يوم 11 سبتمبر الماضي، قبل نحو شهر تقريباً خرجت علينا صحيفة «الأهرام» بعناوين احتلت رأس صفحتها الأولى تحدثت عن تفاصيل خطيرة خلال أيام عن الثورة المضادة والأصابع الخارجية ل »إسقاط مصر« تورط عدداً من دول الجوار في تمويل بالملايين لمنظمات مصرية. التفاصيل الخطيرة التي ذكرتها العناوين جاءت على لسان وزير العدل المستشار محمد عبد العزيز الجندي. الذي قال إنه تلقى تقريراً خطيراً بشأن تورط عدد من الدول المجاورة لمصر في تقديم مبالغ مالية تفوق التصور، تقدر بالملايين من الجنيهات لبعض الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني. كما أشار إلى أن رئيس الوزراء سوف يعلن التفاصيل خلال الأيام القليلة المقبلة، منوها إلى أن ما يحدث في الشارع المصري تحركه بعض الأيادي الخارجية والداخلية، بهدف تخريب المنشآت العامة ومؤسسات الدولة، كما تستهدف انتهاك الأمن القومي للبلاد وترويع المواطنين. في ختام التصريح الذي نشرته «الأهرام» ذكر وزير العدل أن ما تشهده البلاد هو جزء من مخطط يجري تنفيذه منذ فترة بهدف إسقاط مصر، وأن ثمة أنظمة في دول محيطة تخشى أن يتكرر لديها ما حدث في بلادنا. لأن الكلام لوزير العدل، فقد احتفظت يومذاك بالقصاصة المنشورة، وظللت أترقب نشرات الأخبار، أملاً في الوقوف على تلك التفاصيل الخطيرة، لكن الأيام القليلة مرت دون أن يعلن علينا شيء. حتى وصلنا في الأسبوع الرابع وقارب الشهر على الانتهاء دون أن يعلن رئيس الوزراء شيئاً عن تلك المؤامرة التي استهدفت إسقاط مصر. وفي تاريخ لاحق «18 سبتمبر» نشرت «الأهرام» أيضاً أن التحقيقات التي جرت بشأن حادث اقتحام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة كشفت عن تورط »شخصية ثرية« في تحريض أعداد كبيرة من الشباب مقابل مبالغ مالية تراوحت بين 5 و11 ألف جنيه لكل شخص (!). ونقلت «الأهرام» عن مصدر قضائي قوله إن المقبوض عليهم في الحادث ذكروا أنه تم تجميعهم في أحد ميادين منطقة الهرم بعدما قدموا من مناطق عدة، حيث وزعوا على ثلاثة باصات سياحية فاخرة نقلتهم إلى مكان ما في الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية، وفي نقطة معينة تم إنزالهم وحملتهم سيارات نصف نقل إلى إحدى المزارع الخاصة، وهناك التقوا شخصية مهيبة أبلغتهم أنه ينبغي الثأر »لأولادنا« الذين قتلتهم إسرائيل، كما ينبغي طرد السفير الإسرائيلي من مصر. وفي 25 سبتمبر، ذكرت «الأهرام» أن مصدراً مسؤولاً في أجهزة الأمن ذكر أنه أمكن تحديد شخصية «234» متهماً جديداً من سبع محافظات في قضية الهجوم على السفارة الإسرائيلية. وأضاف المسؤول أن التحقيقات كشفت عن وجود سيارة مرسيدس في موقع الأحداث بالجيزة، وكان صاحبها يدفع أموالاً للمتورطين في الهجوم على سيارات الأمن المركزي ومديرية الأمن. وقد حددت أجهزة الأمن اسم صاحب السيارة الذي تبين أنه يقيم بفيللا بحي النهضة شرق القاهرة، كما تبين وجود شخص آخر كان يستقل سيارة بيجو، وتبين أنه يقيم بحي السيدة زينب. وقد كان يوزع أقنعة واقية لعدد من الأشخاص خلال الأحداث. وأضاف المسؤول الأمني أن اثنين ممن تم القبض عليهما أمام مقر السفارة الإسرائيلية، ضبط بحوزة أحدهما مبلغ خمسة آلاف جنيه والثاني أربعة آلاف جنيه. وكانا يقومان بتوزيع «200» جنيه على كل واحد من المتورطين في الأحداث. إذا صدقنا هذا الكلام الذي نشر منسوباً إلى مسؤولين في الحكومة والأمن، فمعناه أن كل ما يحدث في مصر مدفوع الأجر، سواء من جانب دول جوار تريد إسقاط مصر، أو من جهة فلول يطلقون المظاهرات ويحرضون على تخريب المنشآت العامة. ان شئت فقل إنهم يريدون إقناعنا بأن الذي يحرك الأحداث في مصر ليس سوى الفلوس والفلول. وليس ذلك أغرب ما في الأمر، لأن الأغرب أن أولئك المسؤولين يفترضون في الناس البلاهة وضعف الذاكرة، فيلقون على أسماعهم بأي كلام دون أي دليل أو حجة مقنعة، متصورين أن »القطيع« سيمضي وراءهم أيا كانت الإشارات التي يطلقونها، ناسين أن الناس تفتحت أعينهم، وأن فرقعاتهم الإعلامية لا تصدق، ولكنها تفقدهم الثقة والاحترام.