في بداياتي الصحفية وذلك الشغف المقيم حملت أوراقي وحقيبتي الكبيرة واتجهت صوب قاعة الصداقة لعلمي بمشاركة الشاعر صلاح أحمد إبراهيم في تلك الفعالية وكان وقتها يزور السودان بدعوة، وأعتقد أنها كانت آخر زيارة له للخرطوم واستقبل حينها استقبالاً رسمياً وتبرع بمبلغ 50 ألف فرنك فرنسي للمجهود الحربي. استغربها البعض منه حينها! اندفعت وقتها لملاقاة الشاعر صلاح دون أي خطة مسبقة عما أريد حوارًا أم موعدًا أم رؤيته فقط!! وتسللت صعودًا حتى وجدته خارجًا من قاعة المؤتمرات في الاستراحة.. توجهت نحوه صافحته واستأذنته في دقائق قليلة ولا يوجد في ذهني شيء محدد فقد التقيته وكفى! وفي لحظة من أميز اللحظات استجاب وجلس تواضعًا وأريحية وابتسامة رغم إلحاح الأستاذ المحبوب عبد السلام أن لا يوجد وقت الآن وأن الجلسة على وشك أن تبدأ وبدأت أرتجل الأسئلة وهو يجيب وأنا أكتب وأسرع بملاحظة جانبية لسؤال آخر لا أذكر كم مر من الوقت ولكن نودي عليه وبتكرار الطلب استأذن أن سنكمل لاحقًا حديثنا.. غادرني هو وعدت أدراجي إلى مبنى الصحيفة (السودان الحديث) وأنا في قمة سعادتي بذلك الحوار المبتور! وبفرحة أخبرت رئيسي المباشر أنني التقيت صلاح وأجريت معه ذلك الحوار وكان رده إن رجلاً في قامة صلاح لا ننشر له عملاً غير مكتمل وأنه لا بد من إجراء حوار مطول معه. أحبطني رد رئيسي لكنه لم يستطِع انتزاع ذلك الإحساس الأصيل بداخلي!! وإلى يومنا هذا! وإذا كان هناك من يسعد بالتلقائية والبساطة وحتى السذاجة وقتها فهي أنا!!. كتبت هذا قبلاً وأسترجع دومًا ذلك اليوم الحدث.. وكم تفاجأت أن أكثر من عشرين عامًا مرت، كيف مرت؟ هل نحسبها خصمًا أو إضافة من عمرنا! ومهما حاولنا تدارك هذا التقدم أو تجاهله يأتي ما يوقظنا! رحم الله صلاح أحمد إبراهيم وصحبه من المبدعين الذين تركوا فينا شيئًا لا ينمحي ونسأل الله أن يلطف بنا بآخرين يتركوا في الأجيال التي تليهم أثرًا لا ينمحي وندعوا الله أن يحافظ الآتون على ما فاتهم ومن فاتهم فلا ينمحي لهم أثر أبدًا.