أعلنت وزارة النفط بالسودان أن بترول دولة جنوب السودان قد وصل بالفعل لمركز المعالجة المركزية بهجليج تمهيدًا لضخِّه صوب بورتسودان للتصدير وذلك وفقًا لمصفوفة تنفيذ اتفاقيات سبتمبر «2012» والتي بموجبها أقرت دولتا السودان تنفيذ الاتفاقات التسع كحزمة واحدة بعد أن كانت الخرطوم تشدد على معالجة الترتيبات الأمنية أولاً ثم النظر في قضية النفط تاليًا الزميلة «المجهر السياسي» أوردت أمس أن رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت سيزور الخرطوم في الخامس عشر من مايو الجاري لتدشين وصول نفط بلاده إلى بورتسودان ويرافقه وزراء المالية والدفاع والمالية... تجيء زيارة سلفا في ظل أوضاع بالغة التعقيد عقب التصعيد العسكري الكبير الذي ابتدرته الجبهة الثورية على ولايتي شمال وجنوب كردفان ومحاولتها إسقاط بعض المدن الكبرى مثل كادقلي أو تلودي وذلك صبيحة اليوم التالي لفشل المفاوضات بين الحكومة السودانية وقطاع الشمال في أديس أبابا وبالرغم من أن جوبا تتحدث عن فك ارتباطها مع قطاع الشمال إلا أن أحداث كردفان الأخيرة شككت في التزام جوبا بقراراتها المعلنة، وفي حواره بالزميلة «السوداني» أقر وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين أن قوات الجبهة الثورية تلقت الدعم من جوبا، ولكنه نفى علمه بتوقيت الدعم إن كان سابقًا لتوقيع المصفوفة أم بعدها وربما كانت تلك دبلوماسية من الوزير أو دفعًا لرفع الحرج بوصفه رئيس اللجنة السياسية الأمنية للمفاوضات بين البلدين ولكن تطورات الأحداث على ما يبدو دفعت جهاز الأمن ليعلن عبر بيانه الذي نشرته صحف الأمس وفيه أن جوبا دعمت المتمردين ضد الخرطوم عقب اتفاق التعاون بأعداد من سيارات الدفع الرباعي سلمت مؤخرًا لحركة مناوي ومتمردي قطاع الشمال كما يجري تسليم أعداد أخرى من السيارات لحركة العدل والمساواة وعبد العزيز الحلو وقد شمل الدعم توفير كميات من الأسلحة والذخائر واستمرار عمليات التدريب بمعسكرات راجا وطمبرة ومناطق نيم وفاريانق بولاية الوحدة في مسعى لتكوين قوة أخرى والدفع بها إلى داخل السودان كما تم مع القوات التي هاجمت أم روابة وأبو كرشولة كما شمل الدعم توفير الوقود وفتح مستشفيات عسكرية داخل الجنوب لاستقبال جرحى المتمردين السودانيين ووفقًا للبيان فإن حكومة جنوب السودان استخرجت وثائق سفر اضطرارية لعدد من جرحى حركات التمرد ممن تم إخلاؤهم من جنوب كردفان ونقلتهم إلى مستشفيات ببعض الدول الإفريقية إضافة إلى تخصيص منازل ببعض أحياء جوبا لاستضافة قادة ميدانيين وعسكريين من حركات دارفور وقطاع الشمال فضلاً عن توفير أموال لخدمة قوات الحلو وقوات مناوي إلى جانب سماح سلطات جنوب السودان لقادة المتمردين السودانيين بالتحرك والوجود في منطقة الجاو على الحدود بين ولاية الوحدة الجنوبية وجنوب كردفان الجنوبية ويضيف البيان أن الفريق ماج بول مسؤول الاستخبارات بالجيش الشعبي يشرف على عمليات إمداد قوات قطاع الشمال بالأسلحة والذخائر عبر منطقة الجاو ومعسكر ديدا للنازحين. مطالعة ذاك البيان المطول تطرح العديد من الأسئلة من قبيل ما هو الهدف غير المرئي منه؟ ثم على ضوء هذه الحقائق كيف ستتعامل الخرطوم مع جوبا على ضوء المعطيات الراهنة؟ ثم هل ستتم زيارة سلفا للخرطوم في منتصف الشهر الجاري بالفعل أم لا؟ عدة معطيات ماثلة للعيات تفيد أن دولة الجنوب ستظل هي الملاذ الآمن للمتمردين السودانيين تلك هي رؤية المحلل السياسي ياسر محمد محمود الذي فصَّل تلك المعطيات بالعلاقات الجيدة بين السودان والجماهيرية الليبية وإثيوبيا وإرتريا وتشاد التي عاد منها قبل ثلاثة أيام مشيرًا إلى أن بيان جهاز الأمن يريد إثبات أنه رغم توقيع جوبا للمصفوفة إلا أنها مازالت تدعم الحركات المتمردة مضيفًا أن توقيع المصفوفة خاصة فيما يتعلق بملف النفط جاء تحت ضغوط الضائقة الاقتصادية التي يمر بها البلدان واستبعد ياسر في حديثه ل «الإنتباهة» أن تؤثر معطيات الأحداث الجارية أو حتى بيان الجهاز على زيارة سلفا للخرطوم موضحًا أن الزيارة لا تعدو أن تكون زيارة احتفالية وأنها لن تتجاوز ساعات محدودة تنتهي بنهاية الاحتفال ولن تناقش أي قضايا بين البلدين باعتبار أن القضايا بين البلدين بين يدي الآلية الإفريقية والوساطة الإفريقية بما فيها أبيي التي دعا الاتحاد الإفريقي إلى عقد قمة رئاسية بشأنها وأفاد ياسر بأن عدة سيناريوهات تتشكل على خلفية مقتل كوال أهمها أن المجتمع الدولي يريد وضع السودان في خانة المتهم ويعمل على تحويل القضية لمحكمة دولية بهدف إضعاف مطالبة حكومة السودان بأحقيتها لأبيي. زيارة سلفا للخرطوم حال تمت تجيء في ظل أجواء أمنية وسياسية ساخنة لا تقل عن سخونة مناخ طقس الخرطوم فهل ستكون الزيارة شرفية قاصرة على الاحتفال بتدشين النفط أم أنها ستجنح للنظر في المعطيات الراهنة خاصة أن جوبا سبق لها أن عرضت أكثر من مرة للتوسط بين الحكومة وقطاع الشمال.