في سبتمبر 2012م كتب خبير مياه النيل الدكتور أحمد آدم ورقة علمية ضافية باللغة الإنجليزية ولأهميتها العلمية رأيت ترجمتها لتعم الفائدة الجميع!!.. جاء في الورقة خلفية إنشاء السدود حين قرَّر الرئيس المصري جمال عبد الناصر إنشاء السد العالي على نهر النيل في أسوان بمساعدة الاتحاد السوڤيتي، وقد قاد هذا الأمر الإمبراطور هيلا سيلاسي إلى الذهاب إلى أمريكا لتنمية النيل الأزرق. وفي عام 1964م قدمت الوكالة الأمريكية للإصلاح «United states Bereau of Reclamation» مشروعاً لتنمية آبي «اسم النيل الأزرق في إثيوبيا» ويضم المشروع ثلاثة وثلاثين مشروعاً للري والتوليد المائي. ما يهم في هذه المشروعات أربعة مشروعات لتوليد الكهرباء وهي سد كاردوني «1950 ميقاواط» وسد مابل «1300 ميقاوات» وسد مندايا «1625 ميقاواط» وسد بوردر «1400 ميقاوات» والأخير تغير اسمه إلى سد النهضة وهو قريب من الحدود السودانية.لا شك أن إثيوبيا تمتلك إمكانات هائلة لتوليد الكهرباء المائي «45000 ميقاوات» وتأتي في المرتبة الثانية بعد الكنغو الديمقراطية!! في أوائل تسعينيات القرن المائي تقدمت إثيوبيا بطلب لبنك التنمية الإفريقي لتمويل دراسة جدوى للسدود الأربعة المذكورة، وبما أن سريان النيل يؤثر في كل من مصر والسودان أبلغ البنك الهيئة الدائمة المشتركة لمياه النيل بين السودان ومصر للتعليق، وعليه طلبت الهيئة الدراسات المبدئية لجدوى المشروعات، رفضت إثيوبيا بحجة أن معظم مياه النيل تأتي منها «86%» ولذلك رفض البنك تمويل دراسة الجدوى!!. سد النهضة سد صخري بارتفاع 145 مترًا هو أساساً للتوليد الكهربائي، حجم سد بوردر المقترح كان 11 مليار متر مكعب، بينما حجم سد النهضة يعادل 74 مليار متر كعب «تصريف النيل 84 مليارًا» كما أن التصميم النهائي لم يكتمل بعد. أقصى سريان للنيل الأزرق يعادل 5678 متر مكعب في الثانية، وأدناه 191 متر مكعب في الثانية ومتوسط السريان السنوي 48.695 مليون متر مكعب.هندسيًا كما ورد لم تكتمل دراسات السد بعد حتى أن صندوق النقد الدولي انتقد هذه الخطوة وقال يان ميكيلسون الممثل الإقليمي للصندوق: «إني أعتقد أنه يجب إعادة التفكير في بعض المشروعات حتى لا تُمتص إمكانات الدولة الاقتصادية في مشروع واحد، ولو وُجهت كل الإمكانات الاقتصادية لمشروعات قليلة فإن هذه الأموال ستوجه إلى هذا المشروع وليس للتجارة العادية أو البزنيس العادي!!. وبما أن مثل هذه المشروعات تحتاج في المقام الأول إلى الدراسات الجيولوجية ودراسات الهندسة الجيولوجية فقد اتصلت بالدكتور عمر التاج أستاذ الهندسة الجيولوجية بجامعة النيلين وطلبت منه توضيح الرأي الفني الجيولوجي وتفضل بالآتي: إن إفريقيا هي إحدى القارات التي كانت من مكونات القارة الأم التي أطلق عليها قديماً قوندوانا لاند التي تفككت إلى قارات أصغر هي إفريقيا وأستراليا وآسيا ومعظم الجزر الموجودة الآن في البحار والمحيطات ما هي إلا أجزاء من هذه القارات ويعود ذلك إلى نظرية حركة القارات وما يُعرف بالنظرية التكتونية «Tectonic Theory» ومن ثم فإن جميع السواحل وحواف القارات والصفائح المحيطة والقارية في حالة نشاط زلزالي مستمر!!.. هذه المقدمة تقودنا إلى حقائق علمية في غاية الأهمية لا يعرفها إلا المختصون في هذا المجال فالبحر الأحمر محيط في طور التكوين وهو في حالة نشاط تكتوني وسايزمي «زلزالي» مستمر ويتسع سنوياً بمعدل يترواح ما بين 1.54 1.5 سنتمتر في العام بحيث تكون حركة الجزيرة العربية في اتجاه الشمال الشرقي وإفريقيا في الشمال الغربي، ويكون أقصى معدل اتساع جنوب البحر الأحمر عند باب المندب الذي كان من المقترح أن يقام عنده سد ضخم يربط بين إفريقيا وآسيا برعاية عدة جهات دولية في القرن الماضي ولكن أثبتت الدراسات العلمية استحالة التنفيذ نسبة لنشاط البحر الأحمر!!. وينسجم ذلك على امتداد الأخدود الإفريقي العظيم الذي يبدأ من نهر الزمبيزي في ملاوي وينتهي عند البحر الميت وسهل البقاع في الشام. هذا النشاط الدائم أدى إلى انفصال جزيرة مدغشقر عن القارة الأم في عصر جيولوجي سابق، حيث إن سواحل البحر الأحمر في نشاط سايزمي «زلزالي» مستمر ويتميز كذلك بوجود البؤرات الحارة الغنية بالمعادن وآخر هذه البؤرات نتجت عن الهامش القاري لمصر أدت إلى نشاط تكتوني وسايزمي نتج عن تكوين فالق يمتد في الهامش القاري غرباً عبر الصحراء الشرقية متعامداً على جسم السد العالي في جنوب مصر وقد كان أثره على الأساسات الشيء الذي أثار اهتمام العلماء في مصر وقد تم تدارك الأمر قبل استفحاله. في حالة سد النهضة فإن الأمر أخطر من ذلك بكثير، فالأخدود الإفريقي العظيم الذي يضم الهضبة الإثيوبية تمتد منه كسور وفوالق أكبرها يلتقي مع أخدود وسط إفريقيا عند مدينة القضارف، وهذا يعني أن النشاط سيكون من جانبين بمعنى أن هذا الجزء من القارة الإفريقية الذي يشتمل القرن الإفريقي والهضبة الإثيوبية سوف ينفصل عن القارة الأم، طبعاً هذا لن يحدث الآن إنما بعد ملايين السنين، ولكن آثار العمليات المؤدية بالانفصال بالتأكيد سوف تؤثر تأثيراً مباشراً على المنطقة، وعلى مراحل عدة، وتدعيماً لما ذكرت فإن ما يعرف بالسلسلة المحيطية الوسطية «geMid- Oceanic rid» تتفرع عند جزيرة مدغشقر إلى فرع يصل إلى جنوب أستراليا وفرع يدخل البحر الأحمر وفرع آخر هو الأهم بداخل الأخدود الإفريقي العظيم جنوب القرن الإفريقي أسفل الهضبة الإثيوبية كما هو الحال ما بين جزيرة مدغشقر وإفريقيا!!.. الهضبة الإثيوبية هي عبارة عن صخور بركانية الأصل أثرت عليها عمليات التعرية، والتحولات الجيولوجية عبر الزمان والمنطقة التي يقام عليها السد هي منطقة صخور متحولة نتيجة الضغوط لصخور الشيست schitsوصخور تكوّنت نتجية الحرارة كصخور النايس neiss». الصخور الأولى «الشيست» صخور هشة لا تتحمل الضغوط العالية ناهيك عن ضغط الماء لكثرة التشققات ومستويات الانفصال فيها فهي لا تتحمل أبسط أنواع السدود وهي السدود الركامية، أما النوع الآخر فهو يتكوَّن من الفلسبار والكوارتز في شكل تطابقي وهي أيضاً من الصخور المتحولة ولكنه أفضل من النوع الأول. لقد تم حفر أكثر من 45 مترًا للوصول لصخور الأساس «Basement» لوضع أساسات السد «Foundation» ولم يصلوا إليها لذلك قسم السد إلى جزئين شمالي على صخور الشيست ويشكل ثلثي أساسات السد ويميني ويمثل ثلث أساسات السد على صخور النايس على أن يتم وضع التوربينات على الجهة الشمالية وعددها خمسة لضعفها جيولوجيًا وتم وضع عشر توربينات على الثلث الأخير من السد!!.. حجم المياه في بحيرة التخزين خلف السد 74 مليار متر مكعب تخزن على صخور الشيست الضعيفة الهشة الأمر الذي يؤدي إلى تسرب المياه بين الشقوق والفواصل وتصل أسفل السد وتولد قوة تسمى بقوة التعويم أي تعويم السد نتيجتها الحتمية الانهيار كما أنه يحجز كماً هائلاً من الطمى «420 مليون طن سنويًا» ترتكز على جسم السد وهذا يشكل زيادة الضغط الهايدروليكي على جسم السد والنتيجة أيضاً الانهيار. وعموماً فإن تخزين هذه الكمية من المياه في المنطقة يزيد من النشاط التكتوني في المنطقة ويعجل بالنتائج المتوقعة بعد ملايين السنين. هذا الرأي الفني الغائب عن جميع الذين يدافعون عن السد دون سند علمي، وأكثر ما يثير الغرابة هو تصدي بعض المسؤولين وبعض الكتاب للدفاع عن السد دون أن يكون لديهم أدنى خلفية علمية أو حتى سماعية، ونحن حين ننتقد مشروعاً إنما عن علم ومعرفة ومرجعيات علمية ترجع لها حتى نوثق اعتراضنا بالعلم والحقائق العلمية الثابتة!!. ولي عدة أسئلة أطرحها فيما يخص تمويل السد، والذي دعى السفير الإثيوبي في ندوة في الخرطوم الحضور إلى شراء سندات السد من السفارة، كيف تسنى للسفارة بيع سندات مالية دون اللجوء إلى البنك المركزي وسوق الأوراق المالية والتي هي المسؤول الأول والأخير عن تداول السندات المالية، هل بنك السودان يعلم عن هذه السندات أرجو أن يجد الشعب السوداني الإجابة، وهل صادق مجلس الإفتاء وهيئة علماء السودان على بيع سندات ربوبة يحرمها الشرع الإلهي التي هي حرب من الله ورسوله على المرابين وهذه الحرب ستأتينا في شكل زلزال يدمر ما بني على الربا والزلزال هو أول ما تبدأ به القيامة، أرجو كذلك رأي لجنة الإفتاء وعلماء السودان، وإن صمت كل الذين ذكرت فسينطبق علينا ما حدث لقوم نوح فكان أن أغرقوا، أم أنهم سيأوون إلى جبل يعصمهم من الماء حيث لا عاصم ساعتئذ!!.