في أحد المؤتمرات الصحفية الخاصة بإعلان نتيجة القبول قال السيد/ وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق البروفيسور/ مبارك محمد علي المجذوب «لواستقبلنا من أمرنا ما استدبرنا لبدأنا ثورة التعليم العالي بالتعليم التقني»، فالبروفسور مبارك المجذوب يعتبر مفجر ثورة التعليم التقني بالبلاد، ففي عهده تم إنشاء العديد من الكليات التقانية بمختلف ولايات السودان والتي آلت فيما بعد للمجلس القومي للتعليم التقني والتقاني. فنحمد الله كثيراً أن أصبح التوجه العام للدولة نحو التعليم التقني والتقاني لما له من أهمية بالغة خاصة في هذا العصر عصر العولمة وعصر انفجار المعرفة والثورة المعلوماتية وفي ظل النهضة التنموية الشاملة التي تنتظم البلاد. ومع الضغط المعيشي وزيادة أعداد البطالة وسط الخريجين وفي ظل الحصار الاقتصادي والتقني الرهيب تظل الحاجة ماسة للمزيد من الاهتمام بالتعليم التقني والتقاني والعمل على بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية، فالإنسان هو الوسيلة والغاية لنهضة المجتمع. وبحمد الله وتوفيقه أُجيزت مؤخراً بمجلس الوزراء الخطة الإستراتيجية القومية للتعليم التقني والتقاني، وانتشرت الكليات أفقيًا في معظم الولايات ورأسيًا بزيادة التخصصات التقانية التي يحتاج إليها سوق العمل محلياً وعالمياً. وقد بلغ عدد الكليات التقانية أكثر من عشرين كلية. وللدلالة على أهمية التعليم التقاني لدى رئاسة الجمهورية وصناع القرار فقد افتتحت معظم هذه الكليات على يد السيد/ رئيس الجمهورية أو أحد نائبيه، كما تلاحظ أن السيد رئيس الجمهورية في معظم لقاءاته الجماهيرية بالولايات ظل يبشر بأهمية التعليم التقني والتقاني ويوجه بالاهتمام به وبزيادة عدد الكليات التقانية. ففي لقائه الجماهيري بمدينة عطبرة إبان زيارته لولاية نهر النيل في الأسبوع المنصرم وفي سياق حديثة عن تطوير السكة الحديد وجه سيادته بإنشاء كلية تقانية بعطبرة، وقد أصاب كثيراً في ذلك، ففي اعتقادنا أن الأهداف العامة للتعليم التقني والتقاني تخدم وبصورة مباشرة الأهداف العامة للسكة الحديد وخطط تطويرها مستقبلاً. وهنالك العديد من الدول التي انشأت معاهد تقنية متخصصة لتلبية احتياجات السكة الحديد، وكمثال هنالك معهد السكة الحديد بموسكو الذي يتبع لهيئة المواصلات الروسية وبه جميع التخصصات ذات الصلة كالميكانيكا والكهرباء والطرق والجسور، ومن المعروف أن روسيا تملك أطول خطوط للسكة الحديد على مستوى العالم. فمدينة عطبرة بموقعها الجغرافي المميز من أكثر المدن المؤهلة والمشجعة والمحفزة لتُنشأ بها كلية تقانية، فبالمدينة مقومات عديدة كالكثافة السكانية العالية وكثرة المدارس الثانوية «الرافد الأساسي لهذه الكلية» ووجود أماكن عديدة لتدريب الطلاب أثناء الدراسة واستيعابهم للعمل بعد التخرج كالسكة الحديد، ومصانع الأسمنت، ومراكز صيانة السيارات والشاحنات والعديد من الصناعات الصغيرة، بجانب توفر البنية التحتية من الكهرباء، والمياه، والطرق والكباري، وتقع المدينة عند ملتقى طرق قومية تربطها بكل من الخرطوم وبورتسودان وابوحمد ومروي، وتوجد بالمدينة العديد من المواقع المؤهَّلة لإنشاء الكلية ولعلَّ أبرزها مركز التدريب التابع لهيئة السكة الحديد بموقعه المميَّز بمنطقة المقرن عند التقاء نهر عطبرة بنهر النيل بالقرب من تقاطع طريقي عطبرةالخرطوموعطبرة مروي. نأمل أن تدرس إدارة السكة الحديد هذا الخيار جديًا. للأسف الشديد توجد بولاية نهر النيل كلية تقانية واحدة فقط بمدينة شندي وذلك بعد تحويل الكلية الأخرى ببربر إلى جامعة، في حين توجد في ولاية الجزيرة وحدها حوالى خمس كليات «ود مدني، المحيريبا، الفعج، صراصر وأخيراً كلية النوبة التقانية»، فمدينة عطبرة بلد المدائن وعاصمة الحديد والنار وبإرثها التاريخي الكبير في المجال الفني والتقني أولى بإنشاء الكلية التقانية، فأهلنا بعطبرة وآباؤنا وأجدادنا هم أول من تعامل في السودان مع التقانة بشكلها البسيط والمعقد منذ بداية القرن الماضي. نأمل من القائمين بأمر التعليم بولاية نهر النيل ومن الحادبين من أبناء عطبرة بالداخل وبدول المهجر المساعدة والاهتمام بمشروع قيام كلية عطبرة التقانية، وبدورنا سنعمل ما في وسعنا من خلال عملنا في هذا المجال وارتباطنا المباشر بإدارة التعليم التقاني وبالمجلس القومي للتعليم التقني والتقاني. ونسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لما فيه خير البلاد والعباد وأن يرى هذا المشروع الحيوي النور قريباً بإذن الله.