اليوم «الخميس» يكون المعتقل السوداني تلفون كوكو أبوجلحة قد قضى في معتقلات دولة جنوب السودان «1087» يوماً منذ احتجازه في جوبا في 21 أبريل 2010م بواسطة استخبارات الجيش الشعبي، بسبب فضحه لمخططات الحركة الشعبية لقيام السودان الجديد منذ وقت طويل، وأمس علمت «الإنتباهة» أن دولة الجنوب ستطلق سراح عدد من السودانيين المعتقلين بالجنوب من بينهم تلفون كوكو، ردًا على خطوة الخرطوم إطلاق سراح عدد من السجناء الجنوبيين، وكان مقال شهير للمعتقل السوداني تلفون كوكو بعنوان «يا أهل كردفان إني لكم من الناصحين» بتاريخ 17/12/2006م أورد تلفون فيه «إن ما يقوم به ياسر عرمان هو نفس التبشير الذي بشَّرت به الحركة الشعبية لتحرير السودان الناس منذ قيامها فعندما تسمعه يدخل قلبك وعقلك لأن به من الحقائق والموضوعية ولكن يظل كلامًا بلا عمل وبلا تنفيذ وبلا التزام وبلا احترام.. وقد ظهر هذا جلياً بعد اتفاق السلام الشامل الظالم حيث أُقصي أبناء النوبة من حكومة جنوب السودان إذًا أين الحقيقة أو فلسفة السودان الجديد السودان الواحد؟!!». لعل كلمات كوكو هذه هي التي دفعت دولة الجنوب أن تقوم باعتقاله خوفًا من خروج أبناء ولاية جنوب كردفان عليها، وولد تلفون كوكو في يناير 1956 في الشهر الذي نال فيه السودان استقلاله من المستعمر الإنجليزي حيث كان ميلاده بمنطقة «برام» التي تقع بالريف الجنوبي بمدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، ونسبة إلى قبيلة توبو ومنذ صغره شب محباً للعلم، ودرس تلفون كوكو المرحلة الأولية بمدرسة توتو بمنطقة برام في العام 1967م والمرحلة الوسطى في العام 1973م بمدرسة برام ثم الثانوية بمدرسة تلو الثانوية ثم التحق بالمدرسة الزراعية بطلحة وبعد تخرجه عمل في وزارة الزراعة بمدينة بابنوسة ثم تدرج حتى أصبح خبيرًا زراعيًا في مؤسسة جبال النوبة الزراعية. وبعيداً عن المجال المهني دلف تلفون كوكو إلى ميدان الحياة السياسية من أوسع الأبواب بعد انضمامه لتنظيم الكمولو السياسي الذي كان يعتبر آنذاك المتنفس لمثقفي أبناء جبال النوبة وكانت النقطة التحولية في مسار التنظيم تمثلت في قرار وسفر يوسف كوة وتكليفه بالذهاب إلى إثيوبيا لمقابلة رئيس الحركة الشعبية جون قرنق وإبلاغه برغبة أبناء النوبة في الانضمام لحركته، وهناك انضم للحركة وبدأ مسلسله معها، كما بدأ كوكو رحلته العسكرية في الجيش الشعبي حيث تلقى عدة دورات في معهد الدراسات العسكرية «بونقا» بإثيوبيا عام 1985م ومن ثم تدرج في الجيش الشعبي وشغل منصب القائد المناوب لمنطقة «برام» بجانب عمله بقيادة العمليات بمنطقة غرب النوير الجبهة الثالثة وقيادة العمليات غرب الاستوائية وقائدًا للإمدادات اللوجستية للجيش الشعبي حتى بدأت اتفاقية السلام الشامل، ثم مديراً للتصنيع بالإنتاج العسكري بهيئة أركان الجيش الشعبي وأخيراً المبعوث الخاص لرئيس الحركة الشعبية بمنطقة جبال النوبة وولاية جنوب كردفان. ومن المحطات الملتهبة في مسيرة كوكو في الحركة الشعبية عندما تم اعتقاله في اليوم 28/12/1993م والمعارك تدور في طروجر وتوبو وبرام وشكل له مجلس تحقيق في محكمة عسكرية وحكموا عليه بالإعدام مع وقف التنفيذ وطُرد من جبال النوبة إلى جنوب السودان موثوق اليدين حتى بحر الغزال حيث مكث في سجون الحركة الشعبية ثلاث سنوات. إلى أن تم إطلاق سراحه في 12/3/1997م حيث تم تعيينه في القيادة العامة للجيش في منطقة مريدي حتى العام 1999م وفي عام 2000م تم تعيينه قائداً لوحدة الإمدادات في الجبهة رقم «2» الاستوائية حتى توقيع السلام «2005م». وفي محطة جديدة في تاريخ تلفون كوكو قُبيل توقيع اتفاقية السلام الشامل جاهر كوكو في فترة استرخاء الجيش الشعبي في الدعوة لنيل حقوق النوبة ووصلت دعوته إلى كل ضباط وضباط صف وجنود النوبة في الجيش الشعبي حيث كان يتميز بالشجاعة في مواجهة قادة الحركة الشعبية على رأسهم جون قرنق وسلفا كير ومن هنا بدأت وولدت توترات كوكو مع قادة الحركة الشعبية والتي عبر عنها كوكو بوضوح حينما انتقد البروتوكول الخاص بجبال النوبة لولاية جنوب كردفان منذ بداية المفاوضات حتى مرحلة توقيعه كأول المنتقدين. وتتلخص رؤية كوكو في أنه أدرك مؤخراً أن ما قام به أبناء جبال النوبة من خدمة الحركة الشعبية أيام النضال لم يجد التقدير ولا المكافأة بل الأدهى أنهم خُدعوا من قِبل الحركة الشعبية عبر المنفستو الأول لها. وبحسب مدير مكتب تلفون كوكو خلال تصريحه ل«الإنتباهة» فإن مجموعة من أفراد أسرته تعتزم لقاء البشير قبل سفره المقرر غدًا «الجمعة» إلى جوبا أو تسليمه مذكرة تطالب بحث حكومة الجنوب على إطلاق سراح تلفون، فهل تستيطع حكومة السودان تخليصه من غوانتانامو دولة جنوب السودان؟، كما فعلت مع المعتقلين السودانيين بسجون غوانتانامو في كوبا.