لم يكفِ الكويتب أحمد أبو خالد أن يدين نفسه بالواقعة التي رويناها في المقال السابق، حتى أفصح عن واقعة أخرى، فقال: «بطبيعة الحال أن «يقصد إن» كل الذين شاركوا في الحرب اللعينة التي قتل فيها السوداني أخوه «يقصد أخاه» السوداني سواء في جنوب، أو في شرق أو غرب السودان، تمر عليهم الكثير من الذكريات المؤلمة». ومن هذه الذكريات التي اجترها قصة جماعة الجند الصغار من جيش الرب اليوغندي، وقال إنه يشعر شخصيًا بتأنيب ضمير شديد إزاءها. وخلاصة القصة أنه رأى مشهد ألف طفل من هذا الجيش بجنوب السودان، وذكر شارك معهم في معركة ضد عصابات حركة التمرد الجنوبي بقيادة العقيد التالف جون قرنق. ويبدو أن ضمير هذا الكويتب الكويذب قد صحا متأخرًا جدًا، حيث لم يستيقظ إلا بعد مفاصلة رمضان التي طاح فيها حزبه المشؤوم المسمى بالمؤتمر الشعبي. أما قبل ذلك فقد كان كويتب الشعبي يغط في النوم الممتع العميق! بل ربما لا يزال ضميره في التباسه القديم. فهو لا يني بلا مبدئيته المبدئية يجادل بأن على الإنقاذ التي استعانت بالأطفال من جند الرب ألا تستنكر اختطاف المنظمات الفرنسية لأطفال دار فور! لست وكيلاً عن أحد والتفت إليّ وخاطبني، وكأني وكيل الحكومة السودانية، قائلاً: «تصور يا وقيع الله كم هي مكلفة تلك الحملة التي أقامتها حكومة «الانقاذ» عندما تم خطف أطفال دارفور من قبل منظمة فرنسية؟؟ تتذكر كيف أن الحكومة السودانية جيّشت الإعلام والرجرجة والدهماء وتباكت على الأطفال والطفولة البريئة، وكيف أن التلفزيون السوداني جند كل برامجه ضد المنظمة الفرنسية المسكينة لخطفها الأطفال». ويبدو أن الكويتب الكويذب ما ذكر قصة جند الرب اليوغنديين، التي لا نصدقها بالتفاصيل التي سردها، إلا ليدين بها الحكومة السودانية، وأنه ما ذكرها لأن ضميرها حيي أو استحيا كما ظننا، مخطئين، قبل قليل. ودليل ذلك أن الكويتب استغل القصة ليهاجم الإنقاذ، بلا مسوغ، عندما وقفت في وجه المنظمات الكنسية التي تختطف أطفال دارفور العزيزة التي زجها زعيمه حسن الترابي في المهالك والمآسي التي يتحمل وزرها يوم الدين. ويحاول كويتب المؤتمر الشعبي كذبًا وعبثًا أن يبرئ شيخه من جريمة حرب دار فور ليدين بها الإنقاذ! مصلحته في الكذب ولإحساس كويتب المؤتمر الشعبي بتناقضه وكذبه، فقد قال يخاطبني ويبرئ نفسه مما يلاحظ عليه من الكذب الصراح: «نعم هناك إنجازات مادية ولكنها لا تساوي شيئاً ألبته «يقصد البتة» مع الكوارث والمآسي التي جلبتها «الإنقاذ» للشعب السوداني ومهما حدث من إنجازات في نظره ونظر الآخرين لا يمكن أبداً رُؤيتها عندما ننظر إلى كارثة دارفور، أخي وقيع بكل الأمانة والصدق أن «يقصد إن» قادة الإنقاذ هم الذين تسببوا في اندلاع شرارة مشكلة دارفور، كنت أعمل في صحيفة «دارفور الجديدة» ليس لي مصلحة في أن أكذب على النظام لكن الحقيقة الساطعة كالشمس أن الذين تذكر إنجازاتهم عندما غرّتهم الحياة الدنيا لم يتحملوا مطالبة الأهل في دارفور بحقوقهم، فقاموا بضربهم بالطائرات قاذفة اللهب وحرقت بيوتهم». وأقول لهذا الكويتب طالما أنك تنتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي، وطالما أنك لا تزال تتاجر بالمشكل الدار فوري الذي سببه زعيمك حسن الترابي، وطالما أنك قد استعنت في مسعاك الآثم هذا بكل كذاب أثيم، من أمثال الدكتور أحمد الربعي، فإنه لا يستبعد عليك الكذب، بل إنه أولى بك، وأنت أولى به، لأن لك لمصلحة أكيدة فيه! الوجه العنصري للكويتب ثم ما عتَّم الكويتب الكويذب أن أسفر عن وجهه العنصري الصريح، ومنزعه الجهوي القبيح، عندما خاطبني قائلاً: «وأظنك طالعت أحاديث د. علي الحاج في صحيفة «الصحافة» في اللقاء الصحفي وكيف أن عنجهية أهلنا الشماليين وعنصريتهم هي التي كبدتنا جميعاً ملايين الضحايا في الجنوب والغرب ومكّنت من دخول القوات الدولية بلادنا..!!». فكويتب المؤتمر الشعبي الكويذب يعمم القول اعتباطًا، ويسمُ المواطنين الشماليين جميعًا ويدمغهم بالعنصرية، فها قد خرجت أضغان الكويتب العنصري وهو يفوه بلحن القول! وإني لم أقرأ أحاديث للدكتور علي الحاج، مثل ما روى تابعه هذا عنه، وإن صح أن علي الحاج قد فاه بهذا، فهذا مما لا يستغرب منه، والشيء من معدنه لا يستغرب! لم أقل إن حرب دار فور إنجاز! ومن غرائب ما اجترح كويتب الشعبي الكذوب أن نسب إلي أني قلت إن حرب دار فور إنجاز إيجابي للإنقاذ! فهو القائل: «ومن إنجازات «الانقاذ» التي تحدث عنها وقيع الله هي «إسم الإشارة لا داعي إليه هنا!» أن الشرخ بل الجرح الكبير «الشرخ أكبر من الجرح أيها الكويتب» الذي حدث في السودان بسبب مشكلة دارفور لا يمكن ألبته «يا اخي البتة دي خليها لو ما عارف تكتبها كيف!» علاجه بالساهل «بالساهل دي حلوة ولكنها خطأ، والصحيح أن تقول بسهولة أو بيسر». وردًا على هذه الدعوى المنسوبة إليّ أقول إني لم أحسب الشرخ الدارفوري في عداد انجازات الإنقاذ، كما زعم هذا الكويتب المختلط العقل! وما ينبغي لي أن أقول بهذا وأنا أدافع عن الإنقاذ. وما قلته جاء في إطار حوار صحفي مع الأستاذ صلاح شعيب، حيث نسبت المشكل الدارفوري إلى المدعو حسن الترابي، الذي اتهمته بتسعير لهيبه مباشرة عُقيب انشقاقه عن الحركة الإسلامية ولدى مخاصمته لدولة الإنقاذ! فالكويتب اختُلط عليه كعادته فنسب إليّ أني نسبت إلى الإنقاذ ما كنت نسبته إلى شيخه مسعِّر الحرب الأهلية العنصرية الدكتور حسن الترابي!