تختلف الأسباب والمسببات التي تجعل الكثيرين من ابناء الوطن يهرعون وراء الغربة، وعودتنا للحديث عنها تحمل الكثير من القضايا ذات المعاني العميقة، والتي منها التنشئة الثقافية للأبناء بالخارج وطالما تقاذفتها البيئات الاجتماعية المختلفة وادت الى رسوخ العديد من المفاهيم التي لا نقول إن لها اثرًا سلبيًا عليهم ولكنها دون شك لها اسقاطات واسعة على تكوينهم الشخصي الثقافي.. فالتنشئة الثقافية للأبناء ببيئاتها المختلفة «البيت، الام، الاب» كركيزة اساسية، ومن ثم يأتي دور المدرسة والمجتمع فى الخارج كمكمل اساسي لتربية جيدة، ولكن تداخل هذه الثقافات نجم عنها اضطرابات نفسية وهجين ثقافى للأبناء فأدى لإضعاف الهُوية السودانية لهم لغياب المعلومات الأساسية عن الوطن الاصل وعاداته وتراثه الاصيل وتقاليده الراسخة، اضافة الى التاريخ والجغرافيا الطبيعية للسودان الوطن الام مما اضعف الحس الوطني لديهم.. ايضًا من اكثر الدلالات السلبية التي ساهمت في ذلك عدم وجود مراكز ثقافية سودانية فاعلة في المهاجر لنشر الثقافة السودانية وعكس الوجه المشرق له بغياب رسالتها التعريفية للنشء في دول الاغتراب والتي ان توفرت فستؤدي الى ربطهم بوطنهم وسد الفجوة بينهم وبينه.. فالمخاطر التي تواجه قيمنا الأصيلة بالخارج تدق ناقوس الخطر وبشدة على كل الأوتار الحساسة ذات الصلة المباشرة بالكيان القومي وضرورة اقامة المدارس السودانية بالخارج والتوسع فيها خاصة وانها تحمل منهجًا سودانيًا خالصًا وضعه اساتذة افذاذ وفق صيغ علمية معترف بها تصبح من اهم الاولويات التي يجب النظر اليها بعمق، والتي سيقوم آخرون بترسيخه لدى هؤلاء النشء الذي جعلهم تداخل الثقافات وتقاطعاتها في حيرة مما هم عليه وانعكاساته على كيفية التأقلم عند العودة النهائية او المؤقتة.. ورغمًا عن العقبات التي تواجه الجاليات السودانية في المهاجر المختلفة الا انها لها إسهامات واضحة لا نغض الطرف عنها ظلت تقدمها الجاليات السودانية بالخارج من خلال مشاركتها بطرح القضايا القومية ومساهمتها في تثقيف وتنوير كل الأعضاء بأحدث التطورات وادقها لمن يرغب في ذلك من المغتربين وجعلت من الضرورة بمكان ان توضع إستراتيجية قومية تتبناها الدولة والجهات المختصة بصورة واضحة لمعالجة هذه القضية الشائكة عبر تفعيل دور الجاليات فى نشر الوعى فى اوساط الشباب فى المهاجر وحثهم على التمسك بالمثل والقيم السودانية.. وصوت التوجيه يذهب باتجاه اولياء الأمور الذين تحتم عليهم الحياة وواقع الغربة المرير ان تكون لهم وقفة واضحة وقوية في هذا الشأن وعدم الوقوف كمتفرجين على اندثار ثقافتنا بالخارج..