«1050» يومًا أمضاها المجاهد تلفون كوكو داخل قاعدة بلفام معتقلاً في سجون الجيش الشعبي لدولة الجنوب، لكن ظل المناضل «أبوجلحة» متشبثاً ومؤمنًا بقضيته في «جنوب كردفان/ جبال النوبة» لم يتزحزح عنها بل ظل ثابتًا كالجبل الأشم صنديداً لم تنخر قواه السنوات التي قضاها بالسجن مسلوب الإرادة مكتوف الأيدي منذ «21» أبريل «2010م» أسيراً في براثن الحركة الشعبية، إلى أن تمَّ فك سراحه يوم الجمعة «19» أبريل «2013م». إطلاق سراحه المفاجئ أثار جدلاً كثيفًا تضاربت حوله الروايات بعد أن فشلت كل محاولات إطلاق سراحه في السابق من خلال أجهزة الدولة الرسميَّة ومجموعة مناصري تلفون كوكو، حيث تأهَّب الشعب السوداني والدولة عمومًا وتضاعفت فرحة أبناء جبال النوبة على وجه الخصوص وأعدّوا حشدًا مقدراً لاستقبال المناضل كوكو الذي يستحقّ بالفعل أن يجد استقبالاً قومياً يليق بحجم تضحياته، فهو الذي حمل السلاح من أجله من قبل الدولة باعتباره مناضلاً سودانياً عائداً من الاعتقال بسبب دفاعه عن قضية جبال النوبة، وفي خطوة مفاجئة علمت «الإنتباهة» أن اللواء تلفون كوكو أعلن عن اعتزامه مغادرة جوبا في غضون أيام متجهاً إلى فرنسا كلاجئ سياسي، وأبان أنَّ اختياره باريس لم يكن سوى المتاح وأنَّ فرنسا لعبت دورًا هامًا في إطلاق سراحه وليس لأية عوامل أو ارتباطات أخرى، وقال: «أُجبرتُ على مسألة اللجوء في فرنسا إجباراً ولم يكن خياراً بقدر ما أنه جزء من معالجة قضيتي بعد انفضاح زيف وفبركة وكذب التهم الموجَّهة لي»، وكشف عن تلقِّيه عرضاً للجوء في جنوب السُّودان إلا أنه رفض نتيجة لاصطدام قناعاته ومبادئه التي رفع من أجلها شعارات الحركة الشعبيَّة بالواقع هناك بعد تخليها عن شعاراتها منذ تخلَّت عن وحدة السودان، واعتبر كوكو فكرة عمله تحت قيادة ما يُعرف بقطاع الشمال من سابع المستحيلات، مشيراً إلى أنَّ قضيَّة جبال النوبة قضية كل السودانيين وأنَّ تلفون يرتِّب أوضاعه حالياً وأنَّه في مرحلة نقاهة ويحتاج للراحة بسبب طول فترة اعتقاله. لكن مصادر موثوقة كشفت عن اتجاه قوي لنقل تلفون كوكو أبوجلحة من جوبا إلى فرنسا خلال الأيام القادمة من أجل إجراء فحوصات طبية كاملة تُمكِّنه من استعادة عافيته وصحَّته الكاملة بسبب ظروف الاعتقال والمدة الطويلة التي قضاها في السجن، مشيرة إلى أنَّه عقب انتهاء الفحوصات الطبيَّة وفترة النقاهة سيتم الترتيب للعودة إلى الخرطوم، ونفت المصادر علمها بالمدة التي سيقضيها تلفون كوكو في فرنسا، وفي ذات السياق امتدحت أسرة اللواء تلفون كوكو مجهودات الحكومة لإطلاق سراحه من المعتقل، وأكَّدت أنَّ اعتقاله تم لأسباب غير معروفة وانتقدت الأسرة طريقة اعتقاله من قِبل الجيش الشعبي، وأفادت مصادر أنَّ خروج كوكو من المعتقل يعني نهاية أزمة منطقة جبال النوبة، حيث أشارت إلى وجود صفقة تم بموجبها إبعاد كوكو من حَلَبَة الأحداث كما أشار الباش مهندس الطيب مصطفى في عموده «تلفون كوكو وحسرة الغياب»: «إذا حضر الماء بطل التيمُّم»، ونما إلى علمنا بأن التصريح الذي أورده كوكو حول قطاع الشمال الذي يتاجر باسم قضيَّة جبال النوبة هو السبب وراء نفيه إلى فرنسا إن صحَّ التعبير وليس هناك معنى أو إمارة واحدة تشير أو تنفي التهم والغموض الذي مازال يكتنف الموقف خاصَّةً عن ملابسات سفره إلى فرنسا. خاصَّة أن هناك معلومات رشحت عقب إطلاق سراحه والفرحة التي لم تكتمل فصولها، فبعضُ المعلومات تفيد بتنصيب كوكو والياً على جنوب كردفان بدلاً من هارون الذي سيتولى منصباً سياديًا «ما» بالمركز... الأخبار التي راجت لاقت قبولاً وصدىً واسعًا لدى الأوساط السياسيَّة سِيَّما أبناء جبال النوبة خاصةً لكن ثمة تسأولات حائرة تبحث عن أجوبة: ما الذي دعا كوكو إلى طلب اللجوء السياسي إلى فرنسا؟ الأسباب والدواعي هل بصدد الفحوصات كما ذُكر أم أنه بالفعل أُجُبر على ذلك مقابل حريته؟ وإن كان كذلك فلماذا تلك العقوبات الصارمة؟ وما الفائدة من إطلاق سراحه ما دام أنه سيُسجن بالخارج بدلاً من الداخل؟ وهل يستحق الرجل كل هذا الشيء وهل وجوده بجبال النوبة يشكِّل خطرًا سياسيًا على الحركة الشعبية وقطاع الشمال لدرجة إقصائه بتلك الصورة؟ وماهو دور الحكومة: هل تتخلَّى عن الرجل وهو في أشد لحظات الحاجة لها في أن تمد يد العون وتعوضه سنوات السجن والهوان؟ هذا أقل شيء يجب أن تفعله الحكومة حياله. والآن أما آن الأوآن أن تنتهى معاناة منطقة جبال النوبة والإبادة الجماعيَّة والتطهير العرقي الذي تمارسه الحركة الشعبيَّة قطاع الشمال تجاه المواطنين العُزَّل وآخرها في أم روابة وأبو كرشولا وأم برمبيطة؟. لمعرفة المزيد بلقاء الضوء وتجلية الحقائق والمُلابسات المصاحبة لسفر تلفون كوكو إلى فرنسا هاتفت «الإنتباهة» سفير السودان لدى فرنسا الدكتور: خالد محمد فرح لمعرفة إن كان كوكو قد وصل بالفعل إلى فرنسا أم لا؟ وقد أبدى سعادة السفير تجاوبًا كبيراً بالرغم من التوقيت الحرج وغير المناسب لمُهاتفتنا له لكن حال الصحافة يقتضي ذلك، قال: سفارتنا بفرنسا أجرت اتصالاً بوزارة الخارجيَّة السودانيَّة قبل ثلاثة أيام لمعرفة حيثيات الأمر وحقيقة طلب كوكو نفسه حق اللجوء السياسي إلى فرنسا أم لا لكن لم نصل إلى أي معلومة تفيدنا حتى الآن بحقيقة وصوله لفرنسا، ونما إلى علمنا أنه موجود بكمبالا، مبينًا أنه كان بالفعل طلب حق اللجوء السياسي كما ذكرت وسائل الإعلام، فمن البدهي أنه لا يلجأ للسفارة السودانية ويظل بعيدًا، أما إذا كانت زيارته كما قالت بعض المصادر بغرض إجراء الفحوصات والاستجمام من إعياء السجن فإنه حتماً سيتم إخطارنا من وزارة الخارجيَّة السودانيَّة عبر سفارتنا بفرنسا، وفي هذا السياق نحن كسفارة من صميم واجبنا الذي يحتِّم علينا الاهتمام بأي مواطن سوداني وتقديم الدعم اللازم له وأيضًا من حقه أن يتمتع بحقوقه كاملة. حيث أكد سعادة السفير أنه إذا وردت أي معلومات بهذا الصدد أو وصل كوكو إلى فرنسا فسيكون السبق ل «الإنتباهة».