ضمن قوافل الدعم التي ظلت تتقاطر هذه الأيام صوب مدينة الرهد أبودكنة تخفيفًا لمعاناة المتأثرين من منطقة أبو كرشولا نتجة الاعتداء الغاشم من قبل ما يسمى بالجبهة الثورية جاءت قافلة محملة بمواد محلية تمثلت في الفحم وحطب الوقود وهي مواد لها أهميتها وطلبها لدى المتأثرين تلك كانت قافلة محلية الدلنج التي قادها نفر كريم من المحلية تقدمها موسى يونس كوكو معتمد المحلية وخلال الاحتفال الذي أُقيم على هذه المناسبة وحين أُتيحت الفرصة لمعتمد الدلنج أن يخاطب الحضور كان المشهد مؤثرًا وفاعلاً وسط الحضور والمتحدث يتلجلج ويتعثر ودموعه تعجز عن الثبات وهو يحدِّث عن أن الشهداء أمانة في رقابنا وأن ما حدث بأبو كرشولا يجب النظر إليه بمعيار الإسلام وأن يكون قتال الأعداء على هذا الأساس لا الغبينة القبلية مهاجمًا الجبهة الثورية التي قال إنها تسعى لفصل جبال النوبة.. كل هذا وغيره قادنا إلى حوار مع الأستاذ موسى يونس أولاً كيف ترى ما أقدمت عليه الجبهة الثورية من اعتداء غاشم على منطقة أبو كرشولا وأم روابة ما زالت آثار ذلك الاعتداء تتضاعف في كل النواحي؟ دعني أقول إن الذي حدث في منطقة أبو كرشولا وغيرها من مناطق بشمال كردفان لا يخرج عن الأجندة التي لم تعد خافية على أحد كواحدة من الأهداف التي تستخدمها دول البغي والطغيان في محاولات متكررة لإضعاف السودان من أطرافه وتمزيقه وواحدة من السيناريوهات التي تحاول بها تلك الدول تمزيق السودان وتجزئته الى دويلات واستخدام القضايا المتعلقة بالعرق والدين لإحداث وتنفيذ هذا المخطَّط الخطير وفي هذا الزمن الدقيق وليس بعيدًا فقد انفصل الجنوب عبر نفير كبير ضم دول الامبريالية ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وكذلك بعض المخدوعين من أبناء الوطن وما تبقى من السودان تحاول تلك القوى تكراره على غرار ما قامت به في الجنوب وتسعى جاهدة لتفتيت السودان إلى خمس دويلات في دارفور والشرق والوسط والذي يحدث في جبال النوبة وأبو كرشولة واحدة من هذه الوسائل وعبرها تحاول أن تستحدث دولة جبال النوبة الفدرالية وهو ما حدَّد في كثير من المواقع الإلكترونية بخارطة الدولة وعلمها وحتى نشيده تم تصميمه لذلك ومن هنا أدعو كل السودانين أن يعوا هذا الخطر القادم من جنوب كردفان وما يحدث بأبو كرشولا إلا نقطة بداية وانطلاقة وقد يتسع هذا الأمر ويشمل بعض القرى والفرقان يحاول فيه العدو تمزيق الوطن مناطق الجبال ولذلك يجب علينا جميعًا أن نعي هذا الخطر القادم وما يحمله عن إسقاط النظام وهو يعني بلا أدنى شك إسقاط الإسلام الحضاري والذي نعمل جاهدين على تثبيته وأن نستشهد في سبيله فنحن نؤكد أنه آن الأوان ليصطف الكل خلف القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى نصرة ومساندة لها والتي أثبتت عبر التاريخ قوتها وقوميتها وأقول إن عهدنا مع الشهداء لن ينقطع وسنحمل أرواحنا في أكفنا إما نصر مؤزَّر وإما شهادة حفاظًا على تراب هذا الوطن إذًا لماذا لا يستفيد أبناء النوبة من التجربة التي خاضوها مع الحركة الشعبية طوال العقود الثلاثة الماضية ودفع ثمنها كثير منهم أرواحهم؟ من المؤسف جدًا أن بعض أبناء النوبة سبق أن دخلوا في مثل هذا الخداع لأكثر من خمسين عامًا والآن يدخلون في نفس النفق عبر ما يسمى بالجبهة الثورية فأبناء النوبة قد استُخدموا كأدوات وكوقود للحرب طوال قضية الجنوب، ومشكلة الجنوب عندما انتهت بالانفصال تركوهم ولكن ليس لشأنهم بل عملوا لهم غسيلاً كبيرًا وأوهموهم أن لهم قضية وأن لهم ثورة ونضالاً وسيوفرون لهم الأرضية والدعم والسند عبر ما يسمى الجبهة الثورية التي يقودها مالك عقار وياسر عرمان وعبد العزيز الحلو وثلاثتهم لا علاقة لهم بالنوبة، وأقول هؤلاء سيجتهدون كثيرًا في تأزيم الموقف وتأجيج الصراع لأن وجودهم واتفاقيتهم متوقفة على مسرح الصراع والقتال في مناطق النيل الأزرق وجبال النوبة فإن كان هناك سلام في جبال النوبة والنيل الأزرق فإن ذلك يعني عدم وجود مسرح ولا أرضية لينطلقوا ولذلك فإنهم يستخدمون هذه القضية لتحقيق أهدافهم الذاتية وهم بصورة أخرى وفي المقابل أيضًا مُستخدَمون كأدوات ووسائل للصراع تحركها الصهيونية والإمبريالية لتحقيق أهدافها ضد دولة السودان وشعبه وقيمه. من الواضح أن شكل العلاقة بين الحركة الشعبية وقطاع الشمال مبني على أهداف بعيدة المدى... كيف تقرأ استمراية قيادة عرمان والحلو وعقار والتصدي لقضايا جبال النوبة؟ هؤلاء القادة الثلاثة كانوا ينتمون إلى الحركة الشعبية الأم وهي نبعت من الجنوب، فلما انفصلت دولة الجنوب لم تتخلَّ الحركة الشعبية عن ارتباطها بالحركة الشعبية قطاع الشمال، ارتباطها العسكري والسياسي والوجداني ما زال موجودًا بدليل ما حدث الآن بأبو كرشولا من مدد وسلاح والدعم المادي والمعنوي كله يأتي من دولة جنوب السودان أقول ذلك صراحة أن الجبهة الثورية تظل الوسيلة المستخدَمة كسلاح كواحد من وسائل التعبئة لكل أبناء النوبة مسألة الجهوية والعنصرية والاستهداف الاثني، يعني في نهاية المطاف أن يقوم الطرف الآخر ليحاول الانتقام والثأر ومثل هذا إن حدث الآخر سيوفر المناخ الإيجابي للحركة الشعبية قطاع الشمال لأن تستنجد بقوى الشر والطغيان الأممالمتحدة ومجلس الأمن لاستصدار قرار تحت الفصل السابع والذي يسمح بدخول قوات دولية إلى مناطق جبال النوبة وسيكون هذا السيناريو هو باكورة استحداث واستقطاع دولة جبال النوبة الفدرالية، وأنبه إلى مثل هذا الخطر وبالضرورة أن نلتف ضد هذا الخطر من كل الأطراف. برأيك ما هو المطوب من أبناء جبال النوبة لتحديد قضايا المنطقة والسعي إلى حلها وفق رؤية مخالفة لهذا المسلك؟ لا أنكر أن للنوبة قضية، نعم هناك قضية ولكن أن يُستخدموا كأدوات للقتال والصراع ووقود للحرب هذا ما نختلف عليه وهناك خيارات كثيرة جدًا يمكن أن يستخدمها أبناء النوبة للحصول على الحقوق، أما الحرب فالحرب فلا تعرف الأخضر أو اليابس، الحرب تعمل على تقطيع السودان وتقسيمه فضلاً عن الضرر المباشر لأبناء النوبة وما يحدث لهم من تشريد ذويهم ولذلك فإن المستفيد الوحيد هم أعداء السودان فالخاسر الأول هم أبناء جبال النوبة بصورة أساسية والرابح هم من يضع هذا السيناريو والذين يقفون خلف أبناء النوبة ممن يمدونهم بالسلاح والعتاد ليقتتل أبناء الوطن الواحد وليس سرًا أنه يتم الآن وسابقًا تدريب دقيق لأبناء النوبة سياسيًا وعسكريًا وتقنيًا لضمان استمرارية الحرب ومعلوم أن إسرائيل لن تدع السودان بهذا التوجه الحضاري لأنه يشكل خطرًا إيديلوجيًا لدولة إسرائيل ولكل دول الشر وإن هذه الدول لن تدع السودان ما دمنا نتمسك بهذا التوجه وبالمقابل يجب علينا أن نعض على الشريعة مهما كلفنا على هذه القيم وستظل أرواحنا على أكفنا إما أن يثبت الأمر أو نلقى الله سبحانه تعالى. حسب المعلومات المتوفرة لديكم حول مقتل المتمرد عبد العزيز الحلو ما مدى صحة ذلك؟ لا أستطيع أن أتحدث عن مقتل الحلو، فالمعلومات متضاربة وليست هناك جهة رسمية أثبتت أو صرحت بهذا الخبر، فبالنسبة لي منسوبوه يقولون عبد العزيز الحلو إن مات فقد مات جون قرنق ومات يوسف كوة لكن برأيي أن قرنق مات ويده ممدودة بالسلام، في حين أن الحلو إذا تأكد موته فإنه قد دفع بأبناء النوبة في هذه الحرب وفي هذا الخراب بعد أن يتَّم الأطفال ورمَّل النساء ومزَّق النسيج الاجتماعي الذي ظل الناس يتمسكون به ويحافظون طيلة العقود الماضية ولذلك فلن يذكره أحد هناك وفي غيرها من مناطق السودان بالخير. ماذا تقول حول افتعال القضايا والخلافات وسط أبناء النوبة؟ لا أحد يهددنا بالقتال ولا أحد يلوح بمواصلة القتال، ونحن خرجنا في العراء من أجل هذا القتال نحمل أرواحنا للقتال، فإن أرادوها حربًا فنحن لها وإن أرادوا سلامًا فنحن له أيضًا، لا أحد يحدد لنا كيف نعيش في هذه الحياة فنحن من يحدِّد أن نعيش في قرانا فإن كان هناك هزات معارك خسرنا فيها هنا وهناك فهي محدودة ولكننا لم نخسر القضية فثقتنا من بعد الله سبحانه وتعالى كبيرة جدًا في قواتنا المسلحة وفي مجاهدينا ونحن في حالة نفرة والميادين بيننا. وماذا حول تداعيات إطلاق سراح تلفون كوكو والخطوة التي اتخذها هل كانت متوقعة أم أنها مفاجأة بالنسبة لكم؟ أقول من وجهة نظري الشخصية وبعد تداعيات إطلاق سراحه فإن أي شخص حصيف يرى أن تلفون كوكو الآن قد دخل خندق قوى البغي ويجب ألا نعول عليه كثيرًا وآمل أن يكون حديثي غير صحيح فالذي أسمعه وأتابعه لا يبشر بالخير. علينا جميعًا أن نسمو فوق الصغائر والتقاطعات وأن ما يمر به الوطن الآن يعتبر من أصعب الظروف، ولذلك بالضرورة أن نضعه في حدقات العيون وأن ندفع بكل ما نملك من إيمان بالله وإمكانات مادية في سبيل تحقيق السلام والأمن والاستقرار لهذا الوطن وبالضرورة أن ندافع عنه مهما كلفنا ذلك خاصة في هذا الظرف.