سيد أحمد عربي محمد كرم الله من أبناء النيل الأبيض قرية ود النجومي بالنيل الأبيض، تخرج في جامعة النيلين بكالريوس في الاقتصاد مرتبة الشرف، هجر الوطن كغيره من أبناء جيله باحثًا عن تحسين وضعه الاقتصادي ويعمل الآن مديرًا ماليًا لشركة (إنصات) إحدى شركات العبيكان القابضة بالمملكة العربية السعودية الطائف، حل علينا ضيفًا خفيف الظل في (نافذة مهاجر) لنتعرَّف على حصاد غربته فكان هذا الحوار: * متى بدأت الغربة وما هي الدوافع والأسباب؟ هجرة السودانيين بدأت منذ مطلع السبعينيات ولكن تزايد العدد بشكلٍ كبير في الآونة الأخيرة خصوصًا في الكوادر المؤهلة، أما عن بداية غربتي فكانت في11/6/2007م وكانت الأسباب والدوافع تحسين الوضع الاقتصادي والمادي وتحقيق جزء من الطموحات وكان وقتها الخيار المناسب المتاح لي بعد تجربة حياة وظيفية في وزارة المالية بالنيل الأبيض ثم وزارة الحكم المحلي إلا الغربة والهجرة عن أرض الوطن. * ماذا أضافت لك الغربة وماذا خصمت منك؟ الغربة تضيف وتخصم من كل شخص عايش التجربة، وعن نفسي أضافت لي خبرات عملية وعلمية كبيرة، وكذلك معرفة ثقافات شعوب مختلفة ومتعددة، والمنافسة القوية في سوق العمل منحتني مزيدًا من التحدي والإصرار والثقة بالنفس والطموح اللا متناهي وتحسين الوضع المادي، وبالمقابل خصمت من حياتي الاجتماعية والأسرية الكثير والكثير وسرقت من سنين العمر دون الشعور بمرور الزمن. * موقف مرّ بك في الغربة ولن تنساه؟ المواقف كثيرة ولكن ما أتذكره تمامًا رحلة في طريق الهدأ وكانت الأمطار تهطل وتتهاوى علينا الصخور والمياه من أعلى قمم الجبال الإحساس كان ما بين الخوف والحذر والتمتّع بمناظر الطبيعة. * ما هي الفوائد التي تعود على السودانيين من القرار الأخير لتصحيح الأوضاع وما مدى إقبال السودانيين عليه؟ بالنسبة للقرارات الأخيرة بشأن توفيق الأوضاع نحن نحترم ونقدِّر قوانين البلد المضيف ويجب التقيُّد بكل الأنظمة واللوائح بكل جوانبها الإيجابي والسلبي والقرار استفاد منه الكثير من السودانيين خاصة الذين كانوا على كفالة شركات في الخط الأحمر وكذلك من عليهم بلاغ هروب والمهن التي كان النظام لا يسمح بتعديلها، وفي الجانب الأخر تضرر بعض الأشخاص الذين كانوا يعملون مع غير الكفيل براتب وميزات أفضل، كما أن سوق العمل أصبح مغلقًا ولا يسمح بالعمل مع غير الكفيل. * حدثنا عن استثمارات المغتربين وما هي العوائق التي تواجههم وهل لك الرغبة في الاستثمار؟ استثمارات المغتربين معظمها يحالفها الفشل في مراحلها الأولى أولاً لأنها فردية وضعيفة في رأس المال، وثانياً عدم استقرار الأوضاع الأمنية والاقتصادية في السودان وثالثًا تعقيد الإجراءات التي تخبط المستثمر وأيضًا بعض الاستثمارات توكل إدارتها لغير المالك للمشروع فتصعب عملية المتابعة والرقابة خصوصًا والمغترب بعيد عنها.. لذلك لجأ المغتربون إلى الاستثمار (الجبان) إن صح التعبير وهو الاستثمار العقاري، وفيما يليني فلدي الرغبة متى ما توفرت لي الفرصة في الولوج للاستثمار. * هنالك مشكلات جمة تواجه المغتربين.. فماذا أنت قائل حول العودة الطوعية، الزكاة، الضرائب، الجمارك، التعليم والصحة؟ المشكلات التي تواجه المغتربين كثيرة ولكن أهمها تعليم الأبناء الذي يرهق كاهل المغترب وما يثير الدهشة لماذا لا يعامل أبناء المغتربون في الدراسة كبقية المواطنين في السودان؟ كذلك خروج المغترب عن سوق العمل في السودان لذلك نجد أول ما يتبادر إلى الذهن ماذا يعمل في السودان بعد هذه السنوات وهل العائد مجزٍ؟ أما بالنسبة للزكاة فهذا حق الله علينا لا جدال فيه والضرائب لا نمانع في دفعها فهذا حق الوطن علينا ولكن ما هو المقابل والميزات التي تمنح لنا كمغتربين لنا إسهاماتنا في جلب عملات صعبة للبلد.. أما الجمارك فتحتاج بصورة عاجلة إلى مراجعة التعرفة الجمركية التي تلعب الدور الأكبر في متغيرات الأسعار وحياة المواطن ولعل سياسة إغراق السوق بالمنتجات التي تدخل عن طرق غير رسمية هي نتيجة ارتفاع التعرفة الجمركية. * ما مدى رضائكم عن جهاز المغتربين والسفارة والقنصلية؟ جهاز شؤون المغتربين بدأ يتلمس هموم وقضايا المغتربين بشكل أفضل مما كان عليه، ونقترح بدلاً من ربط استثناء السيارة المسموح بها للمغترب بعد الخروج النهائي أن يمنح المغترب طيلة فترة غربته سيارة واحدة فقط لا علاقة لها بالخروج النهائي؛ لأنه ربما لا تسمح له الظروف في لحظة الخروج النهائي بامتلاك سيارة يعود بها لبلده، أما السفارة فهي لا تحمي المغترب ولا تمثله في الجهات الرسمية وتدافع عن حقوقه كبقية السفارات الأخرى، والقنصلية بجدة أتمنى أن تخرج من النمط التقليدي القديم والعقيم في الإجراءات وتقديم الخدمات، وأتمنى أن يتم تأسيس مبنى لها يليق بمقام الشعب السوداني ويعكس حضارة وثقافة هذا الشعب العظيم. * هل استطعت أن تحقق طموحاتك من الغربة؟ الحمد لله حققت جزءًا من طموحاتي بدرجة تجعلني راضيًا عن نفسي. * في الختام ماذا تقول؟ على المسؤولين الاهتمام بقضايا المغتربين والاستفادة من مدخراتهم في استثمارات ناجحة تساهم في تنمية البلد، كما نسأل الله أن ينعم السودان بالاستقرار الأمني والاقتصادي. وطني لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنّه * * * نازعتني إليه في الخُلدِ نَفسي