أسعدني الله أن أكون من حيران الراحل المقيم أحمد علي الإمام سمعت صوته وهو يتلو ويفسر القرآن بالإعلام المرئي والمشهود ومنذ ذاك التاريخ ظللت أحمل المذياع أين ما أكون لأسمعه في وعظه وتذكيره عليه الرحمة والرضوان وحينما رحل كتبت عنه أنه رحل وهو يحمل زاده من القرآن والأحاديث وقد ترك علماً يُنتفع به ثم أسعدني الله أن أتصفح كتابه عن خلاوي القرآن بعنوان (الخلوة والعودة الحلوة) تحدث فيه عن نشأته والتحاقه بالخلوة وكيف تبتل في حبها وذكرياته عن المشايخ وعن زملائه من الحيران في ذلك التاريخ البعيد حيث تشعر بأنه تسيل دموعه باكياً وهو يتذكر تلك الصحبة المؤمنة مشايخ الخلوة والحيران ويتحدث عن بلاغة الشيخ وبديهته الحاضرة وهو يرمي إلى مائة حوار في سور مختلفة يتلو الحوار قائلاً أفحسبتم إنما خلقنا عبثاً ويكملها له الشيخ قائلاً وإنكم إلينا لا ترجعون ويقول آخر إنما الخمر والميسر ويكملها الشيخ رجس من عمل الشيطان وهكذا نجد الشيخ يرمي لمائة حوار هكذا تجول بنا الإمام في ذكرياته عن الخلوة والقرآن الذي جعله حديثه وكلامه وقد أبدع في تصوير ذكريات خلاوي القرآن في الشمال ثم ذكر في كتابه ذكرياته عن زيارته ومعه مجموعة من العلماء لولاية نهر النيل حيث زار خلاوي شندي وكبوشية ثم زار خلوة الضروسة بنهر عطبرة وأذكر من أصحابه الشيخ الكاروري وأحد أبناء البرير البررة البار بالقرآن وبأهله وقد كانت زيارته لتلك الخلاوي أثارت شجونه القديمة نحو خلاوي القرآن في شمال السودان. ثم تطرق لزيارته لمنطقة دنقلا والغدار وهي مسقط رأسه وزيارته كانت بصحبة المرحوم الزبير محمد صالح نائب الرئيس في ذلك التاريخ ويجول بنا في صفحات كتابه عن رواية القرآن رواية حفص ثم عاد بنا إلى عهد الصحابة حيث أمر سيدنا عثمان بن عفان الخليفة الثالث بجمع القرآن في المصحف وكيف أنه كلف بعض الصحابة أمثال زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وهم من الحفظة وقاموا بجمع القرآن وعادوا بالمصحف الذي أودعه سيدنا عمر بن الخطاب عند ابنته حفصة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم وهكذا كان كتاب العودة الحلوة رائعاً وأبدع في الخلاوي التي يحبها منذ نشأته شاهدت الشيخ أحمد علي الإمام المرة الأولى في عزائه لنا في وفاة الابن البشرى سمكول بأم درمان وتكلم يعظنا عن الموت والقبر حتى سالت دموع الناس جميعاً لأنه يعظ من قلبه وإيمانه ثم شهدته مرة ثانية في عزاء والدة الفريق بكري حسن صالح وهو يعظ الناس ثم شهدته حينما جاء لنهر عطبرة بالطائرة ليفتتح مسجد الضروسة بنهر عطبرة في يوم جمعة طيبة هذه مشاهداتي له ولكنني معه في الإذاعة والتلفاز وهو يفسر القرآن وقد أسعدني الآن أن أحاديثه وتفسيره للقرآن مستمر في الإذاعة والتلفزيون وهكذا رحل مقيماً وترك علماً وقرآناً والذي أسعدني كلما أحضر ختمة للقرآن بمنطقة الطائف وشرق الخرطوم أجد الجميع يدعون للشيخ أحمد علي الإمام ومثل هذا الشيخ لم يمت وإنما هو بيننا يتحدث قرآنًا يمشي على الأرض صباح مساء رحمه الله وأسكنه الجنة وقد رحل وهو يحمل زاده وعتاده.