر شكري لاهتمامكم بالسودان وسأكون في أهبة الاستعداد لمزيد من الحوار معكم إن أبديتم رغبة في ذلك. مخلصكم السفير/ عبد الله حمد الأزرق سفير السودان لدى بريطانيا