بالأمس بادرت الحكومة بتنفيذ الاتفاقية الأمنية التي وقعتها مع دولة جنوب السودان مطلع مارس الجاري، وجاء التنفيذ بعد مباحثات مكثفة بين الطرفين على مصفوفة الترتيبات الأمنية، التي نصت على أن إنشاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح، يتطلب إجراء خطوات أبرزها سحب قوات البلدين من المنطقة بإصدار أوامر فورية للقوات فى البلدين الموجودة بالمنطقة بضرورة الانسحاب فى الفترة بين «14- 21» مارس الجاري. وجرى اتفاق الطرفين على تولي قائد البعثة الأممية بأبيي «يونسفا» مراجعة ومراقبة عملية انسحاب الجيشين بعد «33» يوماً من بداية صدور الأوامر الأولية المحددة. وبالأمس سلمت الحكومة قائد قوات «اليونسفا» في منطقة أبيي خطاباً رسمياً أعلنت فيه خلو المنطقة الواقعة جنوب خط الأول من يناير 1956م من أية قوات سودانية. وبهذا فإن السودان أوفى التزامه التام بشأن عملية الانسحاب الذي كان يوم 17 آخر يوم لها بحسب المصفوفة. انسحاب الجيشين يعتبر واحداً من بنود اتفاقية الترتيبات الأمنية بين البلدين التي وقعت فى العاشر من مارس الحالي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ونصت على الانسحاب الفوري لقوات البلدين مسافة «10» كيلو مترات جنوب وشمال خط الصفر المتفق عليه لإنشاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين البلدين. وكان الوسيط الإفريقي في المفاوضات بين الدولتين ثامبو أمبيكي قد أكد في تصريحات صحفية، أن الاتفاق حدد السابع عشر من الشهر المقبل موعداً لاجتماع الآلية السياسية والعسكرية دون تحديد منطقة محددة للمفاوضات، وأضاف أمبيكي أن مقترح وفد الحكومة السودانية حدد كادوقلي بجنوب كردفان مكاناً للمفاوضات. وأكد على أن السودان وجنوب السودان قد وافقا على سحب قواتهما من منطقة حدودية منزوعة السلاح بحلول 14 مارس الماضي. ووصف مراقبون الاتفاق بين البلدين بأنه لا جديد فيه حتى يثبت العكس، وتظهر نتائج ملموسة على أرض الواقع. وبحسب رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني فاروق أبوعيسى الذي اعتبر في تقرير نُشر على «سودان تريبون» أن الاتفاق لا جديد فيه، وعزاه لعدم جدية الطرفين في تنفيذ اتفاق التعاون الذي وقعه رئيسا البلدين عمر البشير وسلفا كير ميارديت في سبتمبر الماضي، مشيراً إلى أن أزمة الثقة بين الخرطوموجوبا يعيق حل القضايا العالقة بين الدولتين. الخطوة حذر منها متابعون ومراقبون، فقد ذهب الخبير العسكري العميد «م» الأمين الحسن الذي أكد ل «الإنتباهة» أن من الخطورة انسحاب الجيش من الحدود قبل أن يسحب الجيش الشعبي الفرقتين التاسعة والعاشرة من النيل الأزرق وجنوب كردفان. ويضيف العميد الأمين أن الخطوة تمثل حسن نية وتنفيذ لاتفاق أُبرم بين الطرفين لكن كان من الأولى أن ينفذ الطرفان الاتفاقية، وهذا البند بالتحديد فى وقت واحد تفادياً لأية نتائج عكسية لا يحمد عقباها. أما انسحاب جيش دولة الجنوب بحسب تصريحات لقادة دولة الجنوب، فإنه قد تم إصدار قرار الانسحاب، وأكدت أن القيادة العامة للجيش الشعبي أصدرت توجيهات لقوات جنوب السودان قضت بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وسحب الجيش فوراً من الحدود. وبحسب تصريح للمتحدث باسم الجيش الشعبي لدولة جنوب السودان العقيد فيليب أقوير في لقاء مع «سودان راديو سيرفس» أمس الإثنين من جوبا أن قواتهم بدأت تنفذ عملية الانسحاب الفوري من الحدود، وفقاً للقرار الذي صدر من القيادة العامة لجنوب السودان. «فبالأمس أصدرت القيادة العامة للجيش الشعبي لتحرير السودان قراراً لتنفيذ الاتفاقيات الأمنية بما يختص بالانسحاب وإخلاء منطقة منزوعة السلاح أو منطقة عازلة بين الدولتين، فقد أمر رئيس دولة جنوب السودان الفريق سلفا كير ميارديت الجيش الشعبي التابع لدولة جنوب السودان بالانسحاب من المنطقة العازلة على الحدود مع السودان لإقامة منطقة منزوعة السلاح. وقال إن عملية الانسحاب بدأت من ثماني مناطق حدودية. وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير في تصريحات صحفية بجوبا، إن هذه الخطوة جاءت إنفاذاً للترتيبات الأمنية الموقعة بين الدولتين والقاضية بخلق منطقة منزوعة السلاح لتسهيل عملية ترسيم الحدود ومنع الاحتكاكات بين الجيشين، مشيراً إلى أن عملية الانسحاب ستستغرق أسبوعين.