بعد اجتماع عائلى اتفق أولاد حاج عباس الذي تجاوز الثمانين عاماً أن يزوجوه من امرأة تتناسب مع سنه لتقوم برعايته خاصة أنه ليست لهم أخت تقوم بهذه المهمة وحين حدثوه بالاقتراح رحَّب كثيراً وقال لهم: «حرم أنا كنت خجلان أقول ليكم» فاقترحوا له عدة نساء تجاوزت أعمارهن الخمسين لكنه رفضهن جميعاً وحين احتار أبناؤه قال لهم اتركوا هذه المهمة لي فذهب إلى قريبه الحاج عبد الله فطلب ابنته الشابة ذات العشرين عاماً وقال له أنت تعلم أنا بعد ده كبرت ولا أظن أنني سأعيش بعد ده سنة ولا سنتين وابنتكم ستكسب كثيراً بعد وفاتي من الميراث فقال له الحاج عبد الله «عيب عليك يا حاج عباس تقول كدي نحن ما بنبيع بناتنا عشان القروش لكن علي الطلاق أنت ما زول ساهل واحتراماً لمكانتك عندنا أنا بديك لها رغم أنني رفضت شبابًا إمكاناتهم كويسة لكن بس ما عجبوني وما ارتحت لهم» ولم تمض بضعة أيام حين تزوج حاج عباس من سلوى ابنة حاج عبد الله وأصبح زواجه محل تندر وضحك وسخرية، وبعد عام بدأت ذاكرة الحاج عباس في التدهور النسبي وبعد بضعة أشهر أخرى فجرت سلوى المفاجأة بأنها باتت حاملاً وأن الحاج عباس سيصبح أباً، فانفتحت أبواب الشك من قبل أبنائه ومن أهل المنطقة فحاصروا زوجته واتهموها بالخيانة الزوجية ولم يلتفتوا لتأكيداتها وقسمها المغلظ خاصة أن الحاج عباس أصبح وقتها كالطفل يعيش في عالمه الخاص، وبعد شهور وضعت سلوى طفلاً جميلاً غير معوق إلا أن أبناء الحاج عباس أصروا على نكرانهم لنسب الطفل لأبيهم وأصروا أن يجروا اختبارات طبية لإثبات النسب لأبيهم الأمر الذي أحدث منازعات حامية بين الأسرتين وكادت أن تسيل الدماء لكن سلوى بدت واثقة من نفسها وأقنعت والدها بإجراء الفحوصات وأخيراً اتفق الطرفان على أن تسافر الزوجة سلوى وطلفها ووالدها والابن الأكبر لحاج عباس لإجراء فحوصات إثبات النسب «DNA » وذلك بمدينة القاهرة وحين عادوا من هناك كان الحاج عبد الله يحمل شهادة براءة زوجته في جيبه ويعرضها لأصدقائه ومعارفه في الشارع والمسجد واماكن المناسبات إلا أنه أقسم أن ابنته لن تعود مرة أخرى لمنزل زوجها الحاج عباس، لكن الغريب أن الحاج عباس الذي كان لا يدري ما حوله كان يطالب دوماً بزوجته بيد أن أسرتها ظلت تتعامل معه كالطفل فتارة تقول له إنها نائمة أو إنها مريضة في المستشفى أو إنها مسافرة إلا أن الحاج عباس لم يكن يكف أبداً عن ملاحقتهم والمطالبة بزوجته الشابة سلوى فاغتاظت الحاجة حليمة والدتها وقالت لزوجها حاج عبد الله «أنت الراجل المخرف ده مغبي في أى حاجة إلا بس في بتنا دي؟» وعندما لم يتوقف الحاج عباس عن مطالبته خشي الحاج عبد الله من أحاديث الناس المتكررة وتندرهم من الموقف فقرر اصطحاب ابنته سلوى وإعادتها لزوجها الحاج عباس والذي عندما رآها سارع بالإمساك بيدها وفتح باب منزله الذي يطل من البيت الكبير واقتاد زوجته فتابعته عيون أبنائه بل حتى الحاج عبد الله والدها الذي بدا مندهشاً من الموقف وقبل أن يغلق الباب التفت إليهم وابتسم ابتسامة ماكرة ثم دلف إلى الداخل مع زوجته.