بسبب ضيق سوق العمل، وقلة الأجور، قالت وزارة العمل السودانية بأنّ أكثر من «91» ألف سوداني غادروا السودان في العام الماضي 2012م، وفصّلت وزارة العمل في إحصائياتها أنّ عدد الأطباء المغادرين من العدد الفائت تجاوز ال 16 ألفًا، فيما بلغ عدد الأساتذة الجامعيين الألف. أما بقية ال 91 ألفًا، فهي تتنوع بين الحرفيين والمهنيين والعمالة العادية. وذكرتْ وزارة العمل السودانية في تقريرها أنّ المملكة العربية السعودية أكثر دولةٍ استقبلت الكوادر والعمالة السودانية التي غادرت السودان في العام 2012م بحثاً عن الرزق الحلال. وفي الأسبوع المنصرم أعلنت وزيرة العمل و الموارد البشرية إشراقة سيد محمود عن هجرة 91.936 مواطن سوداني العام الماضي بينهم»1620« طبيباً وعزت الأسباب الى ضيق سوق العمل وقلة الاجور فيما هاجر «1002» من أساتذة الجامعات خلال ذات العام نالت منهم السعودية وحدها «988» أستاذاً مقارنة ب «21» استاذاً جامعياً في العام 2008م، مما شكل تهديداً مباشراً لقطاع التعليم العالي بحسب الوزارة. وحسب مراقبين فان هجرة الكفاءات تعد من اخطر المشكلات التي تواجه برامج التنمية وهي انتقال اهم رأس مال اقتصادي وهو رأس المال البشري المثقف بجانب ان هناك سلبيات كبيرة جراء تلك الهجرة التي تتمثل في ضياع الجهود والطاقات الاتناجية والعلمية لهذه العقول التي تصب في شرايين دول المهجر في وقت السودان في أمس الحاجة لهذه العقول التي تصب خلاصة جهدها في التنمية في المجالات المختلفة سواء كانت اقتصادية او تعليمية او صحية وغيرها، فضلاً عن تبديد الموارد الانسانية والمالية التي انفقت في تعليم وتدريب الكفاءات التي حصلت عليها دول المهجر، وضعف تدهور الإنتاج والبحث العلمي وفقدان قوى عاملة مدربة وخبرات متراكمة. وتقول الدكتورة فاطمة الزهراء يوسف التي تبلغ من العمر 30 عاماً وهي طبيبة كانت تعمل في أحد المستشفات الحكومية بالسودان وتتقاضى راتباً قدره 300 جنيه سوداني، انها لم تتردد لحظة عندما جاءتها الفرصة للعمل بوظيفة في السعودية وتوفر لها مرتب أكبر بعشرين مرة مما كانت تتقاضاه في السودان مما يعكس تنامي ظاهرة هجرة العقول في السودان. وفي ذات السياق اعتبرت الدكتورة إبتسام ساتي إبراهيم وهي مهتمة بشؤون الهجرة في حديثها ل«الانتباهة» ان هجرة العقول إهدار للموارد البشرية والمادية، واتهمت الدولة بالفشل في إدارة أمر الهجرة، وانتقدت من وصفتهم بالملتفين حول موضوع الهجرة ويعملون على التقليل من اثارها الاقتصادية والاجتماعية، ورأت ابتسام ان هجرة الاطباء هزمت فكرة مشروع توطين العلاج بالداخل، وان الطب في السودان اضحى نظرياً جراء الافتقار الى التدريب، مشيرة الى وجود أطباء كثيرين يمتهنون مهنًا غير تخصصاتهم «اي مهن هامشية»، داعية الى تضافر الجهود ذات الصلة بالهجرة وإحكام التنسيق بينها للخروج باستراتيجية شاملة، مع الاستفادة من تجارب الدول الاخرى في مجال الهجرة، وقالت لا بد من قيام مشروع مسح قومي للهجرة علاوة على رصد المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية داخلياً وخارجياً وربط التعليم بسوق العمل وتشجيع الاستثمار وانشاء مشروعات تنمية لتحسين الدخول ومقابلة الزيادة السكانية المطّردة. وفي سياق متصل قال الخبير الاقتصادي د/ محمد الناير ان هجرة الاطباء اصبحت متزايدة في الآونة الأخيرة وليسوا هم وحدهم وانما اساتذة جامعات ايضاً بكل تخصصاتهم، والعروض المقدمة من دول الخليج والمملكة العربية السعودية هي الاكثر هذه الايام وهي من شأنها ان تؤدي الى نقص كبير جداً في عدد الاطباء والاساتذة الجامعيين، واكد ان هذا الامر يتطلب معالجة لهياكل الاطباء والأساتذة وتحفيز خدماتهم بالداخل حتى يتم تقليل نسب الهجرة الى الخارج والحفاظ على جودة العملية التعليمية في السودان وجودة الخدمات الصحية، ولا ننسى الجانب الايجابي للهجرة الخارجية من خلال تحويلات النقد الاجنبي للاعمال الخارجية اذا كان سعر الصرف الرسمي والسعر الموازي متقاربين لكن في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد بالنسبة للنقد الاجنبي جعلت السوق غير ثابت في سعر محدد.