وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغتيال كتاب قرية الكرنك في قصص يحيى الطاهر عبد الله

لم أصدق أن المركز القومي للترجمة في القاهرة انتهى من طبع كتاب مترجم من اللغة الالمانية الى اللغة العربية : قرية الكرنك في قصص يحيى الطاهر عبد الله 1938-1981من مؤلفه ومترجمه د. سامي عبد الستار الشيخلي المقيم في سويسرا (بعد عناء سنين طوال معهم) لم يعرض في معرض القاهرة للكتاب الدولي لعام 2012, علما بأن مخزن المركز القومي قد تسلم الكتاب المطبوع بتأريخ 2011.06.12 وبقى محجوزا عن العرض بحجة أنه لم يُسَعَّر لحد الآن.(قِيل لي ان لجنة التسعير تجتمع مرة كل شهر لتسعير 20 كتابا فقط).
السؤآل لماذا لم يُسعر هذا الكتاب منذ أكثر من سبعة شهور, ويبقى مرميا في المخزن؟ لم أحصل من مديرة التسويق على أي جواب منطقي مقنع خلال حديثي معها عند زيارتي الاخيرة للقاهرة, كانت تدعي بجهل الاتصال بي, وانها تريد اشهار الكتاب بحفلة, وان الكتاب ليس للقراء العاديين بل هو للصفوة, ولعل قارئه "يملؤه الاسى العميق" لما كتبه الكاتب ولما شرحه هذا البحث العملي الجاد تحليلا اجتماعيا.
واقعيا يوجد قرار خفي باغتيال عرض هذا الكتاب على جمهور القراء, لأن الكاتب يحيى الطاهر عبد الله كان يدعو الشعب المصري الراقد الى الثورة على النظام منذ أن قدمت قدميه القاهرة قادما من الصعيد. كان كاتبا عبقربا بكل معنى الكلمة لا يعرف اللف والدوران في العمل السياسي الذي لم يفهم منه الا التنظير الادبي والقص والتصعلك في القاهرة. عاش فقيرا ومات فقيرا يحلم بالثورة التي تنقذ فقره من مأساة حياته وبؤس الفقراء في القاهرة والصعيد الذين كان يدافع عنهم في قصصه ضمن معالم قريته الكرنك.
عندما تفتح الانترنت حول موقع المركز القومي للترجمة فانك لا تستطيع ان ترى ترجمة الكتب الجديدة التي تصدر كل شهر. وكما ذكرت مسئولة التسويق وغيرها بصدور 30 كتابا في الشهر, فان قارئ الانترنت لا يرى عرض أسماء الكتب الجديدة على صفحاتهم البائسة. فلماذا هذا التقصير؟ فهل يوجد نقص في المختصين ؟ وما أكثرهم في مصر. المركز يطلب مترجمين لترجمة كتاب يعرض لهم. ولكن من يرسل العرض عن طريق الانترنت الخاص بهم , فلا يأتي له جوابا, وعندما يتصل بهم تلفونيا يقولون لم يصل الينا. واذا اعطاهم الشخص العرض مباشرة, فعليه الانتظار عدة شهور. ولربما يأتي الجواب بالرفض. اذا لابد للمركز وجود اشخاص معينين يكلفهم بترجمة الكتاب الذي يطلبونه.
لقد سلمت ترجمة هذا الكتاب قبل سنتين اليهم ولم اسمع منهم أي جواب ولما سافرت الى القاهرة قبل سنة وقابلتهم كانت لدي دهشة في جلوسي مع اساتذة الادب العربي وهم جامعيون, وقد لخبطوا شكل الكتاب الذي أكملته لهم جاهزا للطبع. فكل المصادر والتعليقات الموجودة في أسفل الصفحات نُقلت الى نهاية كل فصل بلا موافقة المؤلف/المترجم. ثم كلفو رسامة ترسم صورة الغلاف بعمل صورة ليحيى الطاهر . في حين أن رسامة سويسرية عملت الغلاف الحالي للكتاب جاهزا كما هو الان سيعرض في السوق. ولم يُشيروا اليها في الصفحات التالية وقد دفعت انا سعر تصنيع رسم الغلاف. وذكرو اسم المصححة التي لم تصحح الكتاب بصورة دقيقة, كما لاحظت ذلك خلال اعادة تصحيحية للكتاب بعمل ثلاثة اسابيع بمعدل 8 ساعات متواصة كل يوم واعادته اليهم للطبع.
قبل أن يترك د. جابر عصفور رئاسة المركز القومي للترجمة بعد ثورة 2011.01.25 صرف لي حساب الترجمة فقط ولم يخبرني بذلك ولم يرسله اليَّ بواسطة التحويل البنكي كما هو معروف. وجاء بعده مدير آخر ثم آخر. هاتفيا يذكر لي الموظف المسئول: يمكنني استلام المبلغ بالجنيه المصري وان تأتي بنفسك لتسلمه. اتصلت مرارا بالدكتور فوزي المدير الجديد فقال لي عم تتكلم, لدي 1200 كتاب.(انظر رجاءا على عدد الكتب المعروضة من المركز على الانترنت فهي لا تتجازو باي حال الالف عنوان!؟) ولما ذكرت له قصة التحويل طلب تفويضا لأحد. اظطررت للسفر الى مصر على حسابي لدفع مصاريف الطائرة والفنادق لكي احضر عروض معرض القاهرة الدولي للكتاب. فذهبت الي خيمة المركز القومي للترجمة لعرض وبيع الكتب فلم اجد عرض هذا الكتاب. الكتاب محجوز منذ 2011.6.12 في المخزن. وأن المدير لا يعرف ذلك. وأن مسئولة التسويق تحاول اقناعي بكل وسيلة تأويلية. وأنا استمع لها وأخجل من الاجابة الصريحة على كلامها, لأنها موظفة عمل تنفيذي, يأتي لها أمر أو معلومة من فوق. فليس لها ذنب في التبرير الادبي.
لقد انخفظ سعر صرف الجنية المصري منذ ثورة الشباب في مصر في العام الماضي الى مستوى الثلث. أي ان المبلغ الذي يتوجب علي استلامة بالجنيه المصري 8000 انخفض سعر صرفه بالدولار ؛ ففقدت ثلث المبلغ.وقد صرفت كل هذا المبلغ على هذه السفرة ولم يُعرض الكتاب على الجمهور. المضحك. أنَّ مسئولة التسويق قالت هل لي تريد شراء الكتاب منا الان؟ فهو بسعر 30 جنيه, فأجبتها لقد استلمتُ منكم 25 كتابا حصة المترجم. أما المؤلف فلم تصرف لي. ولم يُصرف لي ثمن تأليف الكتاب مع أني ارسلت لهم حصولي على حق التاليف من دار النشر السويسري رسميا. أما قصة تأليفي هذا الكتاب كرسالة دكتوراه في الادب العربي المعاصر في جامعة هايدلبرك فهي قصة مثيرة للجدل حيث انها سرقت مني ثلاث مرات وأُعدتُ كتابتها من مخلفات الاوراق, فاستغرقت 12 عاما في الانتهاء منها, ولم استلم وظيفة في الجامعة لتدريس هذا الاختصاص. وهذه لها قصة اخرى مثيرة للنقاش والجدل سوف اعرضها في كتاب.
والآن أعرض للقارئ الفصل الاول من الكتاب لكي يطلع على أهميته:
الفصل الأول
1. المقدمة: الدافع لاختيار الموضوع:
أنهيتُ دراستي في جامعة بغداد/كلية الشريعة الإسلامية واللغة العربية عام 1968، ودَرَّسْتُ تلك المادتين في المدارس الثانوية بمدينتي الحِلة وبغداد، حتى قُرب نهاية عام 1974. بدأت مواصلة الدراسة في ألمانيا الغربية آنذاك، ألح عليَّ باعث يدفعني للجمع في موضوع واحد بين الفروع العلمية التي أدرسها، وهي: الأدب العربي وعلم الاجتماع وعلم الأجناس البشرية, ثم اتجهتُ الى علم الاجتماع الأدبي.
عزمتُ أولاً كتابة الدراسة عن قصص الكاتب السوري زكريا تامر[1]. ونظرا لصعوبة السفر إلى سوريا في تلك الفترة، لاستكمال جمع المادة العلمية، غير المتوافرة عنه في ألمانيا ، (بُحِثَتْ قصصه فيما بعد في المانيا وسويسرا) وتعذر الاتصال الشخصي بالمؤلف، الذي غادر سوريا إلى لبنان, ثم رحل إلى لندن لمواصلة الكتابة، وكنت أجهل محل إقامته، فتركت البحث عنه. سافرتُ إلى القاهرة مع عائلتي للسياحة. وسعيت للاتصال بنقاد الأدب المصريين ، وبالجمعية الأدبية في القاهرة. قابلت الأستاذ الدكتور شكري عيّاد[2]. وبعد ساعتين من النقاش في بيته، شجعني على دراسة قاص واحد تنطبق عليه شروطي، ألا وهو: يحيى الطاهر عبد الله، الذي لم تتناوله آنذاك أية دراسة تفصيلية. تمتاز قصصه بتصوير واقع الحياة المصرية، وعلى الأخص واقع القرية الذي لم يبُحث بعد، وأنه كاتب واقعي من الطراز الأول، أثر أُسلوبه في الأدب المصري المعاصر. وانبثق ثراء قصصه من تصويره الواقعي لعالم القرية المُحبَك، في تركيب بناء مُحاط بوقائع شعبية اجتماعية وتاريخية وسياسية ونفسية.
انصرفتُ لقراءة قصصه بدقة مُدَّة ستة أشهر بجانب الدراسة، تنضد أمامي طوفان من الأسئلة! فالكثير من قصصه لا تُفهم إلاّ مِن خلال معرفة ظروف نشأتها المكانية والزمنية، والسيرة الذاتية للكاتب، وشرح واقع الحياة في مصر المعاصرة. سافرتُ إلى مصر مرة ثانية، مُصطحبا معي قائمة من الملاحظات، لأجل جمع مصادر شفاهة وعينية ودراسات مكتوبة عنه، وعن القصة القصيرة، في مكتبات جامعات القاهرة، وعين شمس، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، ودار الكتب المصرية، ومكتبة جامعة الإسكندرية. اتصلتُ بأصدقاء الكاتب وأقاربه، فتوفرت لديَّ مجموعة أحاديث مهمة للغاية في الدراسة. ثم سافرتُ إلى قرية الكرنك للتعرف على مسقط رأس الكاتب والأماكن التي لعبت دورا مؤثراً في حياته. تبينَتْ لي: حقيقة أنَّ قصصه لم تكن معروفة تقريبا عند معارفه إلا بعضها، حتى قصته الطويلة:الطوق والأسورة، المحوَّلة إلى فيلم سينمائي، بدت مجهولة عندهم، ولكنه مشهور بين الوسط الأدبي القاهري بشاعر القصة بلا منازع.

2. الدراسات في مصر حول أدب القرية:

سعت ظاهرة القصة والقصة القصيرة - خلال تطورها في مصر وفي العالم العربي - للتعبير عن واقع الظروف الاجتماعية والحضارية للبلاد. ووصفت معيشة أناس مغمورين في المجتمع، استنبطت وصفاً لأفكارهم ولمشاعرهم. يرى الكاتب واقعةً ما حوله، فيتأملها خلال خصب خياله وإلهامه، كي ينسجها بأسلوبه القصصي المميز، يقدم للقارئ معرفة قيمة واضحة ومفهومة ضمنا في آن واحد، فبعض القصص القصيرة اشتهرت بصورة خاصة لتحتل مكانة معينة ضمن تراث أمتها بذلك يمكن للمرء اعتبارها جزءا من الثقافة العالمية.
حظيت أنواع مختلفة من القصص - كأجناس القص الشفهي والكتابي وخاصة في القرن العشرين - بتشجيع محبة أشكال القص المتنوعة، مما شجع أن يظهر القاص موهبته باكتشافه مكونات جديدة فتجعله مُبدعاً. وتحوي مصر والمجال العربي ميراثا تاريخياً أدبيا ثريا جداً. كالشعر الجاهلي، والمقامة، والقصص، وأنَّ أشهرها حكايات قصصية كونت "ألف ليلة وليلة[3].
بدأ تطور الأدب العربي الحديث في القرن التاسع عشر مُتأثراً بالتيارات الأدبية الأوروبية، فنمت في مصر منذ بداية عام 1800 أجناس أدبية جديدة كالرواية والمسرحية والقصة القصيرة، تلقوا خلالها نبضات جديدة من أجناس القص.
فنشأ تعبير "قصة القرية" أو "قصة مِن القرية" أو "قصة عن القرية" مهما يكن، هو مصطلح جديد في الأدب العربي الحديث، حيث ظهر في الكتابات المصرية منذ بداية القرن العشرين للمرة الأولي عند النساج[4]. انقضت عشرات السنين ولم يهتم باحثوا الأدب المصري بالقصة القصيرة باعتبارها فرعاً قائما بذاته داخل الأدب الوطني. "إذ انصب مركز الاهتمام على الشعر العربي باعتباره جزءا من الميراث القومي الأدبي[5]. فبدأت جامعتا مانشستر والقاهرة منذ بداية الخمسينات بإجراء دراسات عامة عن القصة العربية الحديثة.
تثبت النساج في مصر فيما يخص مجال البحث العلمي: "أنه لم تظهر دراسة أكاديمية واحدة عن القصة القصيرة في مصر حتى عام 1950، مقابل وجود بحوث عن الشعر الذي هو مركز اهتمام البحث العلمي العربي[6]. إذاً (آنذاك) لم تحظَ "قصص القرية" في البداية كفرع لاتجاهٍ رومانسي (تخيلي) بمصر، أوكفرع من الأدب العربي الحديث بالاهتمام المناسب. فحتى اليوم تنقصنا حولها دراسة علمية شاملة ومنظمة، ولم تُدرس بكفاءة شروط نشأتها وتطورها واتجاهاتها[7]، ومع ذلك تَدينُ القصة المصرية بفضل نشأتها وتطورها المبدع للعلاقة الحضارية الطويلة بين البلاد العربية وأوروبا.[8] خلال تعزز العلاقات الثقافية وغيرها بصورة خاصة مع انكلترا وفرنسا.[9] منذ أن درس محمد حسين هيكل[10] في فرنسا، ونشره رواية "زينب" عام 1914بموضوعها القروي في القاهرة، فنشط الكتاب المصريون في الكتابة حول الحياة التخيلية والواقعية. واتجه بعض كتاب تلك الفترة إلى الشكل الواقعي للكتابة عن معالم حياة القروية الريفيَّة[11]، فتركز البحث العلمي في السنين الأخيرة ولليوم في الجامعات المصرية - مثل جامعة عين شمس وجامعات القاهرة والإسكندرية والجامعة الأمريكية في القاهرة - حول الاتجاهات الأدبية المصرية الكبيرة وعلى الأدب البلدي. وسيُنتظر من هذا الاتجاه الأخير بحوث أساسية في المستقبل القريب كذلك حول يحيى الطاهر عبد الله. مثل هذا الرأي أساتذة بقسم اللغة العربية/كلية الآداب في جامعة القاهرة من الذين تحدثت معهم خلال إقامتي للبحث العلمي عام 1989.
أُنجِزَتْ سابقا في السنين الماضية بعض مساهمات مهمة لبعض النُّقاد وكُتَّاب المقالات وزملاء الكاتب في عرض وتحليل كتابات يحيى الطاهر عبد الله من جهات أكاديمية وغير أكاديمية تهتم بالأدب المصري. ما أغفلت الإشارة إليه العديد من دراسات حول أهم إسهام أدبي "لجيل الستينات" بخصوص الأدب المحلي. هذا ما حلله الناقد الأدبي عبد الحميد إبراهيم عبد الله في عرض أسلوب مُمَيَّز في قصص الطاهر تدور أحداثها في القرية كمثال للأدب المحلي في الستينات.[12] لكن بعضاً من أهم البحوث في الأدب المحلي المصري أهملتْ الإشارة الى أدب يحيى الطاهرعبد الله واختصرت حالة أدبه تحت إطار تقديرات نظرية، فأهملت بل تجاوزت قيمته بنفي مساهمته في مجال الأدب المصري المعاصر، هذا ما لم يذكره طه بدر في بحثه حول القرية[13] كموضوع عن القصة المصرية[14]. ونشر حسين حمودة في عام 1992 في القاهرة مقالا حول قصتين من أدب يحي الطاهر عبد الله، وهي جزء من رسالته للماجستير "غير المنشورة آنذاك"[15] حلل فيها الأعمال الكاملة لقصصه. لكنه لم يهتم ببحث السيرة الذاتية للكاتب كخلفية مهمة لفهم قصصه. وجعل تحليله يتبع وجهات نظر سياسية يسارية, سائرا وراء نموذج التنظير الأدبي البنيوي للناقد الروسي ميخائيل باختين[16]. يرى حمودة في دراسته: وجود معالم متوازية احتفالية بين قصص يحيى الطاهر وقصص دستوفيسكي وأوجد تلك العلاقة من خلال قرائته تحليل باختين: ووجود الكاتب متحدثا في قصصه خلال عدة هيئات أو "أشخاص" متعددي الأدوار. تسمح مقارنة مقاصد الهيئات بشعور عالمي احتفالي مرح أو مأساوي يسمى"كرنفال"[17]. فلا يوجد بطل، بدلاً منه يوجد حظََّه السحري. وهيئة الأشخاص المعروضة تكون غالبا بلا وعي لقدرها المُحجَّم، وتتجه نحوه بطبيعتها فتخادع نفسها بمشروعية ظرف تعاملها.
3. هدف الدراسة:
تركز هذه الدراسة على استخراج أو عرض جانبا من الحياة الاجتماعية لقرية الكرنك الموصوفة خلال قصص يحيى الطاهر عبد الله. فيما يتعلق: كيف عرض هذا الكاتب باستمرار علاقات جديدة حول الفرد كشريك أي مواطنا موجوداً اجتماعيا في محيطه خلال زمن معين؟ وكيفية وصفه أفراداً متطبعين بعلاقاتهم ذاتيا من جهة شخصيتهم، ومن جهة أُخرى خلال سلوك جمعي اجتماعي أو عائلي أو قروي !
يُشير هذا الكاتب لصراع إنسان من خلال موقعه الاجتماعي مع واقع مُتحدد بالفقر وعنده نوعُ حياةٍ بسيطةٍ، تبدو حياة قرية – هي مسقط رأسه – ثابتة بقضاء محتوم عليها منذ عشرات السنين. قصصه ترسم أناسا في مجرى سير حياة يومية، تعيش في عُرف قروي تقليدي, تديرها أداوراً محكومة بثوابت متعددة العلاقات الاجتماعية. تجد آثارها مترسبة بسلوكها عبر أجيال طويلة, تتمثل في شخصية الرجل والمرأة، والمجال العائلي والعمل الوظيفي (تقريبا كدور رجل القرية أو شرطي في هيئة جمعية قروية), وكذلك في سلوكه الإنساني لمتغيرات ارتباط حظه الحياتي وموته. كل ذلك يتعلق باعتقاده الديني متطبعا ومندمجا بتقاليد واعتقادات شعبية تقليدية ترجع جذورها إلى ما قبل الإسلام.
واقعيا يوجد في محيط القرية فقر، وبالأخص في مراحل تاريخية مهمة وحالات فردية وجماعية في فترات حياتهم يتخللها الفقر وانتشار الأُميَّة، فكل فرد يضطر أن يجرب حظه الحياتي المُقَدَّر له, من خلال تقاليده الجارية عليه، وهي موضوعات متناولة باستمرار في قصص يحيى الطاهر، فقصصه تتعامل على الأغلب مع بسطاء النَّاس الذين كانت قريتهم قليلة الاتصال بحضارة العالم الخارجي آنذاك. وهذا شئ طبيعي, فهؤلاء الناس يبقون قابضين على تقاليدهم وبنفس الوقت ملتزمين بها.
أضحى رواد الأدب المصري المعاصر أنْ يعرضوا حالات محيطهم الاجتماعي للنقاش بلون انتاج أدبي. فكل أديب اتخذ موضوعا لاسلوبه يبرز من خلاله وجهة نظرته التي اكتنزها في نفسه. تنبثق بعض أسئلة تتعلق بهذا البحث هي:
1.أيُّة وجهات نظر تبناها يحيى الطاهر عبد الله في قصصه؟
2. لماذا كتب يحيى الطاهر عن الناس البسطاء في قريته ومشاكلهم الاجتماعية؟
3. كيف عرضهم من خلال تطبع سلوكهم اليومي بتقاليدهم؟
4. مِن خلال أية عناصر أدبية جديدة حقق تصوراته؟
5. أية عناصر لغوية خدمت أسلوبه الأدبي؟
وسوف نجيب عليها خلال الدراسة ضما أو إشارة.
الباحث الأدبي صبري حافظ[18] يُشير الى أنَ إنتاج يحيى الطاهر يسمح فقط بصعوبة تصنيفه في أجناس أدبية تقليدية أو في الأدب المعاصر. فهو يهتم مِراراً بالتجريب بمزجه عناصر أدبية تقليدية قديمة وجديدة. لذلك يرى حافظ: وجود موروث مصري قديم في نبضات قصصه. أما وجهة نظر الناقد والقاص المرحوم د.شُكري عيَّاد[19] فهي أنَّ يحيى الطاهر مِن أوائل قصاصي واقعية الحياة القروية،عرض بدقة حقائقها خلال كل قصصه، فهي تُمَكِّنُ تقديم خدمة أو كمصدر اجتماعي للباحث العلمي. وشكى الأديب المرحوم نجيب محفوظ أنَّ إنتاج يحيى ما زال لم يلقَ مقياس تقديره في المشهد الأدبي ونفتقد عرضا شاملا لحياته وأعماله.[20]
وحتى الآن لا تتواجد بحوث علمية أدبية فقط عن يحيى الطاهر (قياسا بكتاب آخرين من جيله) على الخصوص بأهمية موضوع القرية في قصصه القصيرة والاقصوصة (نوفلة) وأُطلِقَ عليها "الطويلة"! تقييمها غير وافٍ, ما عدى مناقشة حسين حمودة في رسالة الماجستير المنشورة عام 1996 لقصص يحيى الطاهر ولكنه لم يتوفق أن يستخلص منها نتائج ناجحة ( حسب رأيي الخاص، لاختلاف تحليل التنظير لطبيعة المجتمع القروي المصري عن معالم نظرية ميخائل باختين من أوجه متعددة لا مجال هنا لعرضها، بل سيجدها في ثنايا الدراسة، وأترك مقارنة بحثه مع بحثي للنقد الموضوعي التحليلي المُحايد). بسبب ذلك أُريد هنا مناقشة جزء من قصصه المتعلق بموضوع "القرية" على سبيل المثال بعض القصص القصيرة والاقصوصة المختارة فيما يتعلق بترتيب نظامها ومحتواها وأبعاد مخططاتها المجردة, لبحث دلالتها ومقاصدها، وتوضيحها تحليلا بلغة اقتصادية التركيزعلى أهم ما فيها.
ومن هدف هذا البحث: تكوين دراسة (تفكُريَّة تأملية) لقصص "قرية الكرنك" من مجموع كتابات يحيى الطاهر, كنموذج أدبي مصري معاصر. كي يتوجب القيام بمحاولة استخراج معالم حياة الفرد من خلال خلفية تقاليد قديمة, تتصدع في حياة القرية منذ مئات السنين, مُتَطَبِّعة ومُلتحمة ومتواصلة الثبات بتقاليدها، أتت عليها مختلف النبضات التاريخية, ومن التأثير الأوروبي الاجتماعي الحضاري الى بدء انبثاق مُكَوِّن أدبي ثالث لوعي عربي "مصري" حديث. هذا ما نجد تعبيره في تَبَصُر معالم حياة القرية. ويتحمل متعلموا البلد عناءً ثقيلاً لما جلبوا ويأتون به معهم بما لا يتجانس مع مجتمعهم, في زمن وجود تغيرات اجتماعية لعامة السكان. وقد طالبت أصوات من الذين عملوا لجمع المال, ثم رجعوا - من السودان بوفرة مال- لموطنهم منذ منتصف 1950 للمساهمة في تحسين شروط الحياة الاجتماعية لطبقتهم, وما زال هذا المجال مفتوحا.
يضم موضوع عالم القرية تقريبا ثلث الكتابات الكاملة، وهو في منتصف مركز هذا البحث. أما قصصه القصيرة والاقصوصة المُكَرَّسة لوصف المدينة, فنتركها جانبا وسوف نمس محتواها حسب المقام. على أمل أن يأتي باحث يدرس قصص المدينة.
3. منهج الدراسة:
تسمح قصص يحيى الطاهر بتنسيقها كوثيقة اجتماعية شرحت أُسلوب حياة قروية مصرية آنذاك. تتبين مواضيعها مِن خلال تحليل نصوصها داخل سياق معالم القرية تاريخيا, وزمن محتوى ما كتب يحيى الطاهر[21]. يُشيرُ تحليل عرضه لقريته من وجهة نظره الى الدور الاجتماعي للشخص والعائلة والطبقة, وكذلك المواجهة بين التقاليد الراسخة, ودخول التجديد في مجال حياة القرية. ينطلق منهج فهم تحليل دلالي داخلي لنصوص قصصه من خلفيات تاريخ الأدب المصري. حيث تطورت أجناس قصص قصيرة وأُقصوصة مستقلة ويتعلق تطورها بتاريخ الأدب المصري، وأنَّها تنحو صوب اتجاه مثالي خيالي بطريقة عرض واقعي، كشكل أدبي ممتزج يشرح الواقع المأساوي، مما رسمت معالم دلالات أسلوب تطور قصصه, خلال أسلوب لا نظير له بين أقرانه أو جيله، سُمِّيَتْ مِنْ قِبَلِ الكاتب والناقد الأدبي إدوارد الخرَّاط: "الحساسية الجديدة" [22] التي فهمها في كساء شعري رشيق. سيكون النص في هذا الدراسة بحثاً دلاليا مُلازما لرسم تخطيطي بفهم تفسيري (وليس تأويلي أي هرمينويتك) لمختارات قصصه القروية، فالكاتب يقدم خدمته لمن يتأمل أُسس مخطط قصصه: لغة ومحتوى ومنهجا.
قرية الكرنك لها حياة تقليدية منذ تاريخ طويل، تواجهها ثقافة "غريبَّة" وغربية, عالية التمدن والتطور في مجال عِلْمٍ طبيعي وصناعي، هنا يحدث صراع بينهما على سيطرة الجانب الإعتقادي والمادي التجاري مقابل تقاليد "قروية" متطبعة بتراثها، ومن جهة ثالثة ينهض جيل جديد متأثر يتفهم حاجات غربيَّة، فيساهم آناً, ويتعرض لمواجهة التقاليد بسبب تطلعه لحاجات اقتصادية جديدة آنا آخر. و تنبثق من خلال هذه المتضادات والمواجهات مع سيطرة الفقر في القرية بكل مظاهره المرافقة، مثل الجوع والمرض والأُميَّة، هذه كلها تُكِوِّنُ مركز موضوع قصص يحيى الطاهر القروية.
إنَّ دراسة وتحليل الأدب العربي المعاصر في الجامعات الأوروبية, ينطلق على الأغلب من وجهة نظر علومها كأساس، ولا يتبع اتجاه تحليل مدرسة أدبية موحدة، بل تطبق أساليب نظيرات متعددة الاتجاهات والأهداف، وغالبا بتوجه من علم تاريخ الأدب الأوروبي.
تُبيِّنُ المستشرقة الألمانية فَرَنى كْلَمّْ في بحثها - حالةِ دراسةِ علم الأدب العربي في ألمانيا- بمناسبةٍ انعقاد مؤتمر يوم المستشرقين الألمان 26/1995 بمدينة لايبزك ( مرة كل عامين في مدينة ) رابطةً بين سيادة كثرة مذاهبَ ومناهجَ دراسته وبين :"ازدياد دارسي الأدب العربي باستمرار، الذين يُضَمِّنَون استرشادهم عبر مناقشات نظرية للأدب الحديث وعلوم اللغة وعلوم أخرى. لقد بلغت صعوبة استطلاع البحوث، لكثرة مداخل دراسة الأدب المعترف بها، المستخدمة في بحث الحضارة والأدب العربي" [23]. ومع ذلك وضعت حالة دراسة علم الأدب العربي في مجال النقاش.
عندما ازداد تشعب دراسة علوم الآداب الغربية في جامعاتها الغربية وجامعاتنا العربية، ونجحت بتطبيق مناهجها وصياغة إستئثار أسئلتها، فهي التي وضعت أساس دراسة الأدب العربي في جامعاتنا العربية حسب مناهجها. ولكن يتوجب وضع هذا البحث جانبا أو تنحيته عن كل ذلك, فهو لا يتبع إطار فكري لمدرسة معينة, بل يعتمد على قراءة وفهم دلالة محتوى بناء القصة, ومقاصد أبعاد معانيها, من خلال استنباط تخطيط نظام العلاقات الداخلية فيما بينها. أيُمْكِنُ لهذا البحث أنْ يكون عادلا بخصوصيات الأدب العربي؟ وأسئلة أُخرى ربما قد تقودنا بالتأكيد لايجاد تقديرات وتقييمات مثمرة في مجالات دراسة علم الأدب العربي المعاصر، فعلى الأكثر سنجرب فهم قصص يحيى الطاهر نفسها وأنْ لا ننطلق باقتراب من مناهج نظرية مختلفة في المنهج والتقييم ، بل أن نترك الكاتب يتكلم بنفسه خلال قصصه والدارسة ترافقه للإستكشاف بلا تقييمات محدده. مع العلم بأنَّ كل الدراسات عنه قد أطرته بما رأت فيه, من تجديد ونقد اجتماعي مخالف أو متوافق.

4 بناء معالم الدراسة:

تتكون هذه الدراسة من سبعة فصول:
الفصل الأول: يحتوى على مقدمة حول توضيحية لدراسة قصص القرية عند يحيى الطاهر من خلال خلفيات تاريخ الأدب المصري وشرح منهج الدراسة.
الفصل الثاني: يضم جميع مصادر الدراسة التي تُعرض لأول مرة، توفر جزء منها تحت ظروف صعبة خلال سفرة علمية إلى القاهرة والكرنك. وتوضح وجهات نظر حول مجموع قصص الكاتب، وتعرض المصادر الثانوية المهمة بصورة وافية وأُدرجت بجداول رُتبتْ موضوعيا حسب تدريج تاريخي.
الفصل الثالث: يُبيِّنُ تطور قصص القرية خلال تاريخ الأدب المصري، فحتى بداية عام 1950 وما وجدته حول قصص الإقليم القروي من الاهتمام في البحث الأدبي كفرع مستقل خلال الأدب الوطني أو القومي. ففي مقارنتنا لنسق التطور يُظهرُ أنَّ هذا الفرع "القروي"– مع تأخر زمني – تتبع نفس الطرق والأساليب الأدبية المُتَبَعة في تطور أدب المدينة. بتتَبِعه الاتجاه المتخيل "رومانتيكي" وواقعي ثم بعده الواقعية الجديدة التي أسماها ادوارد الخرَّاط: بالحساسيَّة الجديدة.

الفصل الرابع: تركزَ على بحث سيرة الكاتب, وقد شرحت آفاق مسيرة حياته من الكرنك إلى القاهرة, التي جُمِعَتْ مُفصَّلة لأول مرة هنا، وعرضت عالم حياته وتطوره الثقافي ورأيه في المجتمع.

الفصل الخامس: عرض مختصر يُسَهِّل فهم تاريخ الكرنك, وقيمتها الحضارية في تاريخ مصر القديم بآثار معبدها، حيث أصبح المكان منذ بدء القرن 19 لمنقبي وباحثي بقايا الآثار الفرعونية, ليكون عامل جذب للسياح الغربيين. تتضمن قصصه محتويات كثيرة ، فيها إشارات ترمز لأشخاص كمتعاطي ممارسة الاعتقاد السحري، أو تأثيرات التمدن الغربي, مما تسمح فهم خصوصيات تقاليد هذا المكان فقط.

الفصل السادس: يهتم بوسائل التشكيل الأدبي في قصصه، فيبحث أولا إحساس أهل القرية بالزمن, وثانيا توضيح وسائل التشكيل اللغوي في مصر, كمقدمة لأهمية الفصل السابع.

الفصل السابع: يبحث في قصصه عروضاً لمشاهد في القرية بمقدمة قصيرة, يتبعها تحليل مفصل وتفسيرات لست قصص مختارة، يُستخرج منها في أثناء ذلك وجهة نظر الكاتب, بتشكيل تخطيطي محددا بعض سلوك في حياة القرية. إضافة لذلك نُحلل محتوى قصتين متوسطتين تنعكس فيهما مأساة حياة القرية نقدا وتهكما, وفي إيضاحها نسوق محتوى كل قصة. وسوف نعرض تراكيب القصص برسوم تخطيطية.
تُختم الدراسة: بملخص.
وقائمة المصادر بالعربية والأجنبية.
لمحة عن مؤلف ومترجم الكتاب.


1. ولد زكريا تامر في دمشق عام 1931. ترك المدرسة في سِنِّ الثالثة عشرة من عمره، وبدأ العمل حدادا حتى عام 1960. ظهرتْ له أول مجموعة قصصية عام 1961 بعنوان: "الأغنية الزرقاء" في بيروت، فبزغت شهرته مرة واحدة، وبهذا الصدد.يقول: "… ثم ابتدأت أكتب محاولا إيجاد صوت ما لم أعثر عليه في قراءاتي، فثمة مخلوق مضطهد مسحوق هالك بائس لا يضحك، ومحروم من الفرح والحرية، وهذا المخلوق له وجود حقيقي في بلدنا، ولكنة مهمل منبوذ". (نبيل سليمان/ بوعلي ياسين /الأدب والأيديولوجيا في سوريا(1967-1973) دمشق، الطبعة الثانية عام 1985، صفحة 211. تسلَّم عملا في وزارة الثقافة السورية، ما بين عامي 1969و1981 بعدها انتقل إلى وزارة الإعلام فتقلد منصب رئيس قسم الدراما في التلفزيون السوري. فمساهما بإصدار العديد من المجلات الثقافية. غادر سوريا إلى لبنان ثم رحل إلى لندن مواصلا الكتابة أكثر حرية. أصدر مجموعتين من القصص: "سنضحك" 1998 و"الحُصرم" 2000. يُعَدُّ زكريا تامر واحداً من أبرع كتاب القصة القصيرة في الأدب العربي المعاصر. فعالم قصصه يغور في نظرة فاحصة بأبعاد المشكلات السياسية والاجتماعية في العالم ووطنه، كالظلم والقهر علي سبيل المثال، وهي مواضيع تتكرر بصفة دائمة في أعماله، حيث يصور علاقة البشر ببعضهم البعض، وكيف يقهر الأغنياء الفقراء بتنوع أساليب قمع الأقوياء للضعفاء، ففي العالم العربي - كما يراه - مجتمع ينضح بالفقر والقسوة والمحرمات والظُلم والعُنف. بيد أن ليس كل البشر في قصصه غارقين في اليأس، وليست كل المواقف التي تمر بها شخصياته تتسم بالقنوط والإحباط، فثمة بارقة الأمل خافتة الضوء خلال قيم الجمال والكرامة التي تتكرر دائما في أعماله. تنقل قصصه قارئها إلى إطار من المؤثرات النفسية العميقة في الموروث الشعبي للأدب العربي. تَتسِمُ جميع قصصه تقريبا بالرمز والمجاز، ونزوعها الشديد إلي عالم الأسطورة الشرقية، والمُلَح العامية لمدينة دمشق، دون أن تتخذ أسلوب الوعظ. لعل التناقض الظاهري بين العالم الأسطوري المتخيل من ناحية والواقع الاجتماعي القاسي، يشكل عنصراٌ للتشويق والجذب، لهذه القصص المتميزة. نشر زكريا تامر سبع مجموعات قصصية وأكثر من وتسع كتب، بعضها قصص للأطفال. ترجمت قصصه إلى العديد من اللغات الأجنبية، فظهرت أول مجموعة كاملة باللغة الألمانية وهي: "رماد الربيع" ترجمها فولفجانج فًربَك في مدينة بازل بسويسرا من دار لِنوس للنشر1987[1]
[2]. شكري محمد عياد وِلد في محافظة المنوفية عام 1927. درس اللغة العربية وآدابها في جامعة القاهرة. حصل في عام 1948 على الماجستير في موضوع "وصف يوم القيامة في القرآن الكريم" نال درجة الدكتوراه في أطروحة عن "تأثير كتاب فن الشعر لأرسطو على الأدب العربي" في عام 1953، دَرَّسَ الأدب العربي منذ ذلك الحين في جامعة القاهرة قسم اللغة العربية، فتعددت أسفاره خارج مصر في التدريس أو في المهام الثقافية (إلى فرنسا،أمريكا،البرازيل، السودان، السعودية) وقد عُرِفَ شكري عياد منذ عام 1949 مترجما لديستكوفسكي و دوهامَل. أثبت شكري عياد حضوره على الساحة الأدبية بقصصه ومقالاته التي ينشرها في مجلات (المصري( و(روز اليوسف) و(صباح الخير) و(الأدب) و(الرسالة الجديدة) ومن بين المجموعات القصصية التي كتبها: "ميلاد جديد" و"طريق الجامعة".
[3].يوجد في مصر برنامج إخراج قصص ألف ليلة وليلة بتحقيق جديد في أربع مجلدات فيما ذكره حسين أحمد أمين في جريدة الحياة بتاريخ 1998.06.26 ص 18
.سيد حامد النساج: اتجاهات القصة المصرية؛ القاهرة 1978 الفصل الثالث ورد هذا التعبير لأول مرة فيما يتعلق بقصص القرية البسيطة حول انطباعات عن قروية.[4]
. عبد المحسن طه بدر: تطور الرواية العربية الحديثة في مصر 1870-1937 القاهرة 1983 ص11[5]
. سيد حامد النساج: تطور فن القصة القصيرة في مصر ط3 القاهرة 1984 ص 13 ويتبع 19 [6]
5.مقابل دراسة قصص القرية القصيرة؛ توجد دراستان مستفيضتان حول القصص الطويلة القروية في الأدب العربي هي:1. الروائي والأرض: عبد المحسن طه بدر ط3 القاهرة. ولم تظهر الطبعة الأولى والثانية في الكتاب 2. الريف في الرواية العربية :محمد حسن عبد الله، الكويت 1989 وظهرت في اللغة الانكليزية عام 1994 حياة الريف في الرواية المصرية برلين عامي إلعاد
[8]. تثبت البحيري أنَّه يمكن بوضوح إيجاد تأثير الأدب الفرنسي على أجناس الأدب المصري "قلَّدت القصة المصرية كل مراحل القصة القصيرة في الأدب الفرنسي حتى تطورها النَّاضج" كوثر عبد السلام البحيري: أثر الأدب الفرنسي على القصة القصيرة القاهرة 1985 ص 289
1. محمد حسين هيكل ولد في 1888 في كفر الغنَّام توفى 1956 في القاهرة؛ كاتب وسياسي مصري، وزيرا للتربية لعدة مرات، كتب قصصا أخباراً صحفية وله سيرة الرَّسول "محمد". راجع ج.برُجمان: دراسة تاريخ الأدب العربي الحديث في مصر لايدن 1984 ص 234 يتبع
2. سادت ثلاثة تيارات في الرواية الأدبية المصرية التي بحثها حمدي السكوت هي: الرومانسية" أي: التخيُّليَّة" والتاريخيَّة والواقعيَّة وعزل ما بداخلها من تيارات أُخرى. حمدي السكوت: القصة المصرية وتياراتها 1913-1952 القاهرة 1971 ص ف ي ي
[11]. مثال لذلك: أحمد خيري سعيد ومحمود تيمور ومحمود طاهر لاشين .النساج 1978 ص 205 يتبع
[12]. عبد الحميد إبراهيم : القصة المصرية في الستينيات القاهرة 1988 ص 114 يتبع
[13]. طه بدر 1983
[14]. لم يذكر شيئا عن يحي الطاهر في الفصلين 3 و4
[15] حسين حمودة: "تمثل الاحتفال وتحطيم المواضعات" فصول 1/1992 ص 181- 198 وقد نشر رسالة الماجستير كاملة تحت عنوان "شجو الطائر شدو السرب" قراءة في أعمال يحيى الطاهر عبد الله، الهيئة العامة كتاب الثقافة الجديدة عدد 37 سبتمبر 1996 ب 468 صفحة .
[16]. ميخائيل باختين1895-1975 ناقد أدبي روسي كان غير معروف في بلده حتى أواخر الخمسينات ؛ اكتشف بعض المتخرجين الجدد من معهد غوركي للأدب العالمي بموسكو نسخة من كتابه حول ديستويفسكي الذي أصدره عام 1929 ولم تناقش آراؤه آنذاك لبعده عن السياسة؛ فاندهشوا من اسلوب تحليله فزاروه وأعادوا طبع كتابه وكتبه عن رابيليه وترجمت الى اللغات الأوربية فاشتهرت تحليلاته في المشهد الثقافي العالمي؛ درست باحثة أمريكية كتبه في ضوء تجديده في تحليل الأدب الروسي في فترته مركزة على ثلاثة مفاهيم رئيسية : فكرة الحوار وتعدد الأصوات في الكرنفال والاإنتماء ومنهجه أداة للنقد في تشخيص الفساد وتفكك الحياة اليومية مع أنه لم يكن ماركسيا ؛ وأهم أراؤه: لا يمكن القول أنَّ الفكرة هي البطل في أعمال ديستويفسكي وأنَّ المؤلف حاضر في الرواية المتعددة الأصوات ؛ ليس البطل هو محور القصة وإنما المصائر الإنسانية هي البطل والحدث المأساوي . استندت على بعض مقال ل رضا الظاهر: ياختين...إعادة اكتشاف التراث المثير للجدل ؛جريدة الحياة. آب/أغسطس 1998 العدد 12949 ص 12 صفحة آفاق.
[17]. كرنفال هو احتفال جماهيري يتزين فيه المشاركون بأزياء مختلفة الأشكال والألوان تعبيرا لهم بقدوم شهر الربيع
1. صبري حافظ: قصص يحي الطاهر عبد الله الطويلة مجلة فصول مجلد 2 عدد 2 ص195يتبع راجع الترجمة في نهاية الفصل السابع.
[19]. مجلة خطوة 3/1982 ص ا ؛ لاحظ الفصل 4و11 فيه نص يدلل ذلك.
3. الاستشهاد منقول عن يوسف أبو رية: وماذا بقي من يحي مجلة خطوة 3/1982 ص 53 .
[21]. استندت في بعض تحليلي على مدخل في تحليل الأدب ل: يرجن شوته شتوتكارت/فايمر 1993
2. إدوارد الخراط: الحساسية الجديدة. مقالات في الظاهرة القصصية بيروت 1993 ص 7 يتبع

1. "موضوع المجموعة العربية: طُرق نظرية خطة ووجهة نظر جديدة للأدب العربي مجلة عالم الإسلام 2/36 لايدن 1996 ص 258 مناهج آنذاك نوقشت مناهج علم الأدب في مؤتمرات المستشرقين مثل هيلاري كيلباتريك: مؤتمر المستشرقين 26/1995 لايبزك: طريق نظري إلى الأدب العربي؛ مشروع ووجهة نظر منشور بالإنكليزية في مجلة العرب وأدب الشرق الأوسط 1/1998 ص 113-116


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.