«حادثة مقتل كوال دينق أمر خطير يسلط الضوء على أن الوضع الراهن في أبيي لا يمكن أن يستمر».. تلك العبارات وردت ضمن البيان الذي أصدره الاتحاد الإفريقي بالخميس الماضي ودعا فيه الرئيسين عمر البشير وسلفا كير ميارديت لعقد قمة عاجلة للبحث عن حل للنزاع في منطقة أبيي بعد مقتل كوال وجندي إثيوبي من قوة حفظ السلام «اليونسفا» بتاريخ الرابع من الشهر الجاري. وتعود تفاصيل الأزمة إلى أن وفد كوال قام بمعية قائد قوات اليونسفا يوم الحادث بزيارة المناطق الشمالية لأبيي ليتوغلوا داخل أرض المسيرية بحوالى «40» كلم دون إخطار للجانب السوداني بالزيارة وهي الرواية التي أكدها بيان الداخلية السودانية موضحًا أن الزيارة تمت دون إخطار المراقبين بينما تشير تقارير إعلامية إلى أن كوال أخطر رئيس لجنة أبيي الخير الفهيم بالزيارة، ولما كان المسيرية حسب روايتهم أبلغوا كوال سابقًا عن نهب حوالى ألف من أبقارهم فإن وجود كوال في مناطقهم في هذا الظرف إدى لاستبقائه من قِبلهم للتداول حول المسألة إلا أن وتيرة الأحداث مضت على النحو الذي نجم عنه الحادث، من جانبه أكد البرلمان السوداني أن الحادث غير مدبَّر من أية جهة داعيًا حكومتي البلدين لتهدئة الأوضاع أما الخارجية السودانية فقد أعلنت أن السلطات المختصة ستُجري تحقيقًا عاجلاً وشفافًا، وجدَّدت التزام حكومة السودان بكل الاتفاقيات الموقَّعة من دولة الجنوب، بينما دعا الوطني ألا يكون الحادث مدخلاً للفتنة بين البلدين في الجانب الآخر هاتف سلفا البشير واتفق الطرفان على عدم التصعيد بأبيي، وبالرغم من الآثار الإيجابية لتلك المحادثة ولكن سرعان ما نقلت الأنباء تصريحات مغايرة تمامًا لسلفا لدى مشاركته في حفل تأبين كوال قوله «سأحمِّل حكومة السودان خاصة الرئيس البشير المسؤولية في حال فشله في القبض على المجرمين وتأكيد تقديمهم إلى محكمة مستقلة ومختصة»، ومضى في حديثه ليبرئ المسيرية من تهمة قتل كوال ملقيًا بالتهمة على حكومة السودان بقوله: «أعرف أن هذا مخطط سياسي لتخريب الاستفتاء في أبيي والذي تبقى له خمسة أشهر وهم يعلمون أي حكومة السودان ماذا ستقررون» والاستفتاء الذي أشار له سلفا وموعده في أكتوبر القادم هو الاقتراح الذي تقدم به رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي في جولة المفاوضات التي جمعت رئيسي البلدين في مطلع هذا العام ورفضه السودان بشدة لانحيازه الواضح لدينكا نوك باعتبار أن المسيرية لا يبقون في ابيي في ذلك التوقيت، ويشير الفهيم في تنوير صحفي بالخميس الماضي إلى أنه قال إنهم يتحفظون على مقترح امبيكي لأربعة أسباب هي أنه لم يمنح بعض المكوِّنات الأهلية بالمنطقة أهلية الاستفتاء بالتصويت، بجانب التوقيت غير المناسب للاستفتاء إضافة للمطالبة برئيس أجنبي للجنة الاستفتاء، وتكوين المفوضية الخاصة به من من ثلاثة أجانب موضحًا أن هذه الخطوة تخالف القانون الخاص بأبيي والذي أجازه البرلمان بمشاركة الحركة الشعبية قبل الانفصال. ولما كانت تداعيات مقتل زعيم قبيلة دينكا نقوك لا تزال ماثلة استفسرت «الإنتباهة» السفير آبادي زمو الذي قدم محاضرة عن العلاقات السودانية الإثيوبية بنادي الدبلوماسي الأسبوع الماضي عن تعليقه على الحادث وهل من دور متوقع لإثيوبيا في درء أي توتر محتمل بين البلدين على خلفية تحميل بعض القيادات بحكومة الجنوب للسودان مسؤولية الحادث رغم إدانة الحكومة السودانية للحادث وإعلانها عن التحقيق فيه فأجاب السفير بقوله إن كوال شخصية مهمة لشعبي البلدين وإن موته قد يؤثر على عملية السلام الجارية بين البلدين وإن الحادث هذا ما كان له أن يقع، وأضاف أن اتهام السودان في هذه القضية سابق للتحقيق فيها، ولا بد من انتظار نتائج التحقيق لمعرفة من له يد في ذلك ومن ثم تقديمه للعدالة ولا بد للسودان أن يبذل جهدًا كبيرًا لتقديم الجناة للعدالة بعد ظهور نتائج التحقيق، ونفى ابادو أن تكون اليونسفا تمالئ دينكا نوك على حساب المسيرية، مضيفًا: هذه ليست رسالتنا. وفي تعليقه على القمة التي دعا لها الاتحاد الإفريقي قال القيادي بقبيلة المسيرية عبد الرسول النور ل «الإنتباهة» إن الأوضاع العامة في أبيي غير محسومة مشيرًا لغياب الشرطة والإدارية والمجلس التشريعي والإدارة المدنية رغم أن الاتفاقات بين الطرفين أُسست لتشكيل هذه الأجهزة وأسفر ذلك عن تعطيل شؤون الحكم وعدم قضاء حوائج المواطنين من خدمات وتنمية مما أدى إلى فراغ أمني وشرطي كبير الشيء الذي قاد إلى الأحداث الأخيرة بابيي وطالب بالاسراع بملئ ذلك الفراغ حتي لا تكرر مثل تلك الاحداث مشيرًا إلى أن قوات اليونسفا الدولية تنحصر مسؤوليتها في حماية المنطقة، وبشأن المقترحات التي من الممكن تداولها عبر قمة الرئيسين نفى علمه بحيثياتها، واستدرك ليشير إلى أنه كان ينبغي أن تضمَّن قضية أبيي في مصفوفة تنفيذ اتفاقات سبتمبر التي حسمت كل القضايا ما عدا أبيي التي بقيت معلقة، وعبَّر النور عن اعتقاده بأن الحكومة لن تقبل بمقترح استفتاء المنطقة في أكتوبر القادم باعتبار أنَّ معنى ذلك عزل المسيرية عن المشاركة في التصويت باعتبار أن المسيرية في ذلك التوقيت يكونون خارج أبيي بسبب الأمطار ولا يعودون لها إلا في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر، وحول حديث سلفا بأن الاستفتاء كائن في أكتوبر القادم استبعد النور ذلك بقوله إن تنظيم الاستفتاء يتطلَّب تحديد من يحق له التصويت وتكوين المفوضية بالاتفاق حول عضويتها بين البلدين لتمارس مهامها وتحديد الجدول الزمني للاستفتاء ومن ثم تسجيل الناخبين والنظر في الطعون المتعلقة بذلك ونشر السجل النهائي وتاليًا تحديد مراكز وتاريخ الاقتراع موضحًا أن تلك الإجراءات تحتاج إلى أكثر من عام كامل وليس خمسة أشهر. الصحيفة هاتفت مسؤول الإعلام في المؤتمر الوطني ياسر يوسف إلا أنه اعتذر لانشغاله. يُذكر أن جوبا قدَّمت شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي بشأن مقتل كوال بينما تنعى قيادات المسيرية أن الأحداث تركزت حول كوال دون ذكر لضحايا المسيرية ال«17»، وفي هذا السياق أشار النور إلى تركيز الرأي العام حول كوال دون ذكر قتلى المسيرية مُعلين من شأن الاسم دون النفس.