قبل عدة سنوات كنتُ أحمل أكياساً قادماً من السوق وحين لمحت السيد حشري تعمَّدت أن أدلف سريعاً إلى المنزل إلا أن حسين ولقبه «حشري» نسبة لهوايته المزعجة في الثرثرة وحشر أنفه فيما لا يعنيه استوقفني بصوت عال فتسمَّرت في مكاني بغضب بينما كنت ممسكاً بمقبض الباب حتى أوحي له أنني في عجلة من أمري بيد أن محاولاتي باءت بالفشل فالسيد حُشري لا تهمه مثل هذه الإيحاءات ولا يلتفت لها وحتى لو قلت له إنني مريض ولا أقوى على الوقوف فسارع بسؤالي كعادته دائماً عن ماذا أحمل فقلت: * شوية حاجات فقال: لكن شنو؟ قلت سلطة ودكوة فقال: طيب الكيس الصغير فيه شنو؟ رددت بضيق وقلت فيه دواء فرد سريعاً: دواء شنو قلت نزلة والتهاب، هنا اعتدل في وقفته وانفتحت شهيته للثرثرة وقال لي « سيبك من الدواء ده أتبخر بشوية قرض وأشرب كركدي وليمون دافي قفت له: نجرب ولكن بعد ما أتناول الدواء فقال: لا أبدأ جرب وسيبك من الدواء، وأنا متأكد حتجدع الدواء في الكوشة وهسي أنا سنة ما جاتني نزلة ولا التهاب ولا زكمة ونخرتي دي عندها قرون استشعار بعيد المدي فقلت له: عشان كده أخرام نخرتك زي بندقية أبو ترباس فقال: + ما تسحرها يا فردة دي بتشم ريحة القدحة في البيت من سعد قشرة لحدي المزاد * طيب بتعمل شنو مع روائح الكوش والنفايات ما دام نخرتك دي استشعارها حساس كده. + لا يا فردة، نخرتي دي محصَّنة من روائح من النوع ده ويا أخي الطيبون للطيبات * والله نخرتك الملولوة دي ما أظنها حتى في الفطايس بتشم غير فطايس الحمير. + كدي يا فرده نخرتي كدي هسه خليها الكيس التاني فيهو شنو * علي الطلاق ما بوريك يا سيد حشري + ما في مشكلة يا فردة نتلاقى بعد صلاة المغرب * أنا بصلي المغرب الليلة في مسجد مربع تلاتة + عشان شنو ما شي وين؟ * هنا أدركت أن السيد حشري يستدرجني لا ستجواب طويل وقلت له ماشي الكرنتينة عايزين يحجزوني لأني حامل عدوى خطيرة جداً + طيب يا فردة ما أظن نتلاقى قريب. * أيوه كدي يا سيد حشري من قبيل عايز أسمع منك الكلمة دى + أيوه لكن ما في مشكلة برضو بتلقاني واقف ليك جنب باب الكرنتينة * يا أخي طيب يمكن أتلحس. + برضو ما في مشكلة نركب مع جنازتك لحدي البيت وبعدين نمشي نوديك المقابر ونديك فاتحة مدنكلة يلا باي باي نتقابل في أحمد شرفي.