تصوير: متوكل البجاوي ربما كان مركز التصوير الفتوغرافي بوزارة الثقافة مكانًا فاعلاً لمتابعة الأحداث المحلية والإقليمية وصناعة الصور الفتوغرافية، تلك الصور التاريخية المميزة التي يعود عدد منها للعام 1865م، فقد كانت الحياة تدب في أوصاله سيما وأنه كان يُعد أكبر مركز في الشرق الأوسط وبذا كان جاذبًا للباحثين والمؤرخين من داخل وخارج البلاد. إلا أن اليوم تغير حاله خاصة بعد أن أضحت وزارة الثقافة قائمة بذاتها وانفصلت عن الإعلام، وثمة تدهور ملحوظ أدى لنفور عدد من الموظفين... «الإنتباهة» وقفت لدى القضية بكل جوانبها وخرجت بالمفيد.. إضاءة أُنشئت ادارة التصوير الفتوغرافي عام 1945م، حيث بدأت بوحدة مصغرة تتبع لمكتب الاتصال العام في عهد الحكم الثنائي والاستعمار، وكان نشاطها ينحصر في ذلك الوقت على تسجيل نشاط الحكومة والحاكم العام الإنجليزي. عند الاستقلال في عام 1956م وبعد سودنة المناصب والوزارات تكونت أول وزارة للإرشاد القومي وكانت إدارة التصوير الفتوغرافي قسمًا من أقسامها. شهدت هذه الإدارة بعد ذلك تطورًا كبيرًا في مجال التصوير والتوثيق وأصبحت تضم ثماني وحدات فنية متخصصة تتمثل في: وحدة التغطيات وحدة الأرشيف والتوثيق وحدة الملون وحدة المعامل الأبيض والأسود، وحدة التدريب والتأهيل ووحدة الفيديو ووحدة التصميم والمعارض ووحدة المايكروفيلم. حيث تتمثل ذاكرة التراث السوداني في مجال توثيق تاريخ وحضارة السودان ويحتوي أرشيفها على صور نادرة في شتى المجالات «السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والرياضية، والصناعية، والتعليمية، إلخ» بجانب إعداد المعارض الداخلية والخارجية وتوثيقها. تعنى هذه الإدارة برصد وتوثيق الأحداث والإنجازات القومية الهامة بالبلاد للمحافظة على إرث وتاريخ السودان النادر «كثروة قومية» امتدادًا لتواصل الحقب والأجيال ليبقى التاريخ. وقد تعاقب على المركز حوالى تسعة من المديرين، وكان أول مدير بعد سودنة العمل هو أحمد محمود الذي تقلد المنصب في العام «1956م 1986م» وكان قد ازدهر عمل المركز في عهده. كان يا مكان الأستاذ آدم إبراهيم آدم مدير قسم التصوير الفتوغرافي أكد في حديثه ل«نجوع» أن المصورين العاملين بهذا القسم يقومون بالعمل في كل أنحاء السودان ليغطوا كل المناسبات من تغطية أحداث وتوثيق للأحداث بكل أنواعها حيث يزور المركز باحثون وأكاديميون من داخل وخارج السودان كما أن به مجالات للتدريب وتوجد به مكتبة توثيقية فيها أكثر من «76» مليون صورة وثائقية وهي محفوظة كتاريخ بجانب صور محفوظة ترجع للعام «1865م». وكان يستقبل رؤساء الدول الأخرى، ويعتبر أكبر مركز في الشرق الأوسط في مجال التصوير الفتوغرافي. لكن وبرغم هذه الميزات التي كان يحظى بها مركز التصوير إلا أنه اليوم بات مهملاً، فالمبنى ربما كان قديمًا بعض الشيء، وطريقة الحفظ لم تزل بدائية وهي موضوعة داخل مجلدات كبيرة ممزقة بالية لا يليق شكلها بالمركز. من حال لحال.. كشف آدم إبراهيم عن تدهور قسم التصوير الفتوغرافي موضحًا أنه قديمًا كان أكثر حيوية حيث كان المصور يغطي كل المناسبات ومن ثم يمد الصحف والمجلات بصور الأحداث اليومية إلا أنه اليوم قد تغير حاله خاصة بعد أن انفصلت وزارة الثقافة عن الإعلام ومن ثم أصبحت المسميات كثيرة وكثرت معها مراكز التصوير الفتوغرافي ومن هنا تضاءل دور المركز، سألنا السيد مدير القسم آدم إبراهيم عن الموظفين العاملين فذكر لنا أن القسم فقد أعدادًا من الموظفين نسبة لقلة الأجور حيث كان يضم أكثر من «73» موظفًا من فنيين وغيرهم وتقلص بعد ذلك إلى أن وصل إلى «11» موظفًا فقط، فقديمًا كان المصور يستفيد من سفره للولايات لتغطية الأحداث حيث يجد بالمقابل عائدًا ماديًا مجديًا إلا أن الأمر تقلص ويرجع ذلك إلى قلة إمكانات المركز، كل ذلك أدى إلى ترك المصورين للعمل بالقسم والبحث عن فرص عمل أخرى. هوية غير واضحة في السابق كان قسم التصوير الفتوغرافي يتمتع بصلاحيات مميزة وهي تغطيته لأحداث رئاسة الجمهورية لكن ما إن أصبحت وزارة الثقافة والإعلام مجزّأة وما إن انتفت الصفة الإعلامية من الوزارة؛ أصبح القسم لا يتمكن من تغطية أحداث رئاسة الجمهورية وأصبح فقط قسمًا للتوثيق فضلاً عن ذلك يقول مديره الحالي إن هويته أصبحت غير واضحة. ضياع وإتلاف الصور كما أن هناك عوامل عديدة عملت على إضاعة عدد كبير من الصور من بينها تحويل القسم من مكان لآخر، إضافة إلى حريق «قديم» كان قد شب في قسم التصوير حيث عمل على إتلاف جزء كبير من الصور. وقد كان القسم يتعامل مع أدوية سامة سببت مشكلات كثيرة بالنسبة للعاملين، توفي منهم أكثر من «14» فردًا بسبب السرطانات إلا أن هذه المعامل أُبيدت وتحولت إلى تقنية حديثة. محاولة إحياء المركز ولإعادة إحياء المركز من جديد أبرمت وزارة الثقافة اتفاقًا مع شركة دال لإعادة تأهيل مباني ومعدات مركز التصوير الفتوغرافي وإعادتها وتهيئتها من جديد بأحدث المعدات التوثيقية والتصويرية والأرشفة حتى يستعيد المركز عافيته.