هذا عنوان كتاب قيم وبحث في موضوعاته الأستاذ مكاوي عثمان هنتوش أو حنتوش.. «فحرفي الحاء والخاء.. والصاد والضاد والعديد من الحروف الحلقية غير موجودة في اللغة النوبية»... ولذا فإنه يمكن أن ينطق الاسم بالهاء على لغة النوبيين أو بالحاء باللغة العربية، ومكاوي أحد أبناء القولد الذين ولدوا بها ودرسوا المراحل الأولية بها ثم في مصر الإسكندرية حيث إنها كانت وجهة أهلنا في الماضي ثم درس الجامعة في فرع القاهرة بالخرطوم وقضى جل وقته العملي في مصلحة السياحة ويعد واحدًا من خبراء السياحة في البلاد.. والكتاب جديد في تناوله لعدة سمات من سمات القولد جغرافية وتاريخًا وثقافة واجتماعًا واقتصادًا.. الكتاب هو الأول من نوعه يصدر عن مدينة القولد التي عرفت عن طريق سبل كسب العيش وصديق عبد الرحيم في أبيات بسيطة منظومة... وبكلمات محدودة عن الساقية والكابيدة.. وكانت القولد في ذلك الوقت من القرى الصغيرة التابعة لمركز الخندق ومحكومة بالإدارة الأهلية العمد والمشايخ.. الذين كانوا يشكلون نظام الحكم آنذاك.. وبها سوق أسبوعية (يوم الإثنين) حيث يجتمع سكان المناطق المختلفة في سوق الإثنين وتتم عمليات التبادل التجاري والبيع والشراء... ولكن القولد عرفت كذلك بالمدرسة الوسطى أو الإبتدائية الشهيرة التي كان يقبل بها الطلاب من جميع مناطق المديرية وخرجت أشهر القيادات الاقتصادية والسياسية والإدارية... ولعل الذين عاصروا الستينيات عندما كانت النتائج للدخول في المرحلة الثانوية تذاع عبر الراديو... كانت مدرسة القولد تحتكر مدرسة وادي سيدنا الثانوية، بل إن تلك المدرسة عرفت بإنجاح الأربعين طالبًا للمرحلة الثانوية. وكتاب القولد أرض النخيل والنيل صدر في طبعة أنيقة من مطبعة العملة من القطع الكبير والورق المصقول ويقع في 212 صفحة واشتمل في تصنيفه على سير القبائل التي تعيش في القولد وشجرة العائلة لكل قبيلة وهي عملية شاملة ودقيقة، ومهما بذل الباحث ليكون بحثه مكتملاً تظهر له من بعد تفاصيل جديدة والكمال لله وحده.. وفي تقديري أن الأستاذ مكاوي عانى كثيرًا وهو يحمل هم فكرة الكتاب وظل في حالة بحث وتدقيق دائمين لأجل تحقيق الحلم الذي سيطر على تفكيره.. وهو بهذا الجهد الكبير يكون قد حرك الكثير من الأفكار لدى المهتمين بأمر القولد ممثل تأصيل الاسم من أين أتى ومن هم أصحاب المقامات الكبيرة مثل حسن (ابه) وفسّرها البعض بحسن عقبة أي ابن الصحابي عقبة بن نافع الذي كلف بقيادة حملة على مصر والسودان.. أم أن الاسم لا صلة له بعقبة بن نافع.. ومن هم الصحابة التي سميت العديد من المقابر بأسمائهم ومنها قرية الصحابة المجاورة لقرية التيتي جنوب مدينة دنقلا. الكثير من شباب القولد عرف ما لم يكن يخطر بباله من حصيلة المعلومات والشخصيات والقبائل والأصول والمسميات فمثلا (زكي) المهندس هو خواجة قيل لنا إنه ألماني ظهر في القولد في أعقاب الحرب العالمية الثانية في العام 1949م تولى تشغيل الوابور الخاص بجمعية شبعانة التعاونية.. وأقام على شاطئ النيل وتعلم العربية المكسرة (عربي جوبا) و(الرطانة) وتزوج بالقولد وأنجب الأولاد والبنات.. ومات في وقت قريب محتفظ بسره معه ولكنا لاحظنا قدراته الهندسية الفائقة في إدارة وابور المياه وخراطة قطع الغيار.. منذ وفاته تدهور المشروع كله ومات معه الوابور الإنجليزي القوي ماركة (بلاك استون).. عمومًا هذا الكتاب هو بمثابة حجر في بركة ساكنة يمكن أن تستكمل فيه الكثير من المعلومات والشخصيات والتاريخ وشجرات العائلات.. التحية للأخ مكاوي في هذا الجهد العظيم