معاناة يعيشها سكان مدينة كوستي بالنيل الأبيض جراء انعدام الغاز الذي لا بديل له سوى الفحم الذي بلغ سعر الجوال منه 150 جنيهًا، فالناظر لمشهد المواطنين وهم يصطفون في انتظار الغاز بطلمبة النيل منذ الصباح إلى المساء يخيل له أن هناك أمرًا ما فتجد معظمهم يفترشون الأرض، وآخرون يقبعون بأسطواناتهم، علمًا بأن الطلمبات لا تعمل على جلب الغاز يوميًا بل كل 5 أيام لذا يتكدس المواطنون أمام الطلمبة وبالرغم من تصريحات المسؤولين بتوفر الغاز إلا أن مدينة كوستي تعاني شحًا حادًا فقد بلغ سعر الأسطوانة 50 جنيهًا بالسوق الأسود، إضافة لذلك فهناك عدد من التجار يعملون على احتكاره وبيعه للمواطن بأسعار متضاعفة فضلاً عن امتلاكهم لكل أنواع أسطوانات الغاز حيث يقومون ببيعها للمواطنين خفية دون علم أحد سوى المشتري، وقال أحد المواطنين فضل حجب اسمه إن أصحاب المراكز يطلبون من بعض الأشخاص المعروفين لديهم الاصطفاف مع المواطنين بالطلمبات لأخذ الأسطوانة بسعر 18 جنيهًا بحيث يتم بيعها بواقع 50 جنيهًا بالسود الأسود، وأضاف عدم الرقابة من قبل الجهات المختصة على التجار جعلتهم يستمرون في جشعهم دون وضع اعتبار للظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطن، فيما أكد ممثل الجمعية السودانية لحماية المستهلك بمدينة كوستي محمد جبريل انعدام الرقابة في توزيع الغاز، إضافة لذلك فإن كمية الغاز الذي يأتي من الخرطوم قليلة نسبة للصيانة التي تتم بالمصفى بجانب توزيعه عبر الطلمبات، بدلاً من مراكز البيع وذلك بواسطة إدارة البترول وإشراف الأمن الاقتصادي وتباع الأسطوانة بواقع 18 جنيهًا وأضاف مستودع أمان يقوم ببيع الأسطوانة ب 20 جنيهًا بدلا من 18 جنيهًا وزاد فالمراقبة غير دقيقة في التوزيع، موضحًا أن إدارة البترول كانت في السابق تقوم بتوزيع الغاز على مراكز التوزيع، أما حاليًا فقد أصبح التوزيع يتم عبر الطلمبات وأضاف جبريل إلى الآن لم نجد حلولاً شافية لحل تلك الإشكالية ولكن إذا كانت هناك رقابة في توزيع الغاز فهذا قد يسهل من حل الأزمة، مبينًا أن الأصناف النادرة من الغاز (أمان).. وفي ذات السياق أوضح رئيس جمعية حماية المستهلك د. نصر الدين شلقامي أن وزارة النفط أعلنت عن تطبيق قوانين صارمة لأي مركز يقوم ببيع الأسطونة بغير السعر الحقيقي سوف تقوم بسحب الرخصة وإغلاق المركز وهذه العقوبات تتم على مستوى ولايات السودان، وأضاف: ولكن هنالك ضعفًا في الرقابة من قِبل وزارة النفط والدليل على ذلك أن هناك مراكز تخالف القوانين ولا تجد أحد يردعها، وأضاف أي سلعة تدعمها الدولة من مال المواطن يجب أن يكون سعرها محددًا. ارتفاع معدل التضخُّم...أخطاء بلا نهاية تقرير: إنصاف أحمد كثيرًا ما واجهت الاقتصاد السوداني مشكلات أثرت بشكل كبير على الوضع بصورة عامة وعلى الأسعار بشكل خاص، وقد أظهرت العديد من الدراسات ارتفاع معدلات التضخم كما أوضح التقرير الصادر عن البنك الدولي الذي كشف أن السودان قد سجل أعلى معدل للتضخم على مستوى العالم حيث بلغ «46%» خلال العام الماضي، فعلى الرغم من إجراء السودان لإجراءات تقشفية لتقليص العجز في الميزانية حيث استهدفت الدولة خفض التضخم إلى «20%» إلا أنها فشلت في معالجة المشكلة وذلك للحفاظ على النمو الاقتصادي وإبقاء العجز تحت السيطرة وزيادة الصادرات. ولعل العام «2013م» ليس بأفضل من العام الماضي بل يُعتبر الأسوأ حيث بلغ حجم التضخُّم وحسب الجهاز المركزي للإحصاء «47%» فيما أشارت بعض التقارير إلى بلوغه حاجز ال«50%»، ووصف خبراء اقتصاديون البيانات التي ظهرت بالكارثية وقالوا إنها تعكس أزمة اقتصاديَّة حادة تتعرَّض لها البلاد، وقال الخبراء إن الأزمة تدفع معظم سكان البلاد إلى دائرة الفقر، وعزوا الزيادة المتتالية في معدلات التضخم إلى ارتفاع أسعار الغذاء والتي تشكِّل «52.9%» من المؤشِّر والتي ارتفعت بنسبة «2.6%» خلال شهر مارس، وتعقد الدولة كثيرًا من الآمال على اتفاقية النفط بين السودان ودولة جنوب السودان وأن تساهم بما قيمته «1.2» مليار دولار ومن المتوقَّع أن يستأنف تصدير النفط الجنوبي عبر السودان لقاء دفع مبلغ «9» دولارات عن البرميل تأمل السلطات السودانية أن تؤدي هذه المبالغ والمساعدات التي تعهدت جوبا بدفعها خلال ثلاث سنوات إلى المساعدة في الحد من التضخُّم وزيادة الأسعار، الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك أوضح ل «الإنتباهة» أن التضخم الذي تشهده الدولة ارتبط بعوامل عديدة منها الركود الذي يعاني منه الاقتصاد بجانب ارتفاع نسبة البطالة وتصاعد الأسعار الناتج من قلة الإنتاج وعدم استغلال الموارد بالصورة المثلى لافتًا لتدهور سوق العملة والتي لها ارتباط بتدهور الاقتصاد نتيجة للممارسات غير القانونية، وقلل من آثار تدفق البترول واعتبره لن يسهم في تحسن الوضع الاقتصادي بشكل عام وتخفيض التضخم بشكل خاص مشيرًا أن ارتفاع الأسعار مرتبط بالرسوم والجبايات بجانب ممارسة الاحتكار من قبل التجار مما لا يجعل للسوق أي أثر من حيث تحديد الأسعار وتخفيض الموارد مضيفًا أن سياسة الدولة والتنافس غير المتكافئ لها تأثير بالغ على التحكم في الاقتصاد بشكل عام، فيما أرجع الخبير الاقتصادي حسين القوني مشكلة ارتفاع التضخم لسياسة السوق وانعدام الرقابة مشيرًا أن انخفاض الدولار نتيجة لتدفق البترول مما يؤدي إلى خفض الأسعار بصورة كبيرة خلال المرحلة القادمة مبينًا أن الارتفاع الحالي سببه اتجاه التجار لرفع الأسعار لتعويض الفاقد من انخفاض النقد الأجنبي مؤخرًا وتوقع خلال حديثه ل«الإنتباهة» أن تشهد الأسعار انخفاضًا تدريجيًا خلال الأيام القادمة نتيجة لتدفق البترول لافتًا لمساهمته في خفض التضخم بشكل تدريجي خاصة مع وجود العديد من الموارد كالبترول والذهب بجانب ارتفاع الصادرات الزراعية والثروة الحيوانية مما يعني تحسن الوضع الاقتصادي بصورة عامة.